أشجار المستقبل

manhal-raffoul

feather_pen 111 سوريا- منهل رفّول

عندما كانوا ياخذوننا لزراعة الاشجار في الأرض التي تقع على اطراف المدينة والتي خصصت لتكون غابة المستقبل، كنا نسابق خطواتنا بفرح طفولي…

وقتها وزعوا على كل منا غرسة صغيرة وتعاونا كي يزرع كل منا غرسته وشجرته.

tree2

كان مفهوم الزراعة من ارقى المفاهيم التي وعينا عليها، فأن تهب الحياة لتلك الغرسة الصغيرة يعني ان يكون لك في هذه الارض جذر يستمد الحياة منها ويهبك الأمل بأنك موجود ومتجذر في ترابك….

كنا نحلم باشجار المستقبل لتكون رئة المدينة ونستظل بفيئها حين يأتي الصيف. كنا نحلم -حتى وان شاخت اشجارنا- أن نصنع منها اسرّة لأولادنا ومقاعد دراسية واقلاما ملونة واوراقا للكتابة. وكنا على يقين بأن الاشجار تشيخ لكن لاتموت مادامت هناك اجيال تزرع بلا انقطاع، جيل يسلّم الى جيل غرسات صغيرة، ويزرع قبل ان يزرع مفاهيم الزراعة…

m-main

آه يابلدي، كيف هبّت عليك تلك الرياح السوداء والتي احالت حياتنا الى سواد ورماد؟!

حين زرت تلك الغابة، وبعد سنوات طويلة، كانت الرحلة من دمشق الى حلب طويلة، خفف من طولها ذلك الشوق الى غابتي وشجرة غرستها ذات يوم… وكنت آمل أن اراها باسقة عامرة بالخضرة والجمال، وأن اقول لاولادي إن لي في هذه الغابة شجرة زرعتها ذات يوم…

وما ان اقتربنا من الوصول الى الغابة الموعودة، حتى صدمني منظر بقايا الجذوع المقطوعة والتي تلامس التراب!

حبست دموعي في عينيي …

manhal-main-1

 سألت جاري في المقعد المجاور عن السبب في ذلك، فابتسم ابتسامة مرة وقال لي همسًا، وهو يشير الى ورشة على اطراف الغابة: إنها ورشة لصناعة التوابيت…

حينها لم استطع حبس دموعي اكثر، وأدركت ان تلك الاشجار، التي زرعناها عندما كنا صغارًا، لم تكن سوى نعوشنا!

manhal

اترك رد