مدريد – د. محمّد محمّد خطّابي*
ما زالت تترى وتتوالى الدّراسات، وتتعدّد وتتنوّع النقاشات، وتُطرح التساؤلات، والتخوّفات في المدّة الأخيرة عن اللغة العربية، وعن مدى قدرتها على إستيعاب علوم الحداثة، والعصرنة، والإبتكار، والتجديد الذي لا تتوقّف عجلاته ولا تني، وتخوّف فريق من عدم إمكانها مسايرة هذا العصر المتطوّر والمذهل، كما تحمّس بالمقابل فريق آخر فأبرز إمكانات هذه اللغة، وطاقاتها الكبرى مستشهداً بتجربة الماضي، حيث بلغت لغة الضاد في نقل العلوم وترجمتها شأواً بعيداً، كثر الكلام في هذا المجال حتى كاد أن يُصبح حديثَ جميع المجالس، والمنتديات، والمؤتمرات في مختلف البلدان العربية، فهل تعاني العربيّة حقا من هذا النقص..؟ وهل تعيش نوعاً من العزلة لدرجة أنّها في حاجة الى حماية ودفاع ومناقشات من هذا القبيل ..؟
الواقع أنّ اللغة العربية فى العمق ليست في حاجة الى إرتداء ذرع الوقاية يحميها هجمات الكائدين، ويردّ عنها شماتة المتخوّفين، إذ تؤكّد كلّ الدلائل، والقرائن قديماً وحديثاً أنّ هذه اللغة كانت وما تزال لغة حيّة نابضة، اللهمّ ما يريد أن يلحق بها بعض المتشكّكين من نعوت، وعيوب، كانت قد أثارتها فى الأصل زمرة من المستشرقين في منتصف القرن المنصرم، حيث إختلقوا موضوعات لم يكن لها وجود قبلهم، وما كانت لتعدّ مشاكل أونواقص تحول دون الخلق والتأليف والإبداع، وإنما كان الغرض من ذلك إثارة البلبلة بين أبناء هذه اللغة، وبثّ الشكوك فيما بينهم حيالها، وهم أنفسهم يعرفون جيّدا أنّها لغة تتوفّرعلى جميع مقوّمات اللغات الحيّة المتطوّرة الصّالحة لكل عصر، ثمّ هم فعلوا ذلك متوخّين إحلال محلّها لغةَ المستعمِر الدخيل، والتاريخ شاهد على الشأو البعيد الذي أدركته هذه اللغة حيث كان لها الغلبىة وبالتالي تأثير كبير فى إحدى اللغات العالمية الحية الواسعة الانتشارالتي تتباهى اليوم بهذا الإنجاز وهي اللغة الإسبانية :
الضّاد وتأثيرها فى لغة سيرفانتيس
كان للغة الضّاد بالفعل تأثير بليغ في اللغة الإسبانية، حيث إستقرّت فيها العديد من الكلمات العربية الأصل على إمتداد العصور، وهي الآن تعيش جنباً إلى جنب مع هذه اللغة، وتستعمل في مختلف مجالات الحياة وحقول المعرفة المتعدّدة، ممّا يقدّم الدليل القاطع على مدى غنى وثراء وقوّة وجزالة وفحولة وخصوبة هذه اللغة التى ما فتئت تتألق وتتأنق وتنبض بالحياة في عصرنا الحاضر مطواعة مرنة سلسة متفتّحة متسامحة، ينبوع جنان تأخذ وتعطى بسخاء وكرم لا ينضب معينهما.
تعيش اللغة الإسبانية في الوقت الحاضر تألقاً، وإزدهاراً، وقبولاً، وإنتشاراً واسعاً في مختلف ربوع المعمور، ووعياً من الإسبان بما أدركته لغتهم من سموٍّ، ورفعةٍ، و”أوج” حيث يحلو لهم عند الحديث عن إنتشار هذه اللغة والإشعاع الذي أصبحت تعرفه ثقافتهم إستعمال هذه الكلمة العربية بالذات وهي (الأوج)، والتي تُنطق عندهم (Auge)”أَوْخيِ” حيث تُقلب أو تُنطق الجيمُ خاءً، كما هو الشأن في العديد من الكلمات العربية الأخرى المبثوثة فى اللغة الإسبانية مثل : جبل طارق الذي يُنطق عندهم (خِبْرَلْطَارْ)، وكلمة جَبَليّ يُنطق (خبليّ)، وهو “الخنزير البرّي الذي يعيش فى الجبل”، وكلمة الجامع التي تحوّلت عندهم إلى (أَلْخَامَا)، والجرّة غدت (خَارّا)، وهو الدنّ أو إناء الفخار، ونهر “وادي الحجارة”، الذي تحوّل إلى (غْوَادِيلاَخَارَا)…إلخ.”، إنهم يبذلون جهوداً مضنية، ويرصدون إمكانيات كبرى للتعّريف بلغتهم وثقافتها وإظهار كل ما من شأنه أن يبثّ الإعتزاز في ذويها، وأصحابها، وأبنائها، وأحفادها، ومن ثمّ تأتي تلك الندوات والمناظرات التي تعقد في هذا السّبيل في مختلف المناسبات فى إسبانيا تحت الرئاسة الفعلية للعاهل الإسباني الأسبق خوان كارلوس الأوّل، أو نجله العاهل الإسباني الحالي فيليبي دي بوربون، حيث يحرصان على حضور العديد من جلسات أكاديمية مجمع الخالدين للّغة الإسبانية، أو الأكاديمية الملكية للغة الإسبانية، خاصّة عند إنضمام عضو جديد إليها أوعند تكريم أحد الرّاحلين عنها، وتصرف الدولة الاسبانية أموالاً طائلة، ومبالغَ باهظة في سبيل نشر لغة سيرفانتيس وثقافتها والتّعريف بتاريخها، وبآدابها، و فنونها، وتراثها,
الفراهيدي يعانق نيبريخا!
ويهدف التنسيق بين مختلف البلدان الناطقة باللغة الاسبانية في مجال المصطلحات اللغوية والكلمات والتعابير المتداولة والمستعملة في هذه البلدان بغاية توحيدها ومحاربة الدّخيل لجعل حدّ “للغزو اللغوي “الأجنبي، أعدّت أكادمية اللغة الاسبانية بالتعاون مع جميع أكادميات اللغة الاسبانية الأخرى الموجودة في مختلف بلدان أميركا اللاتينية والتي يبلغ عددها 21 أكاديمية لهذه الغاية معجماً أسبانياً فريداً في بابه وهو:”معجم الشكوك الموحّد” بمعنى أنّ أيّ متحدّث أو مستعمل أو مشتغل أو دارس للغة الاسبانية الذي قد يخامره شكّ أو ريبة حول أيّ إستشارة صغيرة كانت أم كبيرة لها صلة بهذه اللغة سوف يجد ضالته في هذا المعجم.
والإسبان واعون بأهمية لغتهم في عالم اليوم، وبالمكانة المرموقة التي أصبحت تتبوّأها في مختلف البلدان، وهم يعلمون كذلك أنّ لغتهم من المنتظر أن تصبح من أكبر وأكثر اللغات الحيّة تأثيراً وإنتشاراً في العالم أجمع في هذا القرن وما بعده. ففي الولايات المتحدة الأميركية وحدها من المنتظر أن يصبح عدد الناطقين بها – حسب التوقعات المستقبلية – ما ينيف على 100 مليون خلال العقدين المقبلين. وتعرف اللغة الاسبانية تقدّماً مهمّا في البلدان العربية وأصبحت تحظى بإقبال كبير من طرف الطلاب والباحثين، وهي تدرّس اليوم في مختلف الجامعات العربيية، وفي المغرب وحده على سبيل المثال يوجد ما يقارب ستة ملايين من الناطقين بهذه اللغة، كما أصبحت العناية بها تحظى باهتمام متزايد فى مختلف البلدان المقابلة للجزيرة الإيبيرية والمحاذية لحوض البحر الأبيض المتوسّط جنوباً نظراً لعوامل تاريخية وحضارية وثقافية بين إسبانيا وهذه البلدان بحكم الجيرة والجغرافية والتاريخ .
ويرى الملاحظون أنّ تقدّم اللغة الاسبانية وتألقها وإنتشارها في عالم اليوم ليس وليد الصّدفة، بل يرجع لعدّة عوامل تاريخية وثقافية وحضارية، ذلك أنّ نصف قارة بأكملها تتحدث هذه اللغة (أميركا الجنوبية). كما أنّ “الأوج” الذي تعرفه اللغة الاسبانية في العالم حقق للثقافة الاسبانية إنتشاراً فى مختلف أنحاء المعمور وحضوراً مهمّاً في العديد من المحافل العالمية في مجال النشر، والتأليف، و المسرح، والفنون التشكيلية، والموسيقى، والشعر، والأدب وأخيراً في السّينما .
وتتعاون إسبانيا مع شقيقاتها ببلدان أميركا اللاتينية الناطقة بهذه اللغة في هذا الإتجاه لتقوية وتعزيز الهويّة الثقافية فيما بين هذه البلدان باعتبارها من الأواصر القوية التي سوف تعمل على تحقيق تقارب أكبر وتعاون أوثق فيما بينها، فى مختلف المجالات، وقد قامت هذه البلدان بالاضافة الى معجم الشكوك اللغوية الموحّد بإصدارأوّل معجم لتوحيد النّحو الإسباني كذلك. والإسبان وإلى جانبهم سكان البلدان الناطقة باللغة الاسبانية على وعي تامّ بأنّ هذه الجهود لابدّ أن تؤتي أكلها إذ لابد أن يعقبها ذيوع وإنتشار أوسع للغتهم. وثقافتهم وبالتالي تقدّم إقتصادي وإزدهار سياحي خاصّة وأنّ إسبانيا تعتبر من أكبر البلدان السياحية في العالم إذ تعرف هذه الصناعة عندهم تقدّماً هائلاً وتطوّراً مذهلاً، وتعتبر المآثر والمعالم الحضارية الإسلامية في الأندلس عنصراً هامّاً فى جذب السّياح من مختلف أنحاء العالم مثل قصر الحمراء بغرناطة (وهو المعلمة العربية الأولى في إسبانيا الأكثر مشاهدة من طرف السياح الأجانب)بالاضافة إلى العديد من القصور والحصون والمعالم التاريخية الأخرى في مختلف المدن الاسبانية كصومعة لاخيرالدا، بمدينة إشبيلية (توأم أختيْها صومعة “حسّان” فى الرباط، و”صومعة الكتبية” بمراكش، )فضلاً عن برج الذهب في إشبيلية كذلك، و مسجد الجامع الأعظم في قرطبة الفيحاء، وقصر الجعفرية بمدينة سراقسطة وسواها من المآثرالعمرانية والمعمارية الأخرى .
“نيبريخا ” وهو أحد واضعي أوّل أشهر معجم في اللغة الإسبانية أي إنه يعتبر بمثابة الفراهيدي ومعجمه “العيْن” فى لغة الضّاد، يقول في مقدّمة معجمه مخاطباً الملكة الكاثوليكية إزابيلا: “اللغة القشتالية (الإسبانية نسبة الى قشتالة) كانت باستمرار رفيقة الإمبراطورية الإسبانية”، يريد نيبريخا أن يقول بهذا المعنى” أنّ اللغة سلاح أو وسيلة أوّلية وأساسية لا يمكن أن يحلّ محلها شئ آخر لتأكيد الهويّة، والجذور، والحضور، ورفع صروح الحضارة لأيّ أمّة، وهي تعني كذلك مغزى الوجود الاسباني في أبعد الآفاق”(يقصد أميركا اللاتينية والبلدان التي كانت خاضعة للتاج الإسباني في ذلك الإبّان).
تاريخ إسبانيا واللغة العربية
يؤكّد الدارسون أنه لا يمكن الحديث عن “أوج” اللغة الاسبانية وتراثها وغناها وإنتشارها دون التطرّق إلى الينابيع التي تستمدّ منها أصولها هذه اللغة، فعلى الرّغم من جذرها وأثلها اللاتينيين، فإنه معروف لدى جميع جمهرة الباحثين وغير الباحثين مدى التأثير الذي أحدثته لغة الضّاد في هذه اللغة على إمتداد القرون الثمانية التي كانت الغلبة فيها من دون منازع لها في شبه الجزيرة الإيبيرية منذ الفتح الإسلامي عام 711 م إلى سقوط آخر معاقل الدولة الإسلامية في الأندلس وهي غرناطة 1492م، بل لقد إستمرّ الوجود العربي بالاندلس حتى القرن السادس عشر عندما تمّ طرد وإبعاد آخر الموريسكيين الذين ظلوا متستّرين في المدن والقرى والمداشر والمدائن الأندلسية، وقد بلغ عددهم عشرات الآلاف عام1609وهكذا لا ينبغي إطلاق الكلام على عواهنه في هذا المضمار، بل يجب إعطاء كل ذي حق حقه، ووضع الأمور في نصابها إحقاقاً للحقّ وللتاريخ وحفاظاً للأمانة العلمية.
يؤكّد جميع الباحثين والمؤرّخين والمثقفين إسباناً كانوا أم غير إسبان هذا التأثير البليغ والعميق الذي أحدثته الحضارة الإسلامية في الأندلس، ليس في ميدان اللغة وحسب، بل في مختلف مناحي الحياة كما هو معروف بما لا يترك مجالاً للشكّ، وقد سلّم العديد من هؤلاء المثقفين الإسبان بالخصوص بهذه الحقيقة، بل ذهب بعضهم أبعد من ذلك حيث أكّد الرّوائيان الإسبانيان خوان غويتيسولو، وأنطونيوغالا وقبلهما شيخ المستشرقين الإسبان إميليوغارسيا غوميس وسواهم أنّه “يستحيل فهم وإستيعاب تاريخ إسبانيا وثقافتها ولغتها على العموم فهماً وإستيعاباً حقيقيين دون معرفة اللغة العربية “. وهكذا يؤكّد “غالا” بالحرف فى هذا السياق : “أن اللغة بالنسبة له أساسية، بل إنها هوَسه وقدَره، وهو يعمل محاطاً بالعديد من القواميس لأنّ اللغة الإسبانية في نظره هي لغتان أو فرعان اثنان، فرع ينحدر من اللغة اللاّتينية، وفرع آخر ينحدر من اللغة العربية، لدرجة تبعث القشعريرة في الجسم”، ويشير غويتيسولو فى نفس الإتجاه : ” إنه يستحيل فهم وإستيعاب تاريخ إسبانيا وثقافتها دون معرفة اللغة العربية، إذ كلّ ما يتداول حول هذا التاريخ وصلنا مُترجَماً، والترجمة هي نوع من الخيانة كما يقول المثل الفرنسي” .الحاجة إذن ماسّة إلى ضرورة القيام بدراسة علمية، تاريخية، تحليية معمّقة لهذه البدهية في الجامعات، والأكاديميات، والمعاهد العليا التي لها صلة بهذا الموضوع، فضلاً عن مختلف المؤتمرات، والندوات، والتظاهرات التي تُنظّم بين الوقت والآخر حول اللغة العربية، وحول التأثير المتبادل بين هذه اللغة أو تلك.
الكاتب الاسباني الراحل “كاميلو خوسّيه سِيلا ” الحائز على جائزة نوبل في الآداب، فاته – ذات مرّة- وهو يحاضر في مؤتمر عالمي حول الرّوافد التي أثّرت في اللغة الاسبانية الإشارة صراحة إلى هذه الحقيقة البدهية، وإبراز فضل اللغة العربية على الاسبانية، وهو الذي كان يستعمل في حديثه اليومي وكتاباته ورواياته عشرات الكلمات العربية أو من أصل عربي، بل هو الذي وضع رواية تحمل عنواناً عربياً واضحاً وهي روايته المعروفة “رحلة إلى القارية”، والقاريّة من السّنام أعلاه وأسفله، أو القرية، إلاّ أنّ هذا الكاتب سرعان ما عاد واعترف خلال ندوة دولية أخرى أنّ لغتنا العربية ستصبح في قريب الأعوام من أولى لغات العالم أهمية وإنتشاراً حيث قال بالحرف الواحد: “نحن الإسبان وسكان أميركا اللاتينية نعرف جيّداً أننا أصحاب لغة سوف تصبح في المستقبل القريب من أعظم اللغات الحيّة في العالم، وأنتم تعرفون اللغات الثلاث الباقية وهي الإنجليزية والعربية والصينية”.
الضّاد ولغة سيرفانتيس
وحسبنا أن نشير فى هذا الصّدد إلى التعايش المتناغم الذي كان قائماً بين اللغة العربية واللغة الإسبانية خلال التواجد الإسلامي بشبه الجزيرة الإيبيرية وبشكل خاص فى الأندلس، حيث تعايشت هاتان اللغتان جنباً إلى جنب، للغتنا الجميلة تأثير بليغ فى لغة سيرفانتيس كما هو معروف، وبحكم هذه المعايشة يشير المستشرق الإسباني القرطبي الدكتور “أنطونيو مانويل رودريغيس رامُوس” يشير فى إحدى تخريجاته الباهرة حول موضوع الكلمات الاسبانية ذوات الأصول العربية :” إن اللسان الإسباني مطبوع بالتأثير العربي بشكل مُبهر” ويسوق بعض الكلمات والمصطلحات العربية التي استقرّت فى لغة سيرفانتيس والتي ما زالت تستعمل الى اليوم فى مختلف المجالات مثل : كلمات Jaram التي لا يقول المعجم الاسباني عنها أيّ شيء وأنها من جذر مجهول وهي فى الواقع من أصل عربي وهو (حرام) وjarana تعني (فرح لبس) أوFarahlibs (وهو اللباس الذي ترتديه عادة راقصات الفلامينكو )، ويقول المستشرق الاسباني أنّ Feria، تنحدر من الفرح وMarfario هو الفرح غير المكتمل، ويضيف هذه الكلمات كلها يتيمة فى المعجم الاسباني، وكلمة “الفلامينكو” هي الأكثر يتماً فى هذا المعجم وهي تنحدر من كلمة (الفلاح المنكوب) وهي من العربية الموريسكية، ويضيف الباحث الاسباني أن بني طينته أصبحوا كمن أصيب بمرض الزهايمر اللعين فهم ينظرون الى المرآة ولكنهم لا يعرفون أنفسهم، إنهم حتى ولو حاولوا بتر أطراف منا فلن يكون فى مقدورهم محو تاريخنا وذاكرتنا وحضارتنا، بل لقد بلغ بهم الأمر أن رحّلوا وهجّروا عنوة ًوقسراً وقهراً العديد من الموريسكيين، كما أنهم أضرموا النيران فى كتبنا (وحادثة باب الرملة) بغرناطة أشهر من نار على علم، حيث أضرم الكاردينال سيسنيرون النيران فى الآلاف المؤلفة من الكتب والمخطوطات العربية فى هذه الساحة التي ما زالت موجودة الى يومنا هذا، وهذه جريمة لا تغتفر وأمر يُؤسف له حقّاً .
ذاكرة الموريسكيين والدكتور رامُوس
تجدر الإشارة أن هذا المستشرق الإسباني القرطبي الدكتور “أنطونيو مانويل رودريغيس رامُوس” الذي تربطني به صداقة متينة كان قد شارك معنا منذ سنتيتن فى المؤتمر الدولي حول الموريسكيين الذي نظمته بالرباط وأشرفتْ عليه ” مؤسّسة ذاكرة الموريسكيين ” الذي يرأسها ويشرف عليها الصديق الدكتورمحمد نجيب لوباريس، ومنذ ذلك المؤتمر الدولي حول الموريسكيين أصبحتُ عضواً فى هذه المؤسّسة الرصينة، وخلال المؤتمر المذكور تعرّفت على هذا الباحث الإسباني الهائم والمتيّم بالحضارة الأندلسية وتاريخها التليد، وقد تطرّق خلال الملتقى المذكور إلى العديد من المعاني والمصطلحات والمسمّيات والأسماء التي تنحدر من أصول عربية التي استعملت معظمها مراراُ فى العديد من مقالاتي ودراساتي وأبحاثي عن الأنلس. ولقد عملت لسنوات عديدة (عشر سنوات)قبل إلتحاقي بالسلك الدبلوماسي المغربي خبيراُ بمكتب تنسيق التعريب فى العالم العربي التابع للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم بالرباط (أليكسو أو يونيسكو العرب)، وكنت أشرف على تحرير المجلّة المتخصصة الكبرى الرصينة التي كانت تصدر عن هذا المكتب الدولي والتي ما زالت تصدر إلى يومنا هذا وهي ” اللسان العربي”كما كنت مشرفاً على أقسام ثابتة فيها ونشرتُ بها الكثير من المقالات حول الأندلس وتارخها الزاخر، وكنا فى المكتب كثيراً ما نتوصّل باستفسارات من الطلاب وبعض المستشرقين والمستعربين والدارسين الإسبان يسألوننا عن أصل وأثل العديد من المصطلحات الإسبانية التي تنحدر من اللغة العربية واستقرّت فى لغة سيرفانتيس .. وإن العديد من التعابير والمصطلحات والمسمّيات التي وردت فى هذا العرض القيّم إستقرّت وما زالت مبثوثة فى اللغة الإسبانية وهي من أصل عربي أندلسي، ومن الكلمات التي لصقت ولزمت ذاكرتي كلمة كنت أقرأها عندما أمرّ بجانب مدينة Jaen… نسبة الى القاضي جيّان .. وكان مكتوباً على اللوحة كلمة IZNALOZ . لم أستطع فكّ لغز هذه الكلمة إلاّ عندما قرأت كتاب السفير المغربي ابن عثمان المكناسي (الإكسير فى فكاك الأسير” حيث شرح لي أن هذه الكلمة تعني ” حِصْن اللوز” وبعد ذلك أصبح يُكتب فى المعاجم الإسبانية ما يلي: (Iznalloz del árabe hisn al-lauz o ‘castillo del almendro) وكانت مفاجأتي أكبر عندما اكتشفت أنه فى هذا المكان تكثر فعلاً أشجار اللوز..!
كلمات اسبانية من أصول عربية
يشير عدلي طاهر نور في مقدمة كتابه “كلمات عربية في اللغة الاسبانية”: أنه لا جدال في أنّ اللغة العربية ظلت لعدّة قرون في النصف الثاني من العصر الوسيط لغة الحضارة السّائدة في العالم، ولا عجب أن نسمع” ألبارُو القرطبي” في القرن التاسع الميلادي يستنكر إنصراف الاسبان في شبه الجزيرة الإيبيرية عن دينهم ولغتهم، ويندّد بشغفهم بعلوم العرب وباللغة العربية وآدابها، وإنفاقهم الكثير في سبيل إقتناء كتبها، وهو لا يجد بين ألف منهم شخصاً واحداً يستطيع أن يكتب باللاّتينية خطاباً صحيحاً إلى صديق له”.
ويؤكد الباحث المكسيكي ” أنطونيو ألاتورّي ” فى كتابه ” ألف سنة وسنة من تاريخ اللغة الاسبانية: “انه عندما عمد إلى كتابة الفصل المتعلق بتأثير الحضارة واللغة العربيتين في اللغة الاسبانية، وصار ينقّب في الوثائق والمراجع تيقّن له أنّ شيئا غير عادي كان يحدث له، حيث وجد نفسه يربط التاريخ باللغة” . ويضيف : “لقد بهرني العهد المتعلق بوجود المسلمين في إسبانيا، بل إنني شعرت بإنجذاب كبير نحو هذا العهد، وإنّ أبرز ما إسترعى إنتباهي، وسيطرعلى مجامعي في هذا العهد الزاهر هو التسامح، فالعرب والأمازيغ بعد أن إستقرّوا في اسبانيا لم يكونوا ذوي عصبيّة، بل إنهم جعلوا مبدأ التسامح ديدنهم، فساد هذا المبدأ في إسبانيا إبّان وجودهم بها، كان الناس يعيشون في رغد ورفاهية من العيش، لدرجة أنّ كثيرا من سكان إسبانيا القدامى أصبحوا منسجمين معهم بطريقة عفوية وتلقائيّة، لقد وجدوا طريقة الحياة عندهم مريحة وجميلة، وإتّسمت مظاهر العيش بالرقيّ والازدهار في مختلف مناحي الحياة”. ويضيف ألاتورّي:” إنّ هناك شهادة الفيض الهائل من الكلمات العربية التي دخلت وإستقرّت في اللغة الاسبانية ليس قهراً ولا قسراً، بل لقد تقبّلها الناس طواعيةً واختياراً، لقد كان المسلمون الذين عاشوا في إسبانيا بحقّ أساتذة الغرب ” .
أميركو كاسترو وتأثير لغة الضاد فى الاسبانية
خلال التواجد العربي بشبه الجزيرة الإيبيرية وبشكل خاص فى الأندلس، تعايشت كلّ من اللغتين العربية والأمازيغية جنباً إلى جنب، بل لقد كان لهما تأثير بليغ فى لغة سيرفانتيس، وبحكم هذه المعايشة هناك العديد من الكلمات العربيّة والأمازيغيّة التي استقرّت فيها، يرى المُستشرق أميركو كَاسْترُو أن معظمَ الكلمات الإسبانية التي لها علاقة بالعدّ، والقياس، والأكل، والسّقي، أو الريّ، والبناء، كلها من أصل عربي، فَمَنْ يبني البِنَاء؟ ألبانييل ( Albañilبالإسبانية) وهو البَنَّاء، أو الباني، وماذا يبني؟ القصرAlcázar، القبّة Alcoba، السّطح Azoteaأوالسقف (وهي بالتوالي تُنطقُ في الإسبانية : ألكَاسَرْ، ألْكُوبَا، أسُوطييّا). وكيف وبماذا يسقي أو يروي الأرضَ؟ بالسّاقية Acequia، والجُب Aljibe، وألبِرْكَة Alberca (و هي تُنطق فى الإسبانية):أسِيكْيَا، ألْخِيبِي، ألبيركَا. وماذا نأكل بعد ذلك؟ السكّرAzúcar، الأرزArroz، النارنج Naranja، الليمون Limón، الخُرشُف Alcachofa، التّرمُس Altramuces، السّلق Acelgas، السّبانخ Espinacas( وهي تُنطق فى الإسبانية بالتوالي: أسوُكار، أرّوث، نارانخا، الليمون، الكاشُوفا، ألترامويسيس، أسيلغا، إيسبيناكاس). وبماذا تزدان بساتيننا، أوتُزَيَّنُ حدائقنا..؟ بالياسمين، Jazmín والزّهرAzahar، والحبَق Albahaca، وتُنطق بالإسبانية: أثهَار، خَاثْمين، وَألبَهاَكا، ) بالإضافة إلى العديد من الكلمات الأخرى التي لا حصر لها كلّها دخلت وإستقرّت فى هذه اللغة، وما فتئت الألسنُ تلوكها، والمعاجم تثبتها، وتنشرها، وتتباهى بها، والكتب والتآليف والمجلدات، والأسفار، والمخطوطات، والوثائق، والمظانّ تحفل بها من دون إنقطاع إلى اليوم سواء فى إسبانيا، أو ما وراء بحر الظلمات فى مختلف بقاع، وضِيَع، وأصقاع العالم الجديد.
وهناك كذلك العديد من الكلمات الأمازيغية التي إستقرّت بدورها فى اللغة الإسبانية مثل (تَزَغّايثْ) أو الزغاية Azagaya (وتعني الرّمح الكبير)، وإستعملها كولومبوس فى يومياته، بصيغة الجمع Azagayas (الزغايات) وهي موجودة، ومُدرجة فى معجم الأكاديمية الملكية للّغة الإسبانية، وغير موجودة فى المعاجم العربية لا “لسان العرب” ولا “مقاييس اللغة” ولا “الصّحّاح في اللغة” ولا “القاموس المحيط” ولا “العُباب الزّاخر” لا فى صيغة المفرد، ولا فى صيغة الجمع، مِمّا يدلّ الدلالة القاطعة على أصلها وأثلها الأمازيغي حسب ما يؤكّد المُستشرق الهولاندي المعروف (رَيِنْهَارْت دُوزِي: Reinhart Dozy)، وكلمة (آشْ) تُجمع ب “أشّاون” وتعني القرون ومنها إسم مدينة المغربية (الشّاون)، ويؤكّد صاحب “الإحاطة فى أخبار غرناطة ” لسان الدين إبنُ الخطيب أنّ النّهر الوحيد فى شبه الجزيرة الإيبيرية الذي يحمل إسماً أمازيغياً هونهر”وادي آش” أيّ وادي القرن وهو فى الإسبانية “Guadix “، أو “río de Acci”، “Wadi Ash”، ” río Ash ” بالقرب من مدينة غرناطة وهناك “مدينة آش”.إلخ (وهكذا الأمر مع العديد من الأسماء المتعلقة بالقبائل وبعض الضّيع والمدن مثل مدينة Teruel الإسبانية (بالقرب من مدينة سراقسطة)المقتبسة من إسم مدينة ” تروال” المغربية بالقرب من مدينة وزّان(وسط المغرب)(وهي من قبائل بربرصنهاجة)، ومدينة Albarracín بالقرب من ترويل الإسبانية، ويرجع إسم هذه المدينة الى القبيلة البربرية “بني رزين” التي عاشت بها وإستقرت في ربوعها في القرن الثالث عشر، وآخر ملوكها حُسام الدّولة الرزيني، وهي تنحدرمن” بني رزين ” وهي قرية أمازيغية جبلية مغربية والكائنة فى الطريق السّاحلي الرّابط بين تطوان والحسيمة شمال المغرب، .ومنها كلمات مثل Gomera من “غمارة” وهي عند الإسبان إسم جزيرة فى الأرخبيل الكناري، de Gomera Vélez وهذه الكلمة من إسم ” بادس” وهو(إسم شبه الجزيرة المحتلة الكائنة بجوار شاطئ ” قوس قزح” وبني بوفراح ونواحيها بإقليم مدينة الحسيمة)، وإليها يُنسب الوليّ الصّالح أبو يعقوب البادسي، الذي ذكره إبن خلدون فى مقدمته بكل تبجيل، كما تحمل إسمَه الكريم أعرقُ ثانوية فى جوهرة البحر الأبيض المتوسّط مدينة الحسيمة، وإسم بادس مُستعمَل بكثرة فى إسبانيا مثل:Vélez Rubio, Vélez Malaga,Velez Benaudalla,Velez Blanco ,Rio Vélez, إلخ، ناهيك عن أسماء المنتوجات، والصنائع التي أدخلها المسلمون إلى أوربا فى مختلف الحقول والمجالات وما أكثرها.
كولومبوس والعربية
ومن أطرف ما يمكن أن يحكىَ فى مجال التأثير اللغوي العربي فى المجتمع الإسباني، هو أنّه حتى كريستوفر كولومبوس نفسه إستعمل كلمات عربية وأمازيغية فى يومياته ليس فقط تلك التي لها علاقة بميدانه أيّ علوم البحر، ومعارف الإبحار بل فى المسمّيات اليومية العادية، ويكفي أن نستدلّ فى هذا الشأن بالفقرة الأخيرة من يومياته بعد وصوله إلى اليابسة، وهي الفقرة التي تحمل تاريخ السبت 13 أكتوبر1492 حيث يقول :”وعند الصّباح حضر إلى الشاطئ عدد غفير من هؤلاء القوم، ثمّ قدموا فى إتّجاه المركب بواسطة (المعدّيات) فى الأصل الإسباني كما نطقها كولومبوس(ألميدياس)، (مفردها المعديّة وهي كلمة أوردها معجم الدكتور عدلي طاهر نور فى كتابه الآنف الذكر، وهي زورق صغير يعبر عليه من شاطئ إلى آخر، ومنها عدوة الأندلس، أو عدوة مدينتي سلا والرّباط على نهر أبي رقراق)، ثم يقول :”وإستقدموا معهم لفائف من(القطن)، (وهي كلمة عربية كذلك ونطقها كولومبوس” ألغُودُون” كما تنطق اليوم فى الإسبانية)، وكانوا يحملون (الزغّايات)، وجاءت هذه الكلمة فى يوميات كولومبوس باسم “أزاغاياس” وهي كلمة أمازيغية سبقت الإشاره إليها أعلاه تعني اليوم عند الإسبان الحرْبة القاطعة التي تثبت فى الطرف الأعلى للبندقية التي كان يحملها رجال الحرس المدني)، ويضيف: كما إستقدموا معهم طيور(الباباغايوس)”جمع الببّغاء وهو طائر يُطلق على الذّكر والأنثى، من خصائصه أنّه يُحاكي كلامَ الناس”، وهكذا نجد فى فقرة قصيرة جدّاً من هذه اليوميات الكلمات العربية والأمازيغية التالية: (المعديّة، القطن، الزغّاية، الببّغاء)، بل إنّ كولومبوس نفسه كان يحمل لقباً عربياً وهو” أمير البحر” وينطق فى الإسبانية مُحرّفاً بعض الشئ (ألميرانتي)، وما زال هذا اللقب يُستعمل فى الإسبانيّة إلى اليوم .
المستشرقون ولغة الضّاد
العالم يركض ويجري من حولنا، والحضارة تقذف إلينا بعشرات المصطلحات والمستجدّات يومياً.والإختراعات تلو الإختراعات تترى فى حياتنا المعاصرة..ونحن ما زلنا نناقش ونجادل فى أمور كان ينبغى تفاديها أو البتّ فيها منذ عدّة عقود، ترى كيف يرى كبار المستشرقين الثقات هذه اللغة بعد إنصرام هذه القرون الطويلة التي لم تنل من قوّتها و زخمها وعنفوانها حبّة خردل..؟ إنها ما زالت كما كانت عليه منذ فجرها الأوّل لم يستعصِ عليها دينٌ ولا عِلمٌ ولا أدبٌ ولا منطق، إنّها ما زالت مشعّة، نابضة، خلاّقة، مطواعة معطاء، لقد شهد لها بذلك غير قليل من الدّارسين والمستشرقين، وإعترفوا بقصب السّبق الذي نالته على إمتداد الدّهور والعصورفى هذا القبيل . يقول المستشرق الفرنسي” لوي ماسّنيون” فى كتابه (فلسفة اللغة العربية): “لقد برهنت العربية بأنّها كانت دائما لغةعلم، بل وقدّمت للعلم خدمات جليلة باعتراف الجميع، كما أضافت إليه إضافات يعترف لها بها العلم الحديث، فهي إذن لغة غير عاجزة البتّة عن المتابعة والمسايرة والترجمة والعطاء بنفس الرّوح والقوّة والفعالية التى طبعتها على إمتداد قرون خلت، إنها لغة التأمل الداخلي والجوّانية، ولها قدرة خاصّة على التجريد والنزوع إلى الكليّة والشمول والإختصار..إنها لغة الغيب والإيحاء تعبّر بجمل مركزة عمّا لا تستطيع اللغات الأخرى التعبير عنه إلاّ في جُمَلٍ طويلة ممطوطة”. إنّه يضرب لذلك مثالاً فيقول:” للعطش خمسُ مراحل فى اللغة العربية، وكلّ مرحلة منه تعبّر عن مستوى معيّن من حاجة المرء إلى الماء، وهذه المراحل هي: العطش، والظمأ، والصَّدَى، والأُوّام، والهُيام، وهو آخر وأشدّ مراحل العطش، وإنسان “هائمٌ” هو الذي إذا لم يُسْقَ ماء مات”، ويضيف ماسّينيون :”نحن فى اللغة الفرنسية لكي نعبّر عن هذا المعنى ينبغي لنا أن نكتب سطراً كاملاً وهو”إنه يكاد أن يموت من العطش” ولقد أصبح “الهيام”(آخر مراحل العطش وأشدّها)كناية عن العشق الشّديد. وآخر مراحل الهوى، والجوى، والوله، والصّبابة.
ويقول ارنست رينان: “مــن أغــرب الـمـدهـشـات أن تـنـبـت تـلـك اللـغـة الـقـومـيـة، وتـصـل إلـى درجـة الـكـمـال وسط الصحاري عند أمة من الرحّل.. فاقت أخواتها بكثرة مفرداتها ودقة معانيها وحُسن نظام مبانيها”. ويرى “بروكلمان” أنّ معجم اللغة العربية اللغوي لا يضاهيه آخر في ثرائه. وبفضل القرآن بلغت العربية من الاتّساع إنتشاراً تكاد لا تعرفه أيُّ من لغات الدنيا. ويرى “إدوارد فان ديك”: أنّ العربية من أكثر لغات الأرض ثراءً من حيث ثروة معجمها و إستيعاب آدابها”. المستشرق الهولاندي “رينهارت دوزي”(صاحب معجم الملابس الشهير): يقول” إنّ أرباب الفطنة والتذوّق من النصارى سحرهم رنين وموسيقى الشّعر العربي فلم يعيروا إهتماما يُذكر للغة اللاتينية، وصاروا يميلون للغة الضاد، ويهيمون بها.” “يوهان فك”: يؤكّد أن التراث العربي أقوى من كلّ محاولة لزحزحة العربية عن مكانتها المرموقة فى التاريخ”. جان بيريك:” العربية قاومت بضراوة الاستعمار الفرنسي في المغرب، وحالت دون ذوبان الثقافة العربية في لغة المستعمر الدخيل”. “جورج سارتون”:” أصبحت العربية في النّصف الثاني من القرن الثامن لغة العلم عند الخواصّ في العالم المتمدين”. وهناك العشرات من أمثال هذه الشهادات التي لم تُخْفِ إعجابها بلغة الضاد يضيق المجال لسردها فى هذا المقال .
****
(*) د. محمد م. خطّابي، كاتب، وباحث، ومترجم من المغرب، عضو الأكاديمية الإسبانية- الأميركية للآداب والعلوم – بوغوتا – كولومبيا .