يقدّم كتاب “الهند ما بعد العام 2020” الصادر حديثاً عن مؤسّسة الفكر العربي في إطار برنامج “حضارة واحدة”، مسيرة النموّ في الهند في القرن الحادي والعشرين وتحدّياته، والفرص الجديدة والتكنولوجيّات الناشئة، التي تجعل النموّ أكثر سرعة وشمولًا. ويقدّم رؤية مستقبلية للإصلاحات المتوقّعة في الهند في مجال تحسين وضع التعليم، وخلق الوظائف، والتنوّع البيولوجي، وإدارة النفايات، والأمن القومي وغيرها من المجالات والملفّات.
الكتاب من تأليف شخصيّتين رائدتين في تطوّر العلوم في الهند، هما: الرئيس أبو بكر زين العابدين عبد الكلام، وهو من كبار العلماء في الهند، وقد أصبح رئيساً لجمهورية الهند بين عامَي 2002 و2007، ويَاغَناسوَامي سُونْدارا راجان، أحد العلماء والمفكّرين في مجال تطوير التكنولوجيا وإدارة التجارة، ويعملُ حالياً بصفته أستاذاً ممتازاً فخرياً في قسم الفضاء لدى المنظّمة الهندية للبحوث الفضائية. تولّى ترجمة الكتاب إلى اللغة العربية أستاذ قسم اللغة العربية وآدابها في الجامعة المِلّية الإسلامية في نيودلهي الدكتور صهيب عالِم، وتمّت مراجعته من قِبَل الأستاذ الدكتور محمد أيوب الندوي، أستاذ الأدب العربي الحديث والترجمة في الجامعة نفسها.
الكتاب الذي يتألّف من خمسة عشر باباً يتضمّن أفكاراً ومقترحات لدفع الهند نحو التقدّم، عن طريق إنجاز الأعمال العِملاقة في مجال الصناعات والخدمات والزراعة، والأبواب هي: الهند في العام 2014، التعلّم من الفرص الضائعة، تسريع النموّ الزراعي، الصناعة: فرص ضخمة، التعدين:إضافة القيمة إلى مواردنا الطبيعية، البنية التحتية: دمّ الاقتصاد وعظامه وعضلاته، التنوّع البيولوجي: التوازن بين الاقتصاد وحماية البيئة، كيمياء الحياة، الشبكات العصبية للاقتصاد المعرفي، من النفايات إلى الثروة، الرعاية الصحية للجميع، الأمن القومي: القوّة والمعرفة واليقظة المستدامة، التعليم لكلّ فردٍ في الهند، التكنولوجيّات الناشئة: اللّحاق بركب التقدّم إلى الأمام، إمكانات الهند: هل يُمكِن للهند أن تفعل ذلك؟
يؤكّد المؤلّفان أنّ حاجة الهند الملحّة لا تكمن في رسم الخطط، بل في اعتماد المنهجيّات الصحيحة لتنفيذ تلك الخطط، وتحديد كيفيّة الوصول إلى الفوائد التي تعود على الأشخاص الذين تستهدفهم. وسعى المؤلّفان إلى صياغة إطار شامل للتنمية المستدامة وتوفير المرافق الحضرية في المناطق الريفية في الهند، وتطوير نظامَيْن فريدَيْن هما “هرم مجتمع المستخدمين” و”رادار التنمية الاجتماعية”.
يسلّط الكِتاب الضوء على الإنجاز الكبير الذي حقّقته الهند في القضاء على شلل الأطفال بنجاح، إلّا أنّ الحفاظ على هذا الإنجاز يبقى مهمّة تحمل القدر نفسه من التحدّي. ويوضح المؤلّفان أنّ الحكومات المتعاقبة التزمت على مدى الستّين سنة الماضية بتحقيق الهدف الوطني المتمثّل في التعليم الشامل، وزادت من مخصّصات الميزانية للتعليم بثبات، ومع ذلك، فإنّ 35% من سكّان الهند البالغين لم يتحقّق لهم معرفة القراءة والكتابة ضمن خطّة “التعليم لكلّ فرد في الهند”.
في العام 1998 قام الدكتور عبد الكلام والدكتور راجان بنشر كتاب “الهند 2020” الذي يُعدُّ وثيقة رؤية للألفيّة الجديدة لرسم صورة الهند، وكيف يُمكِن لها أن تصبح واحدة من أكبر خمس قوى اقتصادية في العالم بحلول العام 2020. وبعد ستّة عشر عاماً، ومع اقتراب العام 2020، أصدر المؤلِّفان كتاباً آخر هو “الهند ما بعد العام 2020″، وذلك لتقييم ما حقّقته الهند حتى الآن، وتحديد ما عليها تحقيقه حتى الآن.
نجح الكتاب في لفت الانتباه إلى مشكلات عدّة تعوّق تطوّرَ البلاد، مثل عدم كفاية البنية التحتية، والأمّية، والأحوال المُزرية للطرق والسكك الحديدية والموانئ، وما إلى ذلك. كما قدّم الكتاب اقتراحات مفيدة لتحسين أوضاع البلاد. ويؤكّد المؤلّفان أنّ الهند ما زالت قادرة على الوصول إلى قائمة الدول المتقدّمة في غضون عقد من الزمن، لكنّ حدوث هذا التحوّل يتطلّب تنفيذ عدد من الإصلاحات. والشيء المهمّ هو أن يتذكّر الشعب الهنديّ أنّ كلّ واحد منهم يجب أن يؤدّي دوره وهو يتطلّع إلى بناء الهند ما بعد العام 2020.
يؤكّد الكتاب على أنّ القرن الحادي والعشرين سيكون شاهداً على هندٍ جديدة متطوّرة، إذا عمل الناس جميعهم بجدّيّة مع القيام بجهد مستمرّ وسعي متواصل لتحسين أوضاعهم وتحويل الهند إلى بلد أحلامهم. وينتهي الكتاب برسم المهمّة التي تتلخّص في خطّة عمل من أربع نقاط تشمل: تأمين المياه لكلّ من المناطق الحضرية والقرى، والعمل من أجل الرخاء الاقتصادي المستدام، وحيازة القيم النبيلة.
****
(*) مؤسسة الفكر العربي.