الأسطورة والتاريخ والأعمال الأدبية الكبرى تبقى حاضرة في أذهان الناس مهما طال الزمن أو قصر.
في رواية “أسطورة صانع الدمى دونوفان دانيلي” (الدار العربية للعلوم ناشرون)، يعيد الكاتب خالد عبد الرحمن السليم إلى مسرح الأدب “أسطورة صانع الدمى” وبطلها دونوفان دانيلي بوصفها رمزاً في صراع الموت والحياة والخير والشر، ويفعل ذلك في قالب حكائي تراجيدي ينقل أجواء أوروبا في القرن الثامن عشر الميلادي، فيسلط الضوء على مجتمع طبقي يتكون من الأسياد والعبيد… أو الأغنياء والفقراء.
بطل القصة دونوفان دانيلي، رجل فقير يقدم وعائلته عروضًا مسرحية خاصة بالدمى الخشبية في شارع الدومو في مدينة ميلانو التي استقر فيها بعد رحلة تشرد طويلة مع زوجته فالنتينا..
وعلى الرغم من صعوبة الحياة يبدأ مرض الطاعون بالتفشي في أوروبا؛ فيصاب ولداه.. “سيرخيو”، و”مونيكا”، وكان العلاج شبه مستحيل لصعوبة الحصول على الجرعات العلاجية في داخل إيطاليا وإنما خارجها من بلدان مجاورة..
ولأن دونوفان وزوجته من طبقة الفقراء طلبا عطف بعض الأثرياء في المدينة ولكنهما لم يفلحا في إقناعهم فمات الولدان من دون أن يستطيعا إنقاذهما.. حتى أنهما لم يستطيعا دفن جثتيهما.. فكانت هذه النهاية الجنائزية على الأم فالنتينا صادمة وانتقامها شديداً!
تُرى لماذا حوّل دونوفان جثتي ولديه إلى دميتين خشبيتين؟ ولماذا حرص على إبقائهما طيلة الوقت بعيدين عن مرأى البشر في القبو، مخبأتين خلف التوابيت المقدسة كما أسماه؟
وما هو اللغز وراء الاختفاء المفاجئ للشخصيات الأبرز والمرموقة في ميلانو؟
لماذا غصّ قبو منزل دونوفان وزوجته بعشرات الجثث البشرية المحولة إلى دمى بشرية؟ وما هو دور عصابة البزة السوداء في تلك الجرائم البشعة؟
وهل تستطيع المحققة فرانسيسكا كشف ملابسات تلك الجرائم.. أم ستدفع ثمناً باهظاً لم تتوقعه؟
والأهم هل سينتصر الخير على الشر ويقام العدل أم العكس؟
قدم الكاتب خالد عبد الرحمن السليم لروايته بكلمة مما جاء فيها: “… ما ورد بين دفتي هذا الكتاب لا يمثل معتقداتي الإسلامية ولا مبادئي وأخلاقي التي تربيت عليها، وإنما هو تصوير ونقل للحدث كما وقع في تلك الدول حتى يُطعم النص بمصداقية وواقعية، (…) شخصية “ساسوري” عقرب الرمال الحمراء من المسلسل الكرتوني المفضل لدي في الطفولة كانت ملهمة لي في هذا العمل، فقد اقتبست بعضاً من أقوالها لتأثري الشديد بها، الشكر وحده لا يكفي للتعبير عن امتناني لكل شخص ساعدني من داخل المملكة أو خارجها وأخص بها الأخوان والأخوات في فريق سرمد للكتابة الإبداعية فلولا الله ثم هم لما خرجتُ بهذا العمل…”.
من أجواء الرواية
“كان قد جلب معه بعض الأدوات الخاصة؛ والتي يستخدمها في عملية تحويل الجثث إلى دمى، إلى قبو البيت، يحب دونوفان أن يعمل وحيداً، فيطلب من فالنتينا الذهاب إلى الغرفة، وسرعان ما أمسك بالمشرط وجرد الجثتين من ملابسهما ثم شق بطنيهما واستخرج الأحشاء والأعضاء من الداخل، وجفف الدماء، ثم انتزع العظام وحشا الجلد والرأس ودعمهما بالخشب، ولم يبق سوى الخطوة الأخيرة؛ وهي تخييط الثقوب التي أحدثها وإضافة الخيوط والحبال إلى أطراف الدمى الجديدة التي قام بصنعها للتو…”.