بناءُ المدارس والمستشفيات والجامعات
لا يقسّم إنّما يجمع
قبل ظهر الأربعاء 27 شباط 2019 استقبل سيادة متروبوليت بيروت وتوابعها المطران الياس عوده وزير الدفاع الياس بو صعب يرافقه وزير العدل القاضي ألبير سرحان وسعادة النائب نقولا نحاس. بعد الزيارة قال الوزير بو صعب:
«تشرّفنا اليوم بزيارة سيادة المتروبوليت الياس عوده. هذه الزيارة كان من المفترض أن تتمّ إثر تشكيل الحكومة، وقد كنتُ طلبتُ موعدًا بتاريخ 4 شباط لأنّ سيّدنا انتُخِبَ متروبوليتًا على بيروت في 5 شباط أي إنّها الذكرى 39 على تسلُّم سيّدنا هذه الأبرشيّة، لكن الظروف شاءت أن يتمّ تأجيل الموعد لتاريخ اليوم بسبب سفر سيادته وسفري.
حضر اليوم أيضًا معالي الوزير القاضي ألبير سرحان، وسعادة النائب نقولا نحّاس، لأنّنا أردنا التطرُّق إلى مواضيع تختصّ بالطائفة الأرثوذكسيّة.
بدايةً، اسمحوا لي التحدّث عن تاريخ 5 شباط 1980، ومعنى استلام سيّدنا الياس عوده أبرشيّة بيروت منذ ذلك التاريخ حتّى اليوم. لقد استلم سيّدنا هذه الأبرشيّة في أصعب الظروف، خلال الحرب الأهليّة، وهو من الأشخاص المؤمنين بالتعايش مع جميع الطوائف، كما أنّه من الأشخاص الذين وقفوا في وجه التقسيم، وكان مشهودًا لمواقفه من جميع الأفرقاء في بيروت خلال تلك الفترة الصعبة التي صمدَ خلالها، فوصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم من تفاهم وحوار مع الآخرين.
سيّدنا الياس عوده هو أحد أعمدة الكنيسة الأرثوذكسيّة الأنطاكيّة، وهو المدافع عن وحدتها وعقيدتها وثقافتها. إنّه رجل إداريّ بامتياز، وإنجازاته الإداريّة في أبرشيّة بيروت شاهدة على ذلك. لا يمكن لأحد أن ينسى توسيع مستشفى القدّيس جاورجيوس وكيفيّة تطويره حتّى وصل ليكون مستشفى جامعيًّا. بنى سيادته كنيسة القدّيس نيقولاوس في الأشرفيّة وأعاد إعمار كاتدرائيّة القدّيس جاورجيوس في وسط بيروت، وطوّر المدارس الأرثوذكسيّة التابعة للأبرشيّة، كما قام بالكثير غير ذلك، وصولاً إلى طلب الترخيص لجامعة القدّيس جاورجيوس، الأمر الذي أصبح واقعًا اليوم.
أتكلّم على كلّ هذه الأمور لكي أؤكّد على أنّ ما قام به سيّدنا في السنوات التسع والثلاثين الماضية لم يكن سوى عملٍ رعويّ بامتياز، يصبّ في مصلحة الأرثوذكس وغير الأرثوذكس، لأنّه إنسان يؤمن بالعيش المشترك، ويعلَم أنّ أيّ خدمات تقدّمها هذه الأبرشيّة إنّما تقدّمها لكلّ أبناء بيروت والمنطقة المحيطة.
لقد سمعنا في الإعلام بعض السياسيّين الذين يتحدّثون عن انقسام في الطائفة الأرثوذكسيّة سوف يتسبّب به إنشاءُ جامعة القدّيس جاورجيوس. نحن نقول لهؤلاء إنّ سيّدنا المتروبوليت الياس عوده ليس هو المؤمن بالانقسام، لكنّه أحد أعمدة الكنيسة الأنطاكيّة، تاليًا هذا الانقسام يسوّق له بعض السياسيّين لأهداف أُخرى. لا تصلح هذه الشائعات لأنْ نتكلّم عليها من دار مطرانيّة بيروت. بناءُ المدارس والمستشفيات والجامعات لا يقسّم إنّما يجمع. محاربة قيام أي أبرشيّة بتطوير ذاتها هي من الأفكار التهديميّة، ونحن نستنكرها.
من هنا، أناشد البعض أن يسحبوا من التداول الإعلاميّ موضوع الانقسام داخل الطائفة الأرثوذكسيّة، لأنّه كلامٌ غير موجود إلاّ لدى أصحابه. على الأرجح أنّ مَن خرج ليتكلّم في الإعلام عن انقسام سيؤدّي إليه انشاءُ جامعة لديه مصالح شخصيّة مخفيّة.
نحن نناشد، من هذا المنبر، كلّ أعمدة الكنيسة الأرثوذكسيّة، وعلى رأسها صاحب الغبطة البطريرك يوحنّا العاشر، وضع حدّ لهذا الكلام الذي نسمعه من البعض، ونحن متأكّدون من أنّ هذا الكلام لا يمثّل رأي هؤلاء الأعمدة. هذا الموضوع إداريّ بامتياز وقد انتهى، ونحن نطمح أن نشهد على تطوّر الجامعة الجديدة، التي لا تؤثّر على جامعة البلمند بأيّ شكل من الأشكال، بل ستكون داعمة لها. وأيّ أبرشيّة في لبنان تطلب مساعدتنا في بناء مدرسة أو جامعة أو مستشفى، ستحظى بالاهتمام ذاته. كما أنّ فخامة رئيس الجمهوريّة كان حريصًا على المضيّ قدمًا في هذا الموضوع من دون التسبّب بخلافات، وهكذا كان.
قريبًا سوف نطلب الالتقاء بصاحب الغبطة البطريرك يوحنّا العاشر لكي نسأله عمّا هو مطلوب منّا لنساعد فيه، ولكي نساعد جامعة البلمند، وأيضًا لكي نساعد في إنهاء الشائعات.
تداولنا أيضًا مع سيادته في شؤون الطائفة الأرثوذكسيّة والوظائف العامّة في الدولة، كما أنّ معالي الوزير القاضي ألبير سرحان يحمل بين يديه ملفًّا مهمًّا سوف يهتمّ به قريبًا، وسعادة النائب نقولا نحّاس يهتمّ بأمور كثيرة منذ زمن بعيد وقد اتّفقنا على أن نبقى فريق عملٍ واحدًا مع كلّ الآخَرين، وكلّ الأرثوذكس، من أجل تحقيق المصلحة العامّة.
– مَن قصدتم في حديثكم عن مطلقي الشائعات؟
أتوجّه بالكلام إلى كلّ إنسان يخرج في الإعلام للتحدّث عن إنقسام في الطائفة الأرثوذكسيّة. لقد سمعنا هذا الكلام من بعض السياسيّين، وكلّ مَن أوصل كلامًا كهذا في لبنان أو إلى خارج لبنان، كان مخطئًا. مَن يسمع تصاريح سيّدنا الياس العلنيّة إن في عظاته أو المؤتمرات التي شارك فيها أو في لقاءاته العلنيّة يعرف مدى تمسّكه بوحدة الكنيسة الأنطاكيّة. تاليًا، يجب وضع الحدّ لهكذا شائعات.
– قرأنا في الإعلام أنّ الرئيس السوريّ بشّار الأسد تطرّق إلى هذا الموضوع أيضًا.
أحدٌ ما أوصل إلى الرئيس الأسد كلامًا مغلوطًا. لقد أرسلتُ إلى الرئيس الأسد رسالةً توضيحيّة عبر سعادة السفير السوريّ في لبنان مفادها أنّ كلّ هذا الكلام الإعلاميّ هو شائعات عارية عن الصحّة. أيضًا، قام معالي الوزير سرحان مؤخّرًا بزيارة غبطة البطريرك يوحنّا العاشر في البلمند وقد أكّد له غبطتُه أنّ هذا الكلام ليس في مكانه وأنّ هناك حرصًا على وحدة الكنيسة، وهذا الكلام مطمئن. أمّا نحن فسنبذل قصارى جهدنا في معالجة ما نستطيع معالجته من شؤون الطائفة الأرثوذكسيّة الداخليّة والإداريّة».