تكريم الشاعر عبده لبكي في صالون ناجي نعمان الثقافي

abdo

استقبل الأديب ناجي نعمان في دارته ومؤسسته للثقافة بالمجان، وفي إطار الموسم الحادي عشر لصالونه الأدبي الثقافي، المفكر والشاعر عبده لبكي، ضيفا مكرما في “لقاء الأربعاء” الرابع والستين.
نعمان

بعد النشيد الوطني، هنأ نعمان “بالإفراج أخيرا عن حكومة جديدة”، وقال: “وصيتنا الوحيدة لها أن تجعل الثقافة الحرة والمتنورة في أولى أولياتها، إذ من دون مثل تلك الثقافة لن ينشأ بين اللبنانيين حس وطني جامع لجهة المسؤولية، ولن يقوم اقتصاد أو يكون ازدهار”.

ورحب بضيفه قائلا: “هذه الأمسية لعبده لبكي، لهذا الهادئ المتبسم الدائم الاستثقاف والمتابعة، لهذا الناثر كتاباته في حداثة الأصالة، لهذا المدرب التربوي الذي عبد بلبكيته النظريات، لهذا المؤمن الروحاني اللاعقدي الذي سأترك توصيفه بل نحته لثلاثة من كبار محبيه”.

الريحاني

وتحدث البروفسور أمين ألبرت الريحاني عن لبكي “المتمرد على أي تصنيف، غير أنه شفاف كهزيع الفجر الأول، صادق كوقفته أمام نبع الحقيقة، رقراق كدعوته إلى مؤتمر العصافير، حقيقي كعزلة الناسك، منساب كتبختر القمر على صفحة الماء، أليف كموجة تغمر الرمال والحصى، متناثر كمزمار الحب، عطر كبخور الحبق والياسمين، متدفق كشلال غاضب هادر، رؤيوي كسفر القديسين، مضيء كقنديل طالع من بحيرات اليأس، طفل كجسد بلا حدود، نوراني كالسنابل الممشوقة، إيقاعي كأوتار الأحلام، عذب عذوبة بنفسجة وسط البحيرة، بريء كأغنية قديمة للأطفال، عاصف كرياح نارية هوجاء، جريء كمفردات تتعرى، حافر كإزميل نحات يلاعب ثنايا الصخر، راسم كريشة ترافص ظلال الألوان، حالم كالخيلاء القابعة في مغاور الألف عام، دامع كدموع الأمهات في لحظات الخيبة والأسى، متوهج في دهشته وصراخه وعبوره وخيلائه وصموده وخيباته”.

خوري غريب

وتحدثت الدكتورة ناتالي خوري غريب عن “كيفية بناء عبده لبكي لعمارته الفكرية في تكاملها بين التربوي والشعري والنقدي، وكيف تمكن قراءة تلك العمارة، ويمكن تفكيكها”، فانطلقت من مسلمتين اثنتين تتمثلان بأن “فعل الكتابة عند لبكي تفور وجداني وفكري، شروشه متجذرة في تاريخه المشرقي”، وبأن “مقام الوجدان الإيماني في كتاباته متلازم مع التبصر العقلي”.

ووجدت أن “مساءلات لبكي عنيفة، تبدأ بإلى أين، ولا تنتهي بإلى متى، لأنها تنطلق من إحساس عميق بالمسؤولية، وعزيمة في تصويب الخلل البنيوي، وأحيانا أخرى يأتيه الواقع بإجابات مطعمة بلغة انهزامية، ليمسي كاتبا مفردا مصلحا في مقابل جمع مخرب وواقع مخرب، فينحو نحو اللامبالاة”.

مغامس

وحاول الأديب جورج مغامس اكتشاف أول الطريق لطريق إلى لبكي، ومما قاله: “أما حبات بركات عبده لبكي فأشعة طردا وعكسا، حتى لتبهر الواحدة الأخرى، وتتواثب زهوى كنافورة من صبوة وصورة وحدب على معاني الحياة والمآلات… يزرع الحروف.. نحصد الكتب: سرجا موقودة على المنارات.. رعاة إلى المراعي الخصيبة.. نجاوى فتاوى النجاة.. رأس الرجاء الصالح لأكياس السعاة الحفاة لعل وعسى؟!
“.. تقاربه، هذا الكاتب الناقد الشاعر الناشر خادم الكلمة على مذبح الإبداع في دولة الأدب، دولته العميقة كيانا ووجدانا.. حياة موصولة الأنفاس..، في هذا فحسب؟! العشرة لا ترضى، وإن رضيت أقوام ورضي الله! ألا إن عشرته وجه صبوح، وكلمة مصباح، ومجلس أنيس فيه من الروح شراب وشراب للتعلة للدله.. ولمح باصر في مقام الظرف والعبث الباعث على قدح زناد كوامن النفس وبعث الطيوب من رياض هاجعة وبلسمة للجراح بالمضحك أربعة وعشرين قيراطا حينا وحينا بالمضحك المبكي حتى ابتلال المناديل بمواجع القلوب!!”

لبكي

ثم حاضر لبكي في موضوع اختار له عنوانا “شذرات اعتراف وقلق”، وقد أراده رابطا طرفي المجابهة بين “الأنا” والعالم، خصوصا بعد طغيان “الأنا” في عالمنا المعاصر، إلى حد سحق الآخر، وقال: “الاعتراف الذي يحتم قبول الحقيقة في اللسان وفي الأذن، لكي تستقيم للوجود مسيرته، وتسترد الحياة جمالها من يد القابضين عليها، أي عملاء الكذب، يغذونه بالذكاء السام، النابت كالفطر”.

ورأى أن “هذا الاعتراف الذي يعتصر الذات جوهرا وسلوكا يأتي في وجوه ثلاثة لا أقنعة لها: الأول هو الاعتراف بالآخر، وكم فيه من نبل وسمو، سبيلا إلى المصالحة والسلام؛ الثاني هو الاعتراف بالحق، والحقيقة، وكلاهما يقبعان في المكان المضيء من الذات؛ الثالث الاعتراف بالخطإ، ومن دونه ينكسر كل تطور وصلاح، وينعدم كل بناء”.

مداخلات وشهادة

وبعد مداخلات للحاضرين، سلم نعمان ضيفه شهادة التكريم والاستضافة، وانتقل الجميع إلى ضيافة المناسبة، وإلى توزيع مجاني لآخر إصدارات مؤسسة ناجي نعمان للثقافة بالمجان ودار نعمان للثقافة، بالإضافة إلى كتب بعض الأصدقاء، منها الكتاب الأخير للبكي، وكتاب لجان سالمه. وجال الحاضرون في مكتبة المجموعات والأعمال الكاملة وصالة متري وأنجليك نعمان الاستعادية.

اترك رد

%d