انتظرتْ وردةً بيضاءَ هذا المساء، لم تكن تهتم بالألوان من قبل..
دخل زوجها ولم يلق التحية ولم يقدم أي وردة أو ابتسامة وإن كانت مزوّرة ، يغطي بها وجهه المظلم.
دخل حجرة الضيوف وأغلق الباب، وأمر بصوت عال أن لا يكلمه أحد.
رمت وردتها من مساحة خيالها ،ونادت بناتها أن ينمن معها هذه الليلة الأليمة،وقللت مما قام به أبوهن من تصرفه الشائن ، لكن ألم المساء لم يغادر قلبها الضعيف، تظاهرت بالنوم لتصنع نوما في عيونهن الذابلات الخائفات من المجهول الذي رسم خيوطه على وجهها.
نمن ، إلا الكبرى ،أرادت تقاسم أمها ليلها .
ما أصعب هذه اللحظة التي يكسوها الشوق .. !
قالت وهي تتمتم:
- ترى ما سبب انزعاجه ، وما سبب هروبه مني ، ولماذا لم يقدم لي وردتي كعادته، هل في الأمر شيء..؟ !
تذكرت كيف كان يسهر على تمريضها الليالي الطوال ، ويتألم لألمها.
أمرت ابنتها أن تساعدها على القيام، لأنها لم تعد تقوى على فعل أي شيء لوحدها ، وقد قوي الألم الذي امتزج بالحنين .
دخلت عليه لتطمئن على حاله !..
صرخ في وجهها قائلا :
- أطفئي النور ، ألم أقل لكم دعوني أنام ، دعوني أرتاح .
عادت إلى غرفتها لتنام بينهن، ولتنصرف في هدوء كانصراف العشب في زمن القحط… !
صاحت ابنته وقد أيقظت الجميع:
- ماتت أمي ..يا أبي..ماتت أمي..يا أبي..
لم يتعلم من الحياة أن عمر الوردة فصل من الفصول.. !