“زمن المجيء”… رجاءٌ وأمل

   

تُدخلنا ليتورجيّة الكنيسة في “زمن المجيء”، الذي يحضّر المؤمنين فيستعدّوا للاحتفال بذكرى ولادة المخلّص يسوع المسيح بالجسد.

ينتظر المؤمن بيسوع المسيح هذا الحدث اللاهوتيّ-التاريخيّ، بشوق ورغبة، لإنّه ينقل له الخلاص والفرح، والبهجة والسّلام. هل ينتظر المؤمن فعلًّا هذا الحدث؟ لماذا؟ كيف؟ هل يستعدّ ويتحضّر؟

يترقّب المؤمن من خلال مسيرة الانتظار البشارة بولادة المخلّص. بالرغم من الخوف من وعلى الغد يبقى المؤمن بقدرة الله، متفائلاً ومنتظرًا النعمة الإلهيّة الحالّة بعمل الروح القدس. كم يضطّرب ويخاف إنسان اليوم؟ ألا يُطمئن كلام الله؟ (لا تخف يا زكريّا… لا تخف يا يوسف… لا تخافي يا مريم) ألا يمكننا اعتبار الله شريكًا معنا؟ أوليس هو الفاعل الأساسيّ والمحرّك المباشر لمسيرة الانتظار؟ هل نقتنع أنّ “غير المتوقّع أكبر من المتوقّع وأفضل منه”؟

يحثّنا “زمن المجيء” إلى ترسيخ إيماننا وتقويته من خلال الصّلاة والسهر والصوم، لكي يكون استعدادنا لائقًا ومفيدًا ومثمرًا. هل نحن بحالة استعدادٍ لقبول حنان ورحمة ونور الابن المتجسّد؟ أم نحن بحالة من التعاسة والشقاء والشكّ واليأس والحزن والخوف والإحباط؟

لنكن ساهرين ومستعدّين لاستقبال سيّد الحياة، بالتوبة والندامة وعمل الخير والمحبّة. لنتصالح مع الله والآخر، كي نحصل على الخلاص، الذي تحقّق بموت المسيح وقيامته.

لنسلك درب الربّ، المشعّ بالأنوار والأمل والرجاء، كي نقضي على اليأس والشرّ والرذيلة والفساد المتجذّر فينا، وغيرها من مآسي الحياة التي شوّه الإنسان بذاته صورتها.

هل بكثرة “الكلام” والاطالة يستجيب لنا الربّ؟ أوليس “الصمت” المُعبَّر عنه بالصّلاة والتأمّل والصبر، هو أيضًا استجابة الربّ؟ “لا تخف يا زكريّا فقد إستُجيبت طِلبتُكَ” (لو 1: 13). “ليس عند الربّ أمرٌ مستحيل، فهو يهب الرجاء لمَن لا رجاء لهم. يعلّمنا إيماننا أنّ قدرته تستطيع ما لا يُستطاع، وتفعل مشيئته كلّ ما يشاء”.

نعم، تحقّق الوعد بفضل الانتظار والاستعداد والإيمان، ونلنا الخلاص والفرح معًا. نعم، يا ربّ لقد وهبتنا ذاتكَ.

لنسر معًا نحو مغارة بيت لحم، بالتهاليل والأناشيد والفرح، حاملين للطفل المخلّص الهدايا: أعمال المحبّة والرحمة، والإيمان والرجاء، والصبر والتعاضد، والتعاون وكلّ الفضائل والقيم، التي أودعنا إيّاها طفل المغارة.

قِدنا يا ربّ نحوكَ، ووحّدنا بكَ، لنعرف الحقيقة، علَّ انتظارنا لمجيئكَ الفرِح، يهبنا القدرة على استقبالك بشوقٍ ورغبة، فيتمّ اللقاء بكَ شخصيًّا، حيث الفرح والرجاء والأمل.

بالرغم من هذه الأيّام العصيبة، تبقى وحدكَ يا ربّ مخلّصنا… نعم، نأمل من انتظارنا لمجيئكَ الحياة الكريمة.

نعم، يا ربّ تعال وخلّصنا، لقد طال انتظارنا!

      

 

اترك رد