“إنّ كلمة الصّليب عند الهالكين حماقةٌ، وأمّا عندنا نحن المخلّصين فهي قوّةُ الله […]
أمّا نحن فننادي بمسيحٍ مصلوب” (1كور 1: 18-25).
أظهر لنا ابن الله، السيّد المسيح، أنّه بموته على الصّليب، أعطى حقيقة جديدة، ألا وهي: الصّليب فخر وعزّ وخلاص للبشريّة، وليس خزيّ وعار وعقاب اللّصوص والمجرمين. عيد ارتفاع الصّليب هو تذكار وتذكير بقصّة الحبّ، التي عاشها المخلّص، من أجل خلاص البشريّة، أي أحبّائه. “فما من حبٍّ أعظم من أن يَهِبَ الإنسان نفسه في سبيل أحبّائه”. لقد أحبّ الربّ الإنسان، فبذل حياته من أجل خلاصه. نعم، ضحّى يسوع بنفسه معبّرًا عن حبّه للإنسان، راغبًا في خلاصه. “هكذا أحبّ الله العالم حين وهب ابنه الوحيد” (يو 3: 16).
نعم، الصّليب هو فعل حبّ وتضحية تجاه الإنسان؛ “متى رفعتم ابن الإنسان عرفتم أنّي أنا هو” (يو 8: 28). الصّليب ليس كما يراه البعض “مثلَ الهالكين”، رمزًا للمرض والعذاب والألم والقهر والموت. أو لا ننظر نحن “المخلّصين” إليه بأسلوبٍ ومفهومٍ معاكس؟ ألا يعلّمنا إيماننا أنّ الصّليب هو رمز لقوّة المسيح وحبّه وغفرانه؟ لا سيّما لصالِبيه؟ ألا نصدّق أنّ الصّليب أصبح علامة النصر والمجد والافتخار؟ “أمّا أنا فمعاذ الله أن أفتخر إلاّ بصليب ربّنا يسوع المسيح” (غلا 6: 14).
نعم، الصّليب أعطانا الحياة الجديدة، أي القيامة التي أصبحت “ممكنة”، للعودة إلى الفردوس.
نعم، الصّليب أصبح محور حياتنا.
أعطنا يا ربّ الشجاعة لكي نفتخر بصليبنا، كعلامة حبٍّ وتضحيةٍ وغفرانٍ، لا كعلامة لمظاهر خارجيّة فقط. أَبعِد عنّا التصرّفات اللاإيمانيّة، التي تشوّه عظمة الصّليب وقدرته ومفهومه.
إجعلنا أبناء الفرح والأمل، بالرغم من حمل أتعاب الحياة، مُدركين أنّ الموت على الصّليب يؤدّي بنا إلى القيامة، أي إلى الحياة الأبديّة؛ “وأنا متى رُفعت من الأرض جذبت إليَّ الناس أجمعين” (يو 12: 32).
هل نملك الإيمان والجرأة بإتّباع يسوع المسيح؟ “مَن أرادَ أن يتبعني، فليزهد في نفسه ويحمل صليبه كلَّ يومٍ ويتبعني” (لو 9: 23). نعم، باتّباعك أيّها الربّ، نحصل على الفهم والعطايا، من أجل المواجهة الحقيقيّة ضدّ الشرّ وأعمال الشيطان، معلنين إيماننا، وحاملين صليبنا، الذي هو فخر ومجد. صليبنا خلاصنا.
نعم، الصّليب هو علامة انتمائنا إلى الخلاص والمجد.
نعم، الصّليب هو علامة حضور الله وحبّه، وحبّ المسيح لشعبه.
نعم، الصّليب هو صليب يسوع المسيح. يتجدّد العيد كلّ سنة، لأنّ الصّليب يبقى رمز النصر والخلاص.
كلّ عيد ونحن بحالة الانتصار على الذات.
“لصليبكَ يا سيّدنا نسجُد. ولقيامتكَ المقدّسة نمجّد”
“نسجد لكَ أيّها المسيح ونبارككَ لأنّك بصليبكَ المقدّس خلّصت العالم”.