THAQAFIAT

حِينَ يَمُوتُ الْمَاءُ

لا أَحَدَ سَوْفَ يُغَنِّي.!

******

كَيْفَ سَيَتَّقِي مَوْتَهُ الْمُبَاحَ

وَجَسَدُهُ مُتْرَعٌ بِدُودِ الْحَيَاةِ.؟!

كَيْفَ سَيَتَوَسَّدُ قلْبُهُ الطَّرِيقَ

وَكانَتْ تُسافِرُ إليْهِ قُلُوبٌ مُشرَّدَةٌ.؟!

كَيْفَ سَتَرْحَلُ يَا مَلاَكَ الَّلْوعَةِ وَالْحَدِيدِ

وَكُلُّ بَقَايَاكَ فُؤُوسٌ عَطَشَى

تَنْهَالُ عَلَى أُغْنِيَاتِ الْحَجَرِ

وَأَنْتَ بَيْنَهُمَا دَمٌ ذَبِيحٌ يَتَطَايَرُ كَالشَّرَارِ عَلَى الْحَوَاسِّ.؟!

******

سَأُغَنِّي لَكَ أَيُّهَا التِّمْثَالُ الْغَرِيبُ

أُغْنِيَةَ الْفُرَاتِ الَّذِي يَشِيخُ عَلَى اِسْتِحْيَاءٍ

وَلا يَنْضُبُ مِنَ زَوَارِقِ الصَّيدِ وَلا مِنْ الْقَذَائِفِ

وَلا يَمَلُّ مِنَ الْجَرَيَانِ وَلَو مُتَرَاجِعَاً إِلَى دَمْعِهِ.!

أَصْدِقَائِي الَّذِينَ لا تَعْرِفُهُمْ  نَامُوا مِثْلَكَ عَلَى الطِّينِ

 فَأَدْمَنُوا الْفَخَّارَ حَتَّى اِنْشَغَلَتْ بِهِمِ النَّارُ الْأَبَدِيَّةُ.!

كَانُوَا ثَمِلِينَ فِي مَا أُغَنِّي لَهُمْ مِنَ الْحُزْنِ وَالْاِقْتِتَالِ

يَصِلِونَ حُدُودَ السَّمَاوَاتِ مُحَلِّقِينَ كَالْمَطَرِ وَالرَّسَائِلِ

وَهُمْ فِي الْتُّرَابِ يَهْمِسُونَ لِلْكَمَانِ الْحَزِينِ فِي رِئَتِي

لِكَيْ يُعِيدَ الشَّطْرَ الْأَخِيرَ مِنَ الْأُغْنِيَةِ الْمَحْبُوسَةِ

عِنْدَ نُضُوبِ الْمَاسِ.!

حَنْجَرَتِي لا تُعِينُنِي عَلَى الرَّكْضِ وَرَاءَهُمْ .!

كَيْفَ أُغَنِّي أَمَامَ وُجُوهِهِمْ فِي الْقَصَائِدِ.؟!

كَيْفَ أَمْنَعُ عَنْ صَوْتِي تِلْكَ الْحَشْرَجَاتُ الَّتِي تَشْرَئِبُّ

دُونَ اِسْتِرَاحَةٍ فِي تضَارِيسَ الدَّفَاتِرِ.؟!

كَيْفَ سَآخُذُهُمْ إِلَى مُدُنِي الَّتِي صَارَتْ عَرَاءً مَفْتُوحَاً عَلَى اللهِ

كَطَبْعِ الْوِسَادَةِ تَتَبَرْقَعُ عَلَى قُمَاشِهَا أَنَّاتُ الْمَلِيكَاتِ هُنَاكَ

وَفِي الْعَرَاءِ الصَّقِيلِ يَنْبَثِقُ السُّؤَالُ مِنَ الْمُحَالِ فِي الْمَدَافِنِ.؟!

سَأُغَنِّي أَيُّهَا الَّلْيْلُ الْجَمِيلُ بِمُفْرَدِ بَحَّتِي … سَأُغَنِّي

بِنَايِ قَلْبِي الْمُتَقَوِّسِ عَلَى ظَهِرِي بِالْبَرَاءَةِ سَوفَ أُغَنِّي

بِعُكَّازَتِي الَّتِي تَضْرِبُ قَامَتِي فِي الْاِعْتِدَالِ سَوفَ أُغَنِّي

بِرُوحِ الشَّجَرِ الْمَقْلُوعِ بَيْنَ أَسْنَانِي سَوفَ أُغَنِّي

بِالْأَرْصِفَةِ الَّتِي ضَيْعَتْنِي اِنْكِسَارَاتُهَا سَوفَ أُغَنِّي

بِتَصَاوِيرِهِمْ غَائِبَاً – غَائِبَاً فِي السِّنِينِ سَوفَ أُغَنِّي

أَعِدْهُمْ لِي أَيُّهَا التِّمْثَالُ الْغَرِيبُ لِأُرَمِّمَ بِقَهْقَهَاتِهِمْ أَوْتَارِيَ.!

أَعِدْ لِي حَنْجَرَتِي الَّتِي تَتَفَسَخُ فِي الْقُمَامَاتِ

أَعِدْ لِي فُرَاتِي الَّذي يَئِنُّ مِنْ الْمِلْحِ وَالنِّسْيَانِ

أَعِدْ لِي حَبِيبَاتِي الَّلْوَاتِي تَشَظَّينَ فِي خِيَامِ الْحَجِيجِ

أَعِدْ لِي حَيَاتِي الَّتِي تَسَرْبَلَتْ فِي الْلَّاَمَكَانِ.!