«الطبيعة» محور أعمال أمل مُرَيوِد وفؤاد تابت وتحية إلى دافيد كوراني
تشهد بيروت هذه الأيام مجموعة من المعارض التشكيلية من بينها ثلاثة تتنوع في الأسلوب والمضمون، وإن دلت على شيء فعلى غنى هذا الفن الذي لا يقل مستوى عن الفنون التشكيلية العالمية، مع فارق واحد هو أنه ينبض بروح الشرق وبلعبة الظل والنور التي تتميز بها طبيعته. المعرض الأول للرسامة السورية أمل مُرَيوِد، والثاني للفنان والمسرحي دافيد كوراني، والثالث للرسام اللبناني فؤاد تابت.
بين 12 أبريل الجاري و3 مايو المقبل تعرض الرسامة التشكيلية السورية والمتخصصة بفن السيراميك والنحت وتصميم المجوهرات أمل مُرَيوِد مجموعة من لوحاتها في غاليري عايدة شرفان في بيروت، تندرج ضمن الدعوة التي أطلقتها أمل مُرَيوِد في السنوات الأخيرة إلى احترام الطبيعة والبيئة المحيطة بالإنسان والكف عن تشويهها وحرقها وانتهاك جمالياتها.
لوحات أمل مُرَيوِد في معرضها الجديد تنسج الأحلام المختبئة وراء الغيوم، ترسم الأشجار المتجذرة بالأرض والمتعلقة بها… إنها تحية وفاء إلى دورة الجمال المتعاقبة في الطبيعة، أرادت من خلالها الفنانة رفع الصوت عالياً في وجه انتهاك الطبيعة بأبشع الوسائل، وبأن حان الوقت لإعادة تنظيم أولوياتنا لإنقاذ الأجيال المستقبلية وكوكب الأرض من الدمار المحتم، في حال الاستمرار في هذا التشويه الفاضح للطبيعة وتلويث البيئة. ترى في هذا السياق أن الإنسان المفعم بالكره إزاء الطبيعة، لا بد من أن يتصرف بوحشية إزاء الإنسانية، إنهما تصرفان لا ينفصلان عن بعضهما البعض.
من خلال مقاربة سلمية تناشد أمل مُرَيوِد وضع حد فوري لاغتيال البيئة.
عملت الفنانة أستاذة في الجامعة الأميركية في بيروت بين 2000 و2010، وبين 1991 و2000 كانت مسؤولة عن مرسم السيراميك في المركز الثقافي الفرنسي في دمشق.
منذ 1987، أقامت سلسلة من المعارض الفردية، وشاركت في معارض جماعية وبينالات في أنحاء العالم، من بينها: باريس وبيروت ودمشق ودبي والقاهرة وألمانيا… لها كتاب حول أساليب ورسوم تزيينية إسلامية، فضلاً عن مقالات حول فن السيراميك وتاريخه وتطوره وصولاً إلى العصر الحديث. كذلك أعطت محاضرات ونظمت ورش عمل حول هذا الفن. أعمال السيراميك الخاصة بها ولوحاتها وتصاميمها من المجوهرات مقتناة في مجموعات خاصة وعامة.
دافيد كوراني: الواقع مرسوماً
احتفاء بخمسين سنة من خدمة الفنان دافيد كوراني في الجامعة الأميركية في بيروت، نظمت الطالبتان في اختصاص «تاريخ الفن»، كاتارين غوردن ولمى الخطيب، معرضاً بعنوان «دافيد كوراني: الواقع مرسوماً»، وذلك في متحف روز وشاهين الصليبي في الجامعة، ويستمر لغاية 18 أبريل الجاري.
يضم المعرض أعمالاً فنية تتنوّع بين لوحات بالألوان المائية، وتصاميم خلفيات مسرحية، وملصقات، ورسومات، تسلط الضوء على العلاقة بين عمل كوراني – كطالب فنون، وفنان وممارس، ومدرس للفنون، ومصمم أزياء وخلفيات مسرحية، ومدير مسرحي – مع لحظات مهمة في تاريخ الجامعة ولبنان.
يهدف المعرض إلى إظهار شغف كوراني بالمسرح والرسم، وبدلاً من عرضهما كثنائي منفصل، فإنه يدمجهما ويضيء على تفاعلهما في أعماله، فضلاً عن مساهماته في الجامعة الأميركية في بيروت، ومساءلة شغفه في رسم الواقع ضمن السياق الأوسع للفن اللبناني الحديث.
في المناسبة، ألقى رئيس الجامعة الدكتور فضلو خوري، كلمة أكد فيها أهمية دعم الفنون والعلوم الإنسانية، معتبراً أن «الفنون الجميلة هي أسهل ما يمكن أن تقرر المجتمعات، تحت أي ضغط اقتصادي أو سياسي أو أمني، ولا يمكننا الاستغناء عنها، هنا يكمن قلب المجتمع السليم وروحه».
أضاف: «قبل أن نستثمر في المساعي المستقبلية في الفنون الجميلة، علينا أن ندرك التميز المستمر للأشخاص الذين أبقوا الشعلة حية، مثل دافيد كوراني».
من جهته، أعلن مدير صالات العرض في الجامعة الدكتور ريكو فرانسيس أن كوراني كان مساهماً رئيساً في المشهد الثقافي في لبنان طوال حياته، وقال: «قام بخدمة غير عادية للجامعة الأميركية في بيروت وللفنون. حافظ على استمرارية الفنون حرفياً لأكثر من خمسين عاماً، وخلال الحرب، كان الوحيد الذي أبقى الفنون على قيد الحياة في الجامعة».
تابع: «كان رساماً غزير الإنتاج، عمل في الفن، في الرسم وفي المسرح. وهذه فرصة لرؤية أعماله على مدى هذه الفترة الطويلة، وتطوره من منظور أكاديمي ومناسبته مع التاريخ الثقافي للبنان».
بدوره أعرب دافيد كوراني عن رغبته في أن ينظر إلى التكريم على أنه تكريم جميع الذين كانوا مخلصين وأبقوا الجامعة على قيد الحياة، ومنارة للأمل وحصناً للتعليم خصوصاً أثناء الحرب.
ولد دافيد كوراني في الولايات المتحدة ونشأ في بيروت، وكان والده أول مدير لمكتب التسجيل في الجامعة الأميركية في بيروت ومديراً لدائرة التربية. ويقول دائماً: «لطالما كانت الجامعة حياتي، منذ أتيت إلى هنا عام 1947 في سن الثانية والنصف. لعبت في الجامعة، وترعرعت فيها، ثم درست فيها، قبل تدريبي في إنكلترا».
بالإضافة إلى المشاركة في الفنون الجميلة منذ سن مبكرة، واستمرت خلال سنوات دراسته، عمل كوراني في المسرح. عاد إلى لبنان عام 1968، وجمع بين اهتماماته من خلال تدريس الفنون والمسرح في الجامعة الأميركية في بيروت وممارسة كليهما.
فؤاد تابت
ينظم الفنان فؤاد تابت معرضه الرابع بالتعاون مع شركة سوليدير في غاليري SV – الصيفي فيلادج بعنوان MISTOU IV 2018 – EVATIONS & GOUTS (01 أبريل- 15 منه).
يضمّ المعرض 50 لوحة تعكس ألوانها الزاهية أشكال الطبيعة التي يستوحي الفنان من جمالها صوراً يترجمها انطباعات فنية.
صقل الفنان التشكيلي ورجل الأعمال فؤاد تابت موهبته عبر السنين مكوناً بصمة فنية خاصة به. هو رجل أعمال ناجح وروائي مشهور، يعتبر لوحاته انعكاساً لشخصيته الفرحة وحبه للسفر ورحلات الاستكشاف.
****
*جريدة الجريدة الكويتية 13- 4- 2018.