خلال ترؤسه القداس الإلهي في دير سيدة البلمند، رفع البطريرك يوحنا العاشر يازجي الصلاة على نية أبرشية حلب التي شاركت عائلات منها فيه، راجياً الله إقامة صلاة الشكر في أقرب وقت، وفي حلب، بمشاركة المطرانين يوحنا ابراهيم وبولس يازجي. وقد عاونه في الخدمة وكيل مطرانية حلب-الارشمندريت موسى الخصي وكهنة وشمامسة.
ألقى البطريرك عظة حول انجيل السامري الصالح، مشيراً إلى أن الهدف من الحياة على هذه الارض هي “امتلاك الحياة الابدية، والحياة الأبدية ليست في البحث عن ملكوت السماء في السماء، فهي مرتبطة بالأرض وما يجري عليها. وهي ببساطة أن يعيش الإنسان باستقامة وعدل وانفتاح على الإنسان الآخر”، وقال: “عندما تسلك بهذه المصداقية تكون هذا الشخص الذي يبحث عن الحياة الأبدية “.
اعتبر أن وصية المسيح بمحبة القريب كالنفس، “تصلح أن تشكل أعظم شرعة لحقوق الإنسان… فكل ما تشتهيه من حسن لنفسك يجب ان تشتيه لأخيك الآخر. وكل ضرر لا تريده لنفسك، لا يجب أن تبتغيه لهذا الاخر”.
كذلك ركّز على أهمية العمل، معتبراً أنّ ما ينقصنا هو العمل، وقال: “نتكلم في نظريات قد تكون صائبة. لكن ما يلزمنا هو أن نعيش ما ندعو إليه… والقريب قد لا يكون ابن طائفتك. وأتمنى أن لا نتكلم في هذه اللغة… فإننا في هذه البلد ملل وطوائف”.
وأضاف: “كلنا مدعوون أن نكون واحداً بكل أطيافنا وميولنا. وما الكنيسة إلاّ تلك الأم الطيبة التي تحمل على وجهها تلك البسمة التي تريد أن تستقطب الإنسان كي يتلمس حياة المسيح. نحن كلنا عائلة واحدة، تقوم حياتنا على المحبة والتعاون والعيش المشترك”.
البطريرك اعتبر أن انجيل السامري يدعونا إليوم إلى “كسر الحواجز والانفتاح على الآخر. لذا، لا يجب أن يكون خطابنا، خطاب الخائف والمتزمت”. وأشار إلى أنّ على المسيحيين التكلم في المواطنة وقبول الآخر، ورأى أن عليهم وسائر أبناء البلد السعي إلى بنائه كي يعم الخير على الجميع.
وقال: “لا يمكننا أن نطالب بحقوق المسيحيين دون سواهم، لاننا لا نستطيع أن نكون بخير إذ لم يكن الآخر بخير. لا يمكن أن نطالب بحقوق الطائفة دون سائر الحقوق، لأننا جميعنا في خندق واحد. إننا نعتز، بالطبع، بايماننا المسيحي ونفخر بذلك. لكن هذه المسيحية الأرثوذكسية هي التي تدفعنا إلى أن نطل على الناس، دون تمييز، إطلالة المحبة وأن ننفتح على الآخر. وأن نؤكد على المحبة والعيش المشترك الذي يجب أن نعيشه في هذا البلد”.
أضاف: “نحن المسيحيين، جزء مكون لهذا النسيج المشرقي، ومع غيرنا من أبناء هذه الأرض الطيبة، بنينا وسنبني تاريخاً بشرياً مجيداً، عنيت بذلك إخوتنا المسلمين فنحن لا نتقاسم معهم وجوداً مسالماً فحسب، لا بل بوتقة واحدة تصهر الجميع في المواطنة وتبني الغد المشرق يداً بيد وعائلة واحدة “.
وفي موضوع حلب، قال البطريرك: “معنا اليوم في القداس هذا الاب الطيب الذي هو وكيل سيدنا بولس في حلب- الأرشمندريت موسى الخصي الذي وافى مع عائلات حلبية أرادوا أن يشاركوننا القداس… ووجود الإخوة من حلب وعلى رأسهم الاب موسى يدفعنا إلى أن نعود فنقول: إننا على هذا الرجاء، نتوجه إلى سيد الحياة والموت وإلى سيد الانوار. نسأله ان يعيد الينا كل من صاحبي السيادة المطران يوحنا والمطران بولس. فيكونا إلى جانبنا في رعيتهم وعائلتهم”.
ووجه البطريرك تحية إلى أبناء حلب، واعتبر أنّ أبناء حلب، الذين يفتقدون لأبوين كريمين غُرِّبا بالجسد، بصمودهم وبتعلقهم بكنيستهم وببعضهم البعض وببلدهم وأرضهم هم خير جواب على قوة الرجاء في هذا الزمن.
زيارة المتروبوليت هيلاريون للبطريرك يوحنا العاشر في البلمند
كان البطريرك يوحنا العاشر اسقبل في مقره في البلمند سيادة المتروبوليت هيلاريون، رئيس قسم العلاقات الخارجية في الكنيسة الروسية، ناقلاً محبة وتضامن البطريرك كيريل، بطريرك موسكو وسائر روسيا.
عرض الجانبان في لقائهما للعلاقات الثنائية بين الكنيستين الأختين وتناولا سبل تعزيزها في عهد البطريرك كيرلس والبطريرك يوحنا العاشر. وشكر غبطته لروسيا، شعباً وكنيسةً وحكومةً، مواقفها تجاه أبناء كنيستنا وشعبنا في سوريا بتأكيدها على أهمية تبنّي الحوار والحل السلمي مرساة خلاصٍ لسوريا من محنتها.
كذلك أكد الجانبان على ضرورة حفظ لبنان وصيانة الاستقرار فيه وتعزيز مبدأ المواطنة والعيش المشترك بين سائر أبنائه. وشدّدا على أهمية الحضور المسيحي في المشرق، حضوراً يخرج من منطق التفكير الأقلّوي، ويدخل بوتقة المواطنة والانصهار في وحدة الحال مع سائر أطياف بلدان هذا المشرق. وتطرّق غبطته وسيادته إلى قضية المطرانين المخطوفين يوحنا ابراهيم وبولس يازجي وإلى ضرورة متابعة الجهود التي تبذل لإنهاء هذا الملف.
وفي نهاية اللقاء، طلب البطريرك من المتروبوليت هيلاريون أن ينقل لكنيسة روسيا ولبطريركها محبة واحترام كنيسة أنطاكية رعيةً ورعاةً، متمنياً أن تسنح الظروف وبأقرب فرصة للقاء البطريرك كيريل.
كلام الصورة
البطريرك يازجي مستقلا الوفد الروسي