قبلة بحجم العالم

“هَيّا أَعْطِني ألفَ قُبلةٍ ثمّ مائة
ثمّ ألفاً أخرى من بعدها مائة

وبعد الألف الثّالثة هات مائة وهكذا
حتى إذا طبعنا على شِفاهِنا
آلافاً من القبلات
كَفَفْنَا عن العَدِّ لاختلاط الأرقام
فلا ندري كم ارتشفنا من رُضاب”
هكذا كان جواب ليسبيا (كلوديا )عشيقة
كاتولوس أمير شعراء الغزل عند الرّومان
عندما دعاها بقوله :
أي ليسبيا !
أي حبيبتي وحياتي !
تعالي نعشء في دنيا الغرام
لا نبالي بحديث العجائز
فهم من التّزمت بمكان
وكلامهم سخافات وهراء
***
تغرب الشَموس
لتشرق من جديد في الصّباح
أما أنا وأنت فليس لنا
متى غاب عن ناظرَيْنا
شعاع الحياة القصير
إلا أن ننام طويلاً
في ليل ليس له صباح
*** .
كاتولوس وأوفيديوس ودانتي
وامرؤ القيس ومجنون ليلى والمتنبي وابن زيدون وغيرهم
هم أرفع نماذج العشق الكلاسيكيّ
وعندما ترنّـموا بكلمة قبلة
ارتعش لها قطبا الكرة الأرضيّة
وآلاف الشّعراء والشّاعرت بعدهم
درجوا على استعمال هذه الكلمة المقدّسة
في أشعارهم الكثيرة بوعي وبغير وعي .
***
وكاتولوس أبو الإبداع هو
القادم من مديبة فيرونا في شمال إيطاليا
إلى روما إبّان ازدهار مجدها وحضارتها .
كانت حياته قصيرة ،
يغمرها الشّقاء والمعاناة ،
لكنّه عاش تجربة غراميّة
أوحت له أشعاراً
جعلته يتبوّأ مكانة محترمة في المجتمع
الأرستقراطيّ الرومانيّ
ويكفيه أنه أوجد في غزله الرّفيع
كلمة تعني :قُبْلَـــة
قدّمها منحة للغات أوروبا
شاعر رائع
لم يبق من آثاره سوى
مخطوطة واحدة لديوانه
مقطّعة الأوصال
في بيته حيث كانَ
في مدينته فيرونا
ولو أن هذا الكتاب ضاع برُمّته
كما يقول أحد أعلام الأدب في أوروبا
فإنّه يكفيه أن تبقى من اختراعه كلمة لاتينيّة واحدة هي
Un bacio
الفرنسيّ يُسَمِّيها: Baiser
والإسباني Besar :
والبرتغالي Beijar :
جميعهم يستعملون الكلمة الّلاتينية
التي أبدعها كاتولوس
وهو يغازل عشيقته ليسبيا (كلوديا )
ربما كانت عشيقته غير جديرة
كما أن الشاعر
أصبح في الذّاهبين الأولين
ولكن كلمته لا تزال تنعم بالحياة
أمّا انا: سعود الأسَديّ
فاقول: لعلّ كلمة حُبّ العربيّة
هي أجمل كلمة في العالم
بدليل مساحة لفظها
الحاء من الحلق وهي مضمومة
والضّمّة أقوى الحركات
كما قال كبار النحويّين العرب.
ويقتضي لفظ كلمة “حُبّ”
أنْ تُنهي بلفظ الباء من الشَّفتين
والمسافة التي تقطعها كلمة حُبّ عند لفظها
من الحلق الى اطباق الشّفتين
هي أطول مسافة للفظة في اللغة العربيّة
ولا تفوقها أيّ كلمة أخرى في هذا الشّوط.
وأمّأ كلمة “قُبْلَة “
وهي من الكلمات الجميلة جِدًّا
فالقاف من سقف الحلق ( قُ)
والباء بإطباق الشّفتين ضَمًّا لبعضهما
ثم انفرأجًا بمقطع( لَة )للاسترخاء ونشدان الرّاحة.
ولا تقل عنها جمالا كلمة “بوسة”
بو + سة = بوسة
ولا أبسط ولا أهون
وهي كلمة موسيقيّة رائعة !
وربّـما هي أصل كلمة bacio الإيطالية
ومنا تسرّبت الى جميع اللغات الاوروبيّة
أقول قولي هذا
واستغفر الله لي ولكم

اترك رد