عالمنا المتوجع

 

تفصح النظرة الاجمالية التي تلقي الضوء على معظم المباح به والمفصح عنه من تعابير ذاتية سواء هنا في وسائل التواصل الاجتماعي او في مجمل محطات الوصل الاجتماعي المباشرة او غير المباشرة ان هناك كم هائل من الحزن والالم والوجع واليأس والانكسار يمس المجتمعات بمختلفات مستوياتها ويتجلى ذلك في شعر ونثر وصورة وتعليق ومزحة وحتى في معرفة ومع ان هناك مبالغة في تصوير بعض الاحاسيس وهناك ميل لدى الشرق عموما في الميل الى كل ماهو متلبس بالحزن إلا ان الامر في حده الادنى يشكل مظهرا مخيفا وموجعا في ذات الوقت فمن النادر ما تجد شيء يتصل بالابتسامة والفرح والدعابة الحقيقية وليست الساخرة من الحزن.

الخوض في اسباب هذا المظهر وحدود موضوعيته من عدمها لا يمكن ان يغطيه منشور ولا مقال ولا كتاب بل هو مادة خصبة لبحث جاد وعميق ولا شك في ان الظروف الخارحية المتمثلة في انظمة سياسية قاهرة وحروب فاشلة وموت مجاني واوطان تأخذ وتاخذ ولا تعطي وكرامة مستباحة وهيمة استعلاء تستهدف الكسر والهزيمة من جهة ونضوب متسارع لعالم الروح والمعنى وانغماس مريع في عالم المادة وانعدام او ندرة خطاب الامل والاستبشار والفرح فضلا عن غياب حالات عملية تعزز الامل والفرح هي اسباب في قائمة طويلة الذيل

الذاكرة الذاتية والفردية القائمة على تكديس متراكم الماضي الموشح بالسواد والملفوف بالحزن لها اثرها البالغ في التربع على اخيلة الفرد والجماعة.

المدن ومعالمها والتربية ومحطاتها في البيت والمدرسة والمسجد والكنيسة وجماعات الرفقة ومنتديات اللقاء كلهر متخمة بما يعزز هذا العالم المتوجع.

ولكن في مركز كل هذه الاسباب هناك سبب اهم من كل هذا يتصل بالعلاقة بمصدر البهجة الحقيقية والفرح الابدي وهو مدى صلة الناس بالله جل وعلا الله مظهر وجوهر الجمال الذي بيده تغيير الاحوال دون مؤنة او جهد او اشتراطات تقليدية الله الذي يؤنس الوحشة ويلفنا برحمته في رداء عطفه لا في عبائة عدله.

في منتصف صوت الحزن الشجي وصوت الالم الجارح نحتاج ان نسمع اكبر قدر ممكن من ضحكات الاطفال وان نوسع دائرة الوان البهجة وان نكسوا وجوه مدننا وبيوتنا وشوارعنا ومنتجاتنا بكل ما يشيع الفرح والامان ويفتح لافق مستقبلي ممسوس بضوء الشمس حد الشروق.

عندما يحب الناس الحياة سوف يدافعون عن موجبات سعادتهم ويتعايشون متعالين عن اي شيء يخدش فرحهم وسوف تعلو لغة الغفران وتختفي لغة الحقد والكراهية.

اترك رد