ليلة البارحة تبول وقوفا وبغزارة الرئيس الامريكي ترامب الممسوس بالعنجية حد اختلاق الجنون على رؤوس معظم حكام وشعوب العالمين العربي والاسلامي شاملا برذاذه عوالم اخرى خاصا مؤسسات الشرعة الدولية وعلى رأسهن الامم المتحدة وقراراتها البائسة بالكثير وهو يعلن بكل صلافة ووقاحة ودون أن يأبه لاحد بان القدس بشقيها الغربي والشرقية عاصمة ابدية لاسرائيل وآمرا بالبدء الفوري بإجراءات بناء سفارة امريكية جديدة فيها مشيرا الى ان حل الدولتين وحدودهما موقف على موافقة الطرفين والذي يعني في حقيقته موافقة اسرائيل عليه والتي لم ولن توافق وهو إذ يعلن بتبوله الارادي الوقح هذه الخطوة يشطب فلسطين نهائيا والى الابد من خارطة الدول ويعيد بحسبه الارض المغتصبة من الاف السنين لاهلها مومئا للفلسطنيين وهو يسد سحابة بنطاله “فتشوا لانفسكم عن ارض اخرى”.
ان هذه الخطوة لم تكن مفاجئة او خارجة عن السياق الطبيعي لتسلسل منطقي للاحداث فهي نتيجة طبيعية للاسباب التالية:
اولا: ما تمت الاشارة إليه في منشور حرب المائة عام من حقائق واهمها ان امريكا ليست دولة تدعم اسرائيل بل ان امريكا هي جسد لدولة واحدة روحها اسرائيل وان هذا الجسد خادم صاغر ومطيع لروحه الشرهة وان هذا التوصيف ليس مجازا ادبيا وانما هو افصاح واضح لحقيقة دينية يتعبد بها الامريكان والاسرائيليون على حد سواء.
ثانيا: النهج النفعي وروح الفرقة والتشرذم التي سادت السلوم الفلسطيني طيلة السنين الماضية والصراع النهم على المال والسلطة والمنافع والفساد القبيح الذي لا يستثني إلا النادر من القيادات الفلسطينية من كل الاطراف مضافا الى السمسرة والخيانة من الكثير من رموز واسماء طنانة باعت قضيتها بالثمن البخس.
ثالثا : السلوك المشين لمعظم القيادات العربية والانخراط الطويل في صفقات السمسرة والخيانة والعهر والانبطاح التام للارادة الامريكية طاعة واذعانا ومن اجل المحافظة على كراسيهم ومنافعهم ومثلت مرحلة السعودية الجديدة بقيادة محمد بن سلمان ومعها الامارات والبحرين وآخرين في الترتيبات الاخيرة التي امضاها معهم ترامب وكوشنير اسوء مراحل السمسرة حيث تم الاتفاق على تمرير هذه الخطوة والتي ستلحقها خطوات متتابعة يمكن ان يكون احداها دعوة دول مجلس التعاون لاسرائيل للانضمام إليهم.
رابعا:استفحال المنهج الطائفي المتطرف والرؤية السلفية التي رسمت قائمة جديدة للاخطار والتحديات بأمر مباشر من الصهيونية حيث صارت ايران هي العدو الاول والوحيد للعرب والمنطقة ومعها الشيعة وحزب الله وسوريا وان اسرائيل لم تعد خطرا عليهم بل هي في طريقها لأن تكون الحليف القريب وصار العرب يعقدون الاجتماعات الطارئة لمواجهة خطر ايران في الوقت الذي يستمتعون به بانتعاش بالتبول الامريكي وان هذه الرؤية لم تكن على مستوى الحكام فقط وانما التزامها معظم الشعوب العربية والاسلامية مما دفع اعداد من الفلسطنيين يجدون محل الشهادة في تفجير جثثهم العفنة بين صفوف المدنيين من العراقيين وخصوصا الشيعة وليس بين صفوف الاسرائليين.
خامسا: الانصياع الكامل والمداهنة الواضحة لمعظم القوى العالمية والمؤسسات الدولية دعما للمشروع الصهيوني وانصياعا لما تمليه اسرائيل وامريكا في هذا المجال.
ان هذه الخطوة وان قيل انها لا تغير الكثير في ارض الواقع محاولة لامتصاص زخم اي توتر شعبي يمكن ان يصدر هي في الحقيقة اعلان رسميا صريح يلغي فلسطين نهائيا من الخارطة العربية ويسلم هذه الارض بكلها للصهاينة ويزيد على ذلك يعطي راية قيادة المنطقة رسميا لاسرائيل ويسجل اهم انتصار لحرب المائة عام الاولى ويفتح الباب لاستكمال مضمون البشارة اليهودية في عودة كاملة لبني صهيون في دولة تتسيد العالم ويلتزم الجميع قهرا بخدمتها.
انني اذ اشير في هذه السطور لهذه المجريات ليس انسياقا تحت حمى خطابات قومجية فارغة وفاشلة وانما اضع بين ايديكم اشارات ارى ان منطقتنا مقبلة وبتسارع مرعب على استكمال للمشروع الصهيوني وان العراق تحديدا له مكانة مهمة في اسطورة الحلم الصهيوني في نصيات تعد الاقدس في نظرهم.