ضــــاعَ مـــدادُهُ في كُتْبـِهِ ( إلـــى من يقرأون ومن لا يقرأون )

 

قصيدة من تداعيات ضرب الدّواعش تمثال أبي العلاء المعريّ أكبر شاعر فيلسوف في الشّرق والغرب ، وقد ضربه التكفيريّون ، ومن لَفَّ لَفَّهم ، ومَنْ يدفعونهم ، ومن يدفعون لهم ، بمشاركة 82 دولة :

كتائبُ من غَرْبٍ وَشَرْقٍ تَألّبَتْ*** فُرَادَى أتَاهَا المَوْتُ وهو تُؤَامُ

ومن يسلّحونهم برشّاشاتهم سريعة الطّلقات، ومناظيرهم الليليّة ، وقنابلهم اليدويّة، ومدافعهم الهاوتزر والمورتر الأمريكيّة وسيّاراتهم رباعيّة الدّفع الأمريكيّة أيضًا، والطّائرات الموجَّهَة من الأرض بالروبوت كونترول آحر صرعة يتعامل بها حلف شمال الأطلسيّ، ويدخلون إلى سوريّة من حدود الأردن الهاشميّ والمسلم والعربيّ جدًّا، والأناضول التركيّ والعثماني والإسلامويّ جدًّا جدًّا، وذي المساجد المتّجهة إلى القبلة المحمّدية في الكعبة التي يحجّ اليها المسلمون من عرب وعجم ، ويغذّون وحشيَّتَهم بخطابات شيوخ فتوى أمثال القَرَضاويّ ومن هم على شاكلته متديِّنين بامتياز، وتشفعهم وسائل إعلام بإشراف مثقّفين وأصحاب فكر متعملّقين ومتعلّقين بالدّولارت الخُضْر من خزينة أمبراطورية قطر العظمى، ومملكة آل سعود الرّمليّة ، وهم أعداء الأمّة العربيّة بامتياز، ويردفهما أمراء الخليج أمثال بحرين لا بحر واحد ، وكويت لا كوت، والغرباء عن العقل والنّقل والتّنوير والتّفكير والاتّزان (أُهديها إلى المتحرّين من التّبعيّة لأمريكا والعقلانيّين العلمانيّين لا المتزمّتين في أمّتنا العربيّة والإسلاميّة والعالم).

النّاصرة

وَنَحْنُ ـ بَنِي الدُّنيا ـ سنَبْقَى لِجَهْلِنا * نُخَاصِـمُ فيما بَيْنَنا ونُعَادِي
فَهذا يُعَادِي النّاسَ من أجْـلِ مالِهِ * وَدَيْنٍ له يَبْقَـــى بِدونِ سَدَادِ
وهذا يُعادِي النّـاسَ من أجْلِ دِيْنِهِ ***وذاكَ يُعادِيْهـم لأجلِ مَبَادِي
ولستُ أرَى فـي النّـاسِ دِيْنًـا مُنَزَّهًــا***ولكنَّــهُ دِيْــنٌ لأجْـلِ مَفَـادِ
” حَوَى دِيْنَ قَومِ مَالُهُم فَنُفُوسُهُمْ*إلى الفَتَكاتِ المُخْزياتِ حوادي1″
خَوَى دَنُّ شرْبٍ فاستجابـُوا إلى التُّقَى*فَعِيسُهُمُ نَحْوَ الطَّوَافِ خوادي2″
فلَوْلا ابتِغَاءُ الرِّبْحِ مــا سَحَّرَ امْرُؤٌ**لِصَـوْمٍ ونادَى للصّـلاةِ مُنَادِ
وما قامَ داعـي الناسِ إلاّ لِنَهْبِهِمْ ***وَيَبْقَى كذِئْبٍ في عِدَاءِ نِقادِ3
وَمَـا وَعَظَ الوُعَّاظُ إلاّ لِمَكْسَبٍ***وَيَجْرُونَ للأطْمَـاعِ جَرْيَ جِيَاد
وَأَعْرِفُهُمْ لا دِيْنَ فيهمْ وإنّهُمْ * أتَـوْا يأكلون السُّحْـتَ أكْلَ جَرَادِ
ويبقَى قَوِيُّ القَوْمِ رَهْنَ تَسَلُّطٍ *ويبقَى ضعيفُ القومِ رَهْنَ صِفادِ4
وما نَفَعَ الأقـوامَ “بُوْذا” بدينِهِ ***ولا مَنْ هَدَاهُمْ في ظَلامِ وِهَادِ
ولا مَـنْ فَدَاهُـمْ مَاشِيًـا بِصَليبِـهِ ***علــى دَرْب آلامٍ ، وذلكَ فـادِ
كذلكَ من قد هـادَ 5 إذْ قادَ قومَهُ***ـَفَضَلُّوا وقد تاهوا بدونِ قِيادِ
وذاك الذي قد جاءَ للناسِ منقذًا *لقد بح منه الصوت وهو ينادي
وما سمعوه والورى ذاك شانهم***تسد لها الأسماع دون سداد
وما اتحد العمال في كل موطن***ولا عرفوا للرأي أي سدادِ
وَظَلَّ صِرَاعُ النّاس فقـرًا وثروةً *وَما كان “مرْكْسْ” لَعْبُهُ لَعْبَ أوْلادِ
وَصِرْنا بها الأضْدادَ بالجَهْلِ ما ارْتَدَتْ*علينا وقد مُتْنا ثِيابَ حِدادِ
وقالَ: قرَأُوا لم يَقْرَأوا غيرَ صُوْرَة**لِسَاداتِ قومٍ كائناتِ جَمادِ
فواأَسَفـا والنّاسُ جاءُوا لِيَعْبُدوا*** إلهًــا لِـذَا قد عُرِّفُــوا بِعِبَـادِ
فما عَبَدُوْهُ ،واستعاضُوا إلهَهُــمْ * بِرِبْحِ دَنانيرٍ بسُوْقِ كَسَادِ
أقامُوا دكاكيناً من الدِّيْنِ وابْتَنَوْا**مواخيـرَ للفُسَّاقِ باسمِ نَوَادِ
وفي كُلِّ قَرْنِ يَعْمُرُونَ بلادَهُمْ***فيأتي الذي يَسْعَى لِهَدْمِ بِلادِ
وما نَفْعُ مـا يُبْنَي وتأتيـهِ هَدَّة ***هَدَادَيْكَ7 يا هذاهَدَاكَ هَدَادِ8
يُتاجِرُ قومٌ بالسِّلاحِ وصُنْعِهِ**وقَوْمٌ بأُفْيُونٍ وعِرْضِ خِرَاد 9
تَبَدَّدْتُمُ طَيْـراً أَابيل10 بِئْسَ ما***فَعَلْتُمْ وقد صِرْتُمْ شُعُوبَ بَدَادِ11
وما زالَ عْقلُ النّاسِ طِفْلاً إذا مَشَى***فليس كثيرًا أنْ يُخَاطَبَ دَادِي 12
ولو عَقَلَ الإنسانُ ما خاصَمَ امْرَأً*ولا جَرَّ جيشًا لاِحْتلالِ بِلادِ
فإنَّ شُعَوبَ االأرْضِ بِالسِّلْـمِ تَلْتَقِي***ولكنَّ مَنْ قَادُوا الشُّعُوبَ أعَادِ
مَصَالحُهُمْ تَقضِـي بِضَرْبِ شُعوبِهِــمْ***وَهُـــمْ فــــي تَعاديهِمْ كَخَيْلِ طِرَادِ
وشـرقٌ وغـربٌ والصِّـراعُ مُسَخِّـرٌ*** شُعُوبًا لِحَرْبٍ والنّفيـــرُ13 يُنادي
ولولا احتياجُ الوَحَشِ والطَّيْرِ رَحْمَةً**لما عَهِدُوا لِلأرْضِ سَقْيَ عِهادِ14
تأمَّلْ قديــمَ الأمْـرِ تَعْلمْ حديثَهُ ***فكلُّ جِــدادٍ فيهِ غَيْرُ جِـدادِ
ومن وَعَدَ الإنسانَ بالخيـرِ مُقْبِلاً*** فما وَعْدُهُ إلاّ كَذَرِّ رَمَادِ
فَسادٌ قديــمٌ ضَمَّ أبنــاءَ آدَمٍ***وقد شَذَّ مَنْ جاءُوا بغيــرِ فَسَادِ
فَفـي بَعْضِ جِيْنَاتِ الخلائِـقِ مَظْهَـرٌ***يَشُذُّ فيأتي عـن طريقِ عِنَـــادِ
وما قَتْلُ قابيلٍ هبيلا أخاه تَعَدِّيًا * بِقَتْلِ دِفاعٍ بَلْ بقَتْلِ عَمَادِ
يريدُ تُرَاثًا من أبيـهِ وأُمِّــهِ * وليس ثُنـاءً بَلْ تُــراثَ أحَـادِ
ولولا الغُرابُ الجَوْنُ15 ما كانَ عارفًا***طريقَةَ دَفْنٍ إذْ دَهَتْهُ عَوادِ 16
فَوَيْلٌ لنا من تَعْسِنا بانَ سَعْدُنا * وما هذه الدُّنْيا بِدَارِ سُعَادِ
خَرَطْنـا قَتَـادًا17 فـي الحياةِ وَبَعْضُنا**مَضَى وهو طَفْلٌ دُوْنَ خَرْطِ قَتَادِ
وَمَن حَصَدُوا كانَ الزُّؤَانُ حَصَادَهُمْ **فيا لَحَصَادٍ كانَ غَيرِ حَصَادِ
ونادَى بِوَادٍ ذو حَيَاةٍ فَلَمْ يَجِدْ *مُجيبًا وقد أَوْدَى الصُّرَاخُ بِوَادِ
ولو قالَ: إنّي بالمجاعةِ مُبْتَلَىً***لَضَنُّوا وما جاءُوا إليهِ بِزادِ
ولو قالَ للنّاسِ:اكْرَمُوا بِزِنادَةٍ18*لأحْرِقَ ذاتي ما أتَوْا بِزِنادِ
وَقالــوا: فلانٌ ذا19 جَـوادٌ وإنّمَا * أتـى في امتحانِ الجُوْدِ غيرَ جَوادِ
وقالوا فلانٌ ذا جِهـادٌ وإنّما * مَضَى في سبيــلٍ غيرِ دَرْبِ جِهادِ
وَقالوا :فـلانٌ ذا زِيادٌ بفضلِـهِ***فلم يَشْهَدُوا فـي النَّقْصِ غيـرَ زِيادِ
وقالوا :عِمادٌ كي يكونَ دِعامةً***فإذْ بِعِمادٌ في احتياج عِمادِ
وعبدٌ معين النّاسِ ما كان عونَنا*** بشفعٍ أو حين دَفْع شِدَادِ
وقالوا : وَدادٌ وهــي ذاتُ مَوَدَّةٍ***فإذْ بوَدادٍ غيـرِ ذاتِ وَدادِ
وقالوا :سُهادٌ وهي ذات تَسَهُّدٍ***فإذْ بِسُهادٍ غيرِِذاتِ سُهادِ
وَسمَّوْا ربيعًا والخريفُ بوجهِهِ ***فكانَ قُرادَ20الخيلِ وابنَ قُرادِ
وقد جاءَنا شيخُ المَعَرَّةِ مُبْصِرًا**فهلْ سارَتِ العُمْيانُ دَرْبَ رَشَادِ
فَوَاأَسَفَا ضَــاعَ المِدَادُ بُكُتْبِــهَ***فيا لَيْتَهـا ظَلَّتْ بَيَاضَ مِدادِ
وَوَجْهُ غُـرَابِ البينِ يبقَى سَوَادُهُ**سَوَادًا ولن يَرْضَى بغيرِ سَوَادِ

ــــــــــ

بيتان من شعرأبي العلاء المعريّ ، والمعنى: 1+2

لقد أفسد المالُ دينَ النّاس بسبب البَطَر وركوب ما هم فيه ممّا تدعو إليه النّفس . والحوادي الأرجل الخلفية لانها تتلو الأمامية كما يتلو الحادي القافلة ليحدوا لها فتجدّ في سيرها.

فرغ وعاء خمرة من يشربون الخمر ، فتذكّروا دينهم وإيمانهم ، فوجّهوا إبلهم نحو الكعبة خوادي أيْ مسرعات.

3- النِّقاد : صغار الغنم . 4- الصِّفاد : القيد . 5- وهاد :جمع وهدة : المنخفض من الأرض .5- هاد : دخل اليهودية

6- ذَحْل : ثأر.

7- هدَادَيْكَ منصوبة على التثنية مثل سَعْدَيْكَ وحَنَانَيْك أي تَرَّفَقْ وكُنْ لطيفً

8- هَدَادِ مبنية على الكسر على وزن فَعَالِ كحَذَامِ للتلطّف والتأنّي .

9- الخِراد : جمع خريدة وهي الفتاة البِكْر.

10- أبابيل : متفرّقة. 11- بَدَادِ : مُشتّتة ، متفرّقة.

12- دادي : لفظة تقال للطفل البادئ في الوقوف والسير تشجيعًا له على الوقوف واستحثاثاً على السيي .

13- النّفير: البوق ، وهو نفير الحرب .

14- العِهَاد : أوّل مطر الرّبيع .

15- الجون : الأسود.16-العوادي :المصائب .17- القَتَاد : شجر صلب له شوك كالإِبَر

18- الزِّنَادَة :حديدة فولاذية تشعل بها النّار بقدحها بحجر صّوان.19 – ذا :هذا اسم إشارة بحذف هاء

20- القُرَاد : جمع قُرَادَة وهي دويبة تتعلّق بالبعير ونحوه وهو كالقمل للإنسان.

 

اترك رد