جَبَرُوْتُ المَحَبَّة

         
لِوَجْهِكِ دُوْنَ حَوَاجِزَ وَلا اِعْتِقَالٍ
كَأَنَّهُ بَرْدٌ أَزْرَقٌ يَشِي بِمَوتٍ رَائِعٍ

لِوَجْهِكِ دُوْنَ دَمْعٍ يَتَسَرَّبُ في أَقْفَالٍ
كَأَنَّهُ حُبٌّ مُنْدَفِعٌ في قِتَالٍ مَعَ الْحَرَائِقِ
سَأَنْتَظِرُكِ هُنَاكَ في حُرِّيَّةِ الْجَسَدِ
وَكُلُّمَا أَنْذَرَتْنَا غَيْمَةٌ عَمْيَاءُ بِالْمَطَرِ السَّعِيدِ
هَبَّتْ مِنّكِ عَاصِفَةُ اِشْتِبَاهٍ جَدِيدَةٌ
لِكَيْ أَدْخُلَ السِّجْنَ مَرَّةً أُخْرَى بِلاَ قَمِيصْ.!
« يُوسُفُ » النَّبيُّ نَجَا بِأُعْجُوبَةٍ
مِنْ مَحْرَقةِ مَوتٍ ضَالِعَةٍ بِالسَّوَادِ
لِأَنَّ « زُلَيْخَةَ » أَحَبَّتَهُ بِأُسْطُورِيَّةٍ مُلْهِمَةٍ
صَنَعَتْهَا أَسْرَارُ وِصَايَةٍ سَرْمَدِيَّةٍ نَحوَ الْغَرَقِ
قَبْلَ مِيلاَدِ « يُوسُفَ » وَقَبْلَ أَنْ تَرَاهُ مَحْمُومَاً
في ضَنَكِ الخِيَانَاتِ وَمأْسَاةِ الْقَمِيصِ.!
كَانَتْ سَتَلْتَقي بِهِ مَعَ أَيِّ ضَغِينَةِ اِبْتِلاَءٍ
في ظَلاَمِ جُبٍّ أَو في حُفرَةِ سِجنٍ أو مَرَاسِمَ
أَو في حَقْلِ جَدْبٍ أَو في قَافِلَةِ تَهرِيبٍ.!
وَمَهْمَا غَامَتِ السَّمَاوَاتُ في الأَعَالِي
وَمَهْمَا تَلَبَّدَتِ الحُظُوظُ بِالتَّشظِّيَاتِ وَالْمَنَائي
كَانَتْ سَتَلْتَقي بِهِ بَعِيدَاً عنْ سَطْوَةِ الْكُولِيْرَا.!
وَأَنَا مَا دَوْرِي اِذَاً في هَذِهِ التَّشابُكِيَّةِ.؟
مَا دَوْرِي لِأَدُورَ غَرِيبَاً في أَدْرَاجِ الْمَتَاهَاتِ.؟
الحُبُّ قِطَارَاتُهُ صَاخِبَةٌ وَأَنَا خَارِجُ الإِطَارِ مُتَّشِحَاً
بِعُقَدِي وَأَوْهَامِي أَقُودُ نَفْسِي إِلى حَظَائِرِ التُّفَّاحِ
وَفي دَمِي يَغْلِي سُمُّ الأَفَاعِي بِنَيزَكِ اِلاِزْدِهَارِ
« يُوسُفُ » بِضْعَةُ عِشْقِي وَاِنْكِسَارِي وَنُهُوضِي.!
وَأَنَا كُلَّمَا أَلْقَيتُ إِليكِ طَوفَ نَجَاةٍ أَبْعَدْتُهُ ثانِيَةً عَنّكِ
لأَنَّنِي أُعِدُّ الغَرَقَ في حُبِّكِ شَهَادَةً مُضَاعَفَةً.!
اِكْشِفِي لِي عَنْ مَرَايَاكِ كَيْ أَرَاكِ مُتَّقِدَةً بِجَبَرُوتِي
اِكْشِفِي لِي عَنِ الْمَلَكُوتِ فَقَدْ جَفَّتْ قِوَايَ بِالْعَطَشْ
فَلَيْسَ لِي قُوَّةٌ إِلَّاَ بِالْمَطَرِ الهَاطِلِ مِنْ شَعْرِكِ الْمَائيِّ
حَبَّاتُهُ بَيْنَ أَصَابِعِي وَسَأَشْرَبُ حَتَّى نَتَوَارَى عَنَّا.!
« زُلَيْخَةُ – يَا – زُلَيْخَة » :
اِنْسَحِبِي مِنْ بلِاَطِ الْعَرْشِ الْمَشْحُونِ بِالْحُفَرِ
لِتَقْتَرِبِي مِنَ زُرْقَةِ الْمَحْرَقَةِ تَحْتَ مَظَلَّاَتِ الْحَيَاةِ
وَشَاهِدِي مَرَاياكِ الْجَدِيدَةَ هُنَا في الْبَرَاءَةِ تَشْتَعِلُ
وَكَيْفَ تَمُورُ في هَذَا التُّرَابِ وَهَذِهِ الأَرْضِ.!
 :« يُوسُفُ – يَا – يُوسُفْ »
دَعْ صَوْلَجَانَ الْحُكْمِ مَرْمِيَّاً بِرَأْسِهِ عِنْدَ فَرَاغِ الْكُرْسِيّ
وَأْتْرُكْ مَفَاتِيحَ الحِنْطَةِ وَعَنَابِرَ قَحْطِ السَّنَواتِ وَرَاءَكَ
وَتَعَالَّ إِلَينَا الآنَ كَيْ تَتَحَرَّرَ رُوْحُكَ مِنْ كَبْتِ الأَقْفَاصِ.!
اِخْلَعْ وَهْجَ كَوَاكِبِكَ السَّيَّارَةِ بَعِيدَاً وَأْرْقُبْ أَنْوَارَ الَّلْحَظَةِ هُنَا.!
وَصَفِّقْ بِيَدَينِ عَاشِقَتَينِ لِلْمَشْهَدِ بِكُلِّ بَسَالَةِ إِنْسَانيَّتِكَ
وَغُصْ في جَبَرُوتِ الْحُبِّ مُمْتَلِئَاً دُوْنَ قُفْطَانِ الْوِصَايَة.!

اترك رد