كُوْنِي فكانَتْ

كُوْنِي فَكَانَتْ وَالقَصِيْدَةُ مُجْهِرٌ
لِلبَحْثِ عن أفقٍ بَعِيدْ

يا أنْتِ لي مِثْلُ الفَرَاشَةِ
من هُيَامٍ مُشْرِقٍ ،
هَلْ أسْتَعِيْدُ مُجَدَّدًا من أُفْقِ رابِعَةِ الهَوَى
حُبًّا إِلهِيَّ الهَوَى
هلْ أسْتَعِيدْ ؟
***
وَعَلِمْتُ أنَّ البَحْرَ رَمْلٌ
وَالمَدَى أمَلٌ تَلأْلأَ بالمَزِيدْ
***
يا عِيْدُ عُدْتَ وَلَمْ تَعُدْ،
فَبِأَيِّ حَالٍ عُدْتَ؟
قُلْ لِلنّاسِ حتّى بَعْدَ إنْ سُمِّيُتُ عِيْدًا:
ليس وَجْهُكَ وَجْهَ عِيدْ
***
هِيَ حِرْفةُ الأيّامِ
وَالمَوْتُ المُدَجَّجُ بِالمُدَى
وَرُؤَى الحَدِيدْ
***
مَنْ كانَ يَسْعَدُ لا يَرَى
أنَّ الأمَانيَّ الخَبِيْئَةَ خَيْبَةُ الأمَلِ السَّعيدْ،
***
فَلْتَهْصِرِي غُصْنَ البُعَادِ مُزَوَّدًا
بِقَطَافِ عُنْقُوْدٍ جَدِيدْ
***
وَالليلُ باقٍ مِثلَ صُبْحٍ
وَالنُّجُومُ عنِ المَدَارِجِ لا تَحِيدْ
***
وَالكُلُّ يَجْرِي في مَيَادِينِ الحَيَاةِ
كَمَا الكِلابُ وَإِنَّهَا
تَجْرِي تَصِيْدَ لِغَيْرِها،
وَتَظَلُّ تجري كي تَصِيْدَ لِذاتِهَا
وَلِذَاتِهَا تَجْرِي..ولكنْ لا تَصِيدْ
***
حُكْمُ السِّياسَةِ
كُلُّ كَلْبٍ حَارِسٌ،
فَابْسُطْ ذِرَاعَكَ بالوَصِيدْ!
***
فَالكَلْبُ لا يُرْضِي هَوَاهُ
سِوَى ننبطاحٌ بالوَصِيدْ
***
هذا رَصِيْدُكَ،
خابَ سَعْيُكَ
لا رَصِيْدَ سِوَاهُ
تَبًّا ثُمَّ تَبًّا لِلرَّصِيدْ!
***
وَالأمْنُ للحُكَّامِ في كُلِّ البِلادِ
وَمُنْذُ دَهْرِ الدّاهِرِينَ،
وَليسَ لِلبَلَدِ البَليدْ
***
عَمَلِيَّةُ التَّلمِيعِ قائِمَةٌ
وَليسَ يَقُومُ بالتَّلميعِ إلاّ المُسْتَفِيدْ
***
فَابْصُقْ عَلَى كُلِّ العُصُورِ وَأهْلِهَا
وَعلى المُلَمِّعِ وَجْهَ قِرْدٍ حَاكمٍ
كَيْ يَسْتَفِيدَ،
وَبِالنَّتيجةِ لَيْسَ فيها مُسْتَفيدْ
***
إلاّ الذينَ لَهَا يُجِيْدُونَ انْبِطَاحًا
ليسَ كُلٌّ بالمُجِيدْ
***
وَأنا خَبَرْتُ النّاسَ كُلَّهُمْ
وَلَمّا أَلْتَقِ للآن بِالفَرْدِ الفَرِيدْ
***
هَجَرُوا التَذَمَّرَ وَالتَهَوْا
بوظيفةٍ،
بِرَكُوبَةٍ في كُلِّ عامٍ تُسْتجَدُّ
لِيَضْمَنُو العَيْشَ الرّغِيدْ
وَلا جَدِيدًا يْضْمَنُونَ وَلا رَغِيدْ
***
سِيْمَاهُمُ بِوِجُوْهِهِمْ،
وَلَهُمْ وُجُوهٌ كَالجَليدْ
***
وَعَرَفْتُهُمْ وَأنا صَغيرُ السِّنِّ تَجْرِبَةً
وَلَسْتُ أقْنَعُ مَثْلَ كُلِّ النّاسِ بِالعُمْرِ المَدِيدْ
***
وَلَرُبَّما تطويلُ عُمْرِ المَرْءِ أو تَقْصيرُهُ بيديهِِ
ليس يَنقُصُ أو يَزِيدْ
***
وَالوَقْتُ سَيْفٌ باتِعٌ
وَأرَى الهَوَى مُتَمَنْطِقًا
مِثْلَ الحَرَائقِ بالدُّجَى ،
بِأَنَا بِأَنْتِ بِوَرْدَةٍ ،
عَصْمَاءَ قد مُزِجَتْ دقائقُ لَوْنِهَا
بِدَمِ الشَّهِيدْ
***
وَزَرَعْتُ من وَتَرِ المَوَدَّةِ رِيْشَةً
غَاصَتْ لِتَعْزِفَ في عُرُوقِ أصَابِعِي
حتّى الوَرِيدْ
***
وَأنامُ مِلءَ الجَفْنِ،
ليسَ تُقْلُقُنِي الشَّوَارِدُ من قصائدَ
او هَوًى زِلْزَالُهُ هَزَّ الجِبَالَ
بِوَعْدِهِ لكِنَّهُ بَعْدَ التي قد سَافَرَتْ
بِيْ في احْتِرَاقِ العُمْرِ أسْفَرَ عن وَعِيدْ
***
هَاتِيْ رِسَالَتَكِ الشَّهِيَّةَ كاخْضِرَارِ اللّوزِ
في نَيْسَانَ غِبَّ شَتَائِهِ،
وَلْتَقْرَئِيْ عَنِّي أنَا – الأُمِّيَّ –
وَاعْتَرِفِيْ بِجَهْلِي الحَرْفَ
هَاتِي وَأقْرَئِيْ وَأنا أُعِيدْ ،
***
ما سُوْرَةٌ نَزَلَتْ عَلَيْكِ
مُنَجَّمًا تَرْتِيْلُها إلاّ وتُطْعُمُنِي
كَفَرْخٍ من يَمَامِ البَرِّ في عِزِّ الضُّحَى
حَبَّ الحَصِيدْ
***
إلاّ وَتَسْقِيْنِي شَذَى الأحْلامِ
في الزَّهْرِ النَّضِيدْ
***
ما الكَيْدُ من شِيَمِي،
وَأنتِ فَرِيدَةٌ بالصّدْقِ
ما أنْ كِدْتِ لِيْ كَيْدًا
وَإنِّيْ لا أكِيدْ
***
كَيْدُ النِّسَاءِ من العَظَائِمِ
تُهْمَةُ الرَّجُل الذي يَكْتَادُ
كَيْدًأ بالأكِيدْ
***
ما سَقْطَةٌ إلاّ وَيُسْقِطُهَا عَلَيْكِ
وَلَهْوَ عَنْ إلصَاقِهِ بِكِ كُلَّ أفْعَالِ النَّقَائِصِ لا يَحيدْ
***
ما من زُلَيْخا حين تَصْدُقُ غيرَ بِنْتِ إلهَةٍ
وَأنا بها وبكلِّ بِنْتِ إلهَةٍ صِدقًا أُشِيدْ
***
فَلْتَشْرَبي من حَفْنَتِي
خَمْرًا عَصَرْتُ وذا مَنَامِيْ شَاهِدٌ
لِيْ بِالعَنَاقِيْدِ التي أَهْدَيْتِنِيْ
من كرْمِكِ المِهْيافِ*
حتى صِحْتُ من فَرَحٍ
بأعْمَاقِ الليالي:
غيرَ خَمْرِكِ في الليالي لا أُرِيدْ
***
فَارْتَدَّ لِيْ ذاكِ الصَّدَى
في هَدْأةِ الليلِ المُجَنَّحِ بِالقَصَائدِ وَالنَّدَى
“يا هذهِ أنَا غيرَ خَمْرِكِ في الليالي لا أُرِيدْ”
***
فَشَعَرْتُ أنِّي بَعْدَ نَزْعِي مِتُّ فِيْكِ
وَأنَّني في غَمْضِ أجْفَانِي عَلَيْكِ
وَصُوْرَةٍ لكِ في خَيَالِي ،
رُحْتُ أُبْعَثُ من رَمَادِيْ من جَدِيدْ
مثلَ فينيقِ* الليالي،
رُحْتُ أُبْعَثُ من جَدِيدْ!

One comment

  1. يقول claudeabouchacra:

    هِيَ هِيَ القَصِيدَةُ… ما دَبَّجت!
    والشِّعرُ يَفرُضُ نَفسَهُ حِينَ يُلامِسُ الشَّغافَ، ويَستَوطِنُ الحَنايا.
    كَلامٌ فِيهِ مِن السِّحرِ فَيْضٌ، في بَلاغَةِ تَراكِيبَ، وصُوَرٍ أَثِيرِيَّةٍ، وإِيقاعٍ يُرَقِّصُ الجَوارِحَ والمَشاعِرَ، وَوَضْعٍ لِلإِصبَعِ في جُرحٍ مُجتَمَعِيٍّ يَنِزُّ مِن كُلِّ إِهابٍ تَوَرَّدَ بِالدَّمِ النَّقِيّ…
    أَلا سَلِمَت يَراعَتُكَ! ولا غَرْوَ… أَما أَنتَ مِن أَرضٍ يَكتُبُ شُعَراؤُها بِالنَّجِيعِ السَّاخِنِ، ويَصرُخُونَ مِن حَناجِرَ جَرَّحَها الكَيْدُ وصَمتُ الصَّامِتِين!
    مُورِيس وَدِيع النَجَّار

اترك رد