نبوءةُ عشقٍ

  
أدسُ وجهي ثمة عشق هناك
تحاصرُ أنفاسي

وفمي المتخشبِ
من قهرِ ( الحلائب ) *ِ
لا طمعاً بشهوةٍ موؤدةٍ
بل بوطنٍ يَعمُّني الأمانَ
يُسقطُ أمطاراً ساخنةً على وجنتي .
تنزعينَ جِيدَكِ عني
أرمي سناراتِ الصيدِ
 أَلتقطُ كتباً لفلاسفةٍ غلاةٍ
 لم يعرفوا كيف يعشقون وجوهَ النساءِ
فأَعتَبِرُ،
أعيدُ الدَّرسَ ثم الدَّرسَ
لا فاتحاً أو غازياً
بل لاجئا اليكِ ،
أُعَمِّر حضارةً عصيَّةَ الزوال
أسورُها بشعركِ المتحايلِ على البياض
تطربُنا همهماتُ الطواويس
وآهاتُ القبرات ،
لا مكان لتعايش الثعالبِ وبغايا السلاحفِ
والملوكِ المخلوعين .
حاذري بناتِ آوى اللاتي قطعنَّ شوارعَ بغدادَ
لا ربيعَ فيها .. غابتْ عنها هتافاتُ السكارى
وأُسقطَ جنينُ الثورات .
صمتُكِ :
عصيٌّ لم يستطعْ السحرةُ  فَكَّ حرزهِ ،
قيل أستلَّ من ضلع فرعونَ
وقيل ريحٌ من عطرِ يوسفَ .
قطرةُ مطرٍ محبوسةٍ في فمكِ
تلد دستوراً للعشقِ ..  بنبوءةِ الياسمين
يتدفقُ عسلاً وتمراً
على عفَّةِ  الخاصرة .
حينما أَقبِلُ تنازعني حسراتٌ لأضمَّكِ
كي لا يسرقكِ وطنٌ
 مضى هارباً على متنِ زورقٍ مثقوبٍ
إلى جهةٍ مجهولةٍ ..
وطنٌ نسي أنْ يأخذَ:
 .. أزواجَ الطيورِ
.. أغراسَ العنبرِ
.. حجابَ أمي
.. كوفية أبي
.. ألواحَ عشقِنا الأبيض ،
نسي صوتَ المؤذّنِ
هل يجْمعُ صلاتَهُ أم يُقْصِّرْها ؟
أيَّقيمُها فوق الموجِ الأزرق ؟
أم تحتَ  أقراطكِ السود؟
هل يبطلُ البحرُ صلاةً سرقها الوطنُ؟
أم ستشفعُ له جثةُ طفلٍ غريقٍ
سقطَ من حضنِ أمهِ ؟
كما ينهمرُ الرضابُ على قدودكِ الياسمين .
يا هيفاء الروحِ
يا صخرةَ الصمتِ
يحفر فيها العذالُ شماتَتِهم
يا صحفَ إبراهيمَ المليئة بأسماء الشهداء
وأتلفَها غبارُ الحروب
يا قصيدةً لا تنتهي
بأحزانِ العراق
وبأسرارِ موّالي حلب..
من يغيث رجلاً ؟
حاصرتهُ الأكمامُ
وأزرارُ المآذنِ
 تكوَّرَ في جوفِ المنارات ..
لُفَّ عِنقُهُ بشعركِ الكستناء
يُحاكِمُ  خريفَه
دون عشقٍ ،
يقاضي قلبَهُ
وهو يرع قطيعَ الحروفِ البليدةِ
التي لم تعرفْ الجسارةَ
ولم تعتدْ على غوايةِ النّصوص .
يختنقُ النفسُ
يضيقُ عليه المهدُ
يخلعهُ الأنينُ
يبتلعهُ النحيبُ
في ذروةِ هيجانِ البحرِ
تغمرهُ  دموعُكِ
فلا نجاةَ
من لظى الحنين .
أهي رؤياي
أم نبوءةَ عشقٍ ؟
20 – 8- 2016
****
(*) الحلائب جمع افتراضي لمدينة حلب

 

اترك رد