وردة … رحيق الطرب العربي

..تعتبر السيدة أميرة الطرب العربي وردة الجزائرية ( وردة محمد فتوكي ) رحمها الله من الأصوات النادرة في عالم الطرب العربي.. انها ابنة مدينة سدراتة الجزائرية (سوق اهراس) من أب جزائري و أم لبنانية.

..عاشت الغربة رفقة والديها بفرنسا..

كانت الراحلة وردة منذ صغرها ذواقة للفن و الجمال كما كانت محبوبة جدا لخفة روحها  .

بدأت الغناء في سن جد مبكرة بحيث كانت تردد أغاني أم كلثوم و محمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ.. و يرجع الفضل في بروز وردة و انطلاقها الى فضاء الغناء العربي الفنان التونسي (الصادق ثريا)..، هذا الأخير الذي لم تنصفه الصحافة الفنية العربية ، و الذي أعتبره شخصيا بأنه كان أول من صنع وردة الجزائرية الفنانة..

ان ما يميز أميرة الطرب العربي السيدة وردة الجزائرية عن غيرها من الفنانين أنها كانت ملمة بالفن و الغناء العالمي بحكم الوسط الذي نشأت فيه ( فرنسا) و في نفس الوقت حبها للفن و الطرب العربي ، هذه الازدواجية او التعددية الفنية جعلت منها فنانة و مطربة متكاملة و متجانسة مما جعل كل الملحنين الذين مروا على الفنانة وردة وجدوا ظالتهم و راحتهم معها ، مع العلم انها عملت مع جميع الملحنين على مختلف ألوانهم و طبوع ألحانهم و هنا يكمن سر نجاح وردة الجزائرية..، و هذا يظهر جليا في كل أغانيها حينما نتبع مسارها الغنائي، حيث نجد ان كل اغنية من اغانيها تختلف عن سابقتها مع الحفاظ على روح الموسيقى العربية، فبداية من أغنيتها ( أوقاتي بتحلو ) للسيد مكاوي و التي كانت موضوعة خصيصا للسيدة ام كلثوم الى غاية اغنية ( بتونس بيك ) لصلاح الشرنوبي..

فرغم المدة الزمنية الطويلة بين الأغنيتين و رغم اختلاف الأجيال بقيت وردة محافظة على تلك الروح العربية داخل أغانيهاو لم تنساق وراء ما يسمى باعاني السندويتش أو الاغاني التجاريةو هذا هو سر نجاح وردة و هنا يكمن دهاء و عبقرية وردة الجزائرية و مدى المامها بالموسيقى و الطبوع العالمية ،مما جعلها تحافظ على جمهورها و عشاقها بل أكثر من ذلك كسبت ذوق و قلوب هذا الجيل..و هذا ما لا نلمسه عند أي فنان من جيلها.

كان للموسيقار الاسطورة بليغ حمدي دور اساسي في نجاح وردة الجزائرية كما كانت وردة الجزائرية عنصرا مهما في حياة الفنان بليغ حمدي فنيا و عاطفيا مما جعله اكثر ابداعا و رقيا.. فقد شكلا مع بعضهما البعض ثنائياً فجرا نهضة فنية لم يسبق ان شهدها الطرب العربي الى يومنا هذا، رغم ان الاعلام الفني لم يبرز هذه النقطة و التي أعتبرها نموذجا متميزا في تاريخ الفن العربي و لا أعتقد أنه سيتكرر باستثناء السيدة فيروز والرحابنة.

انها الفنانة الوحيدة التي تعاملت تقريبا مع جل الملحنين العرب و من أجيال مختلفة (رياض السنباطي/محمد القصابجي/محمد عبد الوهاب/فريد الأطرش/كمال الطويل/ سيد مكاوي/محمد الموجي/بليغ حمدي/حلمي بكر / صلاح الشرنوبي….) و تركت رصيدا ضخما من أروع الأغاني الطربية، حتى اصبحت مدرسة وصنعت لنفسها نموذجا غنائيا خاصا بها.. كما مثلت العديد من الأفلام السينمائية وأتقنت فيها الأدوار باحترافية عالية .

تعتبر وردة الجزائرية الوحيدة من بين العمالقة التي لحن لها الموسيقار فريد الاطرش، وهذه نقطة أخرى تحسب لوردة الجزائرية ، كما غنت وردة القصيدة الفصيحة و كانت متمكنة في ذلك وهذا ما نلمسه في أغنيتها ( لا تقل لي ضاع حبي ) وهي للشاعر ابراهيم العيسى و ألحان رياض السنباطي بالاضافة الى الأغاني الوطنية و القومية .

كانت وردة الجزائرية محبة لعروبتها ولوطنها فغنت لكل وطن حلت به ،غنت لمصر وغنت للبنان.. كما غنت لوطنها الجزائر الذي كانت تحمله دائما في قلبها حتى و لو كانت خارجه ..

انها الفنانة التي أحبت وطنها بصدق وأخلصت لفنها .. فعشقها الجمهور .. و تربعت على عرش الغناء العربي..

اترك رد