في احتفال مندوبية لبنان لدى اليونسكو في باريس وزير الثقافة اللبناني: لا يسعنا محاربة الأصولية والإرهاب إلا بالحرية والتسامح

شارك  وزير الثقافة الدكتور غطاس الخوري في الاحتفال الذي اقامته مندوبية لبنان الدائمة لدى اليونسكو في مقرها في باريس، في اطار حملة لبنان لترشيح السيدة فيرا خوري لاكاي لمنصب المدير العام لليونسكو، تخلله عرض فيلم “جبران خليل جبران”.
الخوري

والقى الوزير الخوري كلمة من وحي المناسبة، فقال: “لا شك في أن أكثركم يعرف كتاب “النبي” للمفكر اللبناني الشهير جبران خليل جبران، وربما تلقيتم هذا الكتاب هدية في مناسبة مهمة من حياتكم، كمناسبة الزواج أو لدى ولادة طفل جديد. وقد تكونون قد قرأتم مقتطفات من الكتاب في المقالات أو سمعتم بعضا منها في الأفلام. فكتاب النبي يعتبر الكتاب النثري الأكثر شهرة على الاطلاق، اذ تخطت نسبة مبيعاته المئة مليون نسخة وترجم إلى خمسين لغة منذ اصداره عام 1923. هذا وتتجاوز الحقائق البسيطة لكتاب النبي حدود الدين والفلسفة والزمان والمكان، لتقدم رسائل مقنعة حول الحرية وقدرة التعبير البشري. وقد سمح هذا العمل السينمائي المبدع الذي سنستمتع بعرضه الليلة، بإضفاء حياة على أبيات جبران الخالدة، وذلك في إطار فني ساحر. وقد تمكنت سلمى حايك من تحويل هذا العمل الأدبي الى فيلم رسوم متحركة موجه الى الصغار والكبار على حد سواء وذلك مع الإبقاء على روحية العمل الأصلي”.

اضاف: “وفيما نحتفي خلال هذا الشهر بعيد الأب حول العالم، فليس من وقت أمثل من هذا لنستذكر كلمات جبران حول الأولاد والتي ما زالت أصداؤها تتردد على مسامعنا وتلهمنا حتى وبعد مضي ما يقارب قرنا من الزمن: أولادكم ليسوا لكم، أولادكم أبناء الحياة المشتاقة إلى نفسها، بكم يأتون إلى العالم ولكن ليس منكم، ومع أنهم يعيشون معكم، فهم ليسوا ملكا لكم. أنتم تستطيعون أن تمنحوهم محبتكم ولكنكم لا تقدرون أن تغرسوا فيهم بذور أفكاركم لأن لهم أفكارا خاصة بهم، وإن لكم أن تجاهدوا لكي تصيروا مثلهم ولكنكم عبثا تحاولون أن تجعلوهم مثلكم، لأن الحياة لا ترجع إلى الوراء ولا تلذ لها الإقامة في منزل الأمس”.

اضاف: “إنا نعيش في عالم يضعنا أمام تحديات جسام لم يسبق لنا أن شهدنا لها مثيلا، كما وأن الإيديولوجيات الراديكالية تتكاثر وتتجلى بتصاعد أعمال العنف والإرهاب. وفي المقابل، يكبر أولادنا في عالم متشعب الاتصال بالانترنت، الأمر الذي من شأنه أن يجعل مهمة حمايتهم من وطأة الدعاية المغرضة والتلقين العقائدي المروَّج لهما في وسائل التواصل الاجتماعي والشبكات الافتراضية أمرا في منتهى الصعوبة”.

وتابع: “إنها حرب إيديولوجيات، حرب تهدد كل تطلعاتنا من أجل التعايش السلمي وحرب لا يمكن خوضها أو تحقيق النصر فيها في ميادين القتال. لا يسعنا محاربة الأصولية إلا من خلال الحرية ومحاربة الإرهاب إلا بالتسامح. وفي هذا الإطار، يترتب علينا وأكثر من أي وقت مضى، ترسيخ قيم الاحترام وقبول الآخر في نفوس أولادنا وأن نكون بمثابة قدوة لهم تتغنى بالقوة في التنوع وبالقدرة على الاندماج. علينا تسليح أولادنا بالثقة بأنفسهم وبتقدير ثروة ثقافات عالمنا، مما يمكننا من بناء الغد بمزيد من الانفتاح والتفاؤل. فالمستقبل لهم وهم مستقبلنا”.

اترك رد