أنا أسمي جميل. هناك شيء بداخلى يدفعني لممارسة الجنس والاستمناء بصورة لم أكن اتهيأ لها. أشعر على الدوام برغبة النظر في المرآة .
أريد الزواج ولكن هناك شيء دائماً يحول بيني وبين ذلك، فأرجع خائبًا حزينًا.
أجلس في البيت واجفاً مرجفاً.
أحسُّ بمداعبة في قُبلي ودُبري فيحدث لي الانتشاء الذي ينبعث وكأنّ شيئاً يدفعه ويحدثه رغماً عني، فيصرفني عن الزواج الذي لطالما كنت في بحث دؤوب في السعي إليه، فألزم بيتي وأحيا لحظات الانطواء.
مرّتْ السنون وصحتي فى انحدار.
والبدن ينْحفُ والعين تذبل والإرهاق يعتري كل جسدي، وما زلتُ بعد كل هذه السنين أعيش لحظات الجنس والمتعة في أقصى درجاتها مع هزال عام فى جسدي.
رويتُ لأبي ما يحدث فأحضر إليّ شيخاً اسمة ثابت.
عليه نور من الله قوي أمين واثق في نفسةه، جلد صبورفي مواجهة المصائب.
فقرأ عليّ القرآن فارتعش جسدي وارتجف على الفور.
وصرختُ وتعالَى صراخي حتى هزّ أركان البيت.
وانفجرتُ في ضحك يتلوه بكاءٌ ثم ضحكٌ ثم بكاءٌ، إنهما يتتابعان ويردف بعضهما بعضاً مع قراءة الشيخ . مفاجأة..مفاجأة…
إنه ليس أنا إنها أميرة الجآن الأحمر.
عفريتة وأميرة ومن طغاة الجآن تقهرهم وأبوها كذلك.
تحكمهم بالحديد والنار .
واختارتني أنا عشيقتها من بين بني الإنسان.
توالتْ قراءة الشيخ مع توالي صراخ الأميرة.
تصرخ وتنادي أبوها ليحضر فإنها تريد انصراف الشيخ .
لقد دفعها كبرياؤها أن تظل بجسد جميل.
ولا تنوي الانصراف وتريد جيشها لتستعين به على أمر الشيخ.
صرخة أنثى من أعماق جميل المذنب الذليل.
جاء أبوها بجيش عرمرم.
يحمل سيوفاً ورماحاً ونبالاً ولكن هيهات أن يمسَّ الشيخ.
لأن معة ذكر الله والذكر عليهم قاهر.
وتبع الجيش جيش آخر .
يريد موت الأميرة والخلاص من طغيانها.
إنها عفريتة ليست ككل العفاريت وأميرة ليست ككل الأميرات.
تصادم الجمعان.
جمعٌ من داخل البيت وهو الشيخ والأميرة ومن خارج البيت جمع الجيشان.
توالتْ قراءة الشيخ وتوالتْ صراخات الأميرة الأُنثى .تصادم حق بباطل تراه متجسداً من خلال التقاء الجمعان.
انها الحياة، صراع مستمر بين الحق والباطل على الدوام.
يستمر التحدي من الداخل والقتال في الخارج.
يطلب الشيخ خروج الأميرة والأميرة ترفض وتتحدى .
وجيش أبوها يضرب الجيش الآخَر بلا رحمة، يضرب أعناقهم ويثخنهم ويُعمل فيهم القتل.
ها هو أبوها ينادي الميامين من الجنّ، (ميمون أبانوخ وميمون السحابي والسيّاف والخطّاف) وكل عفاريته ليسعوا في القتل بلا رحمة في الجيش الآخَر .
وكلما ازداد صراخ الأنثى كلما توقفتْ الحرب لحظات للانتباه إلى صُراخ الأنثى الأميرة، ثم لا تلبث أن تعود مع انخفاض صوت صراخها حتى تشتعل المعركة .
إنّ الجيشين في حرص على ما بداخل البيت، لأن الأميرة تمثل لإحدى الفريقين الطغيان والقهر والاستبداد وهم يريدون الخلاص ولو فُنىَ بعضهم، والفريق الآخر أبوها وجيشها اللذان جمعا بين عاطفة الأبوّة ونشوة الاستبداد لأتباعها وهذا الفريق الآخر يحب بقاءها لأنها عتيدة وقوية الشكيمة في سلب الضعفاء وقهرهم.
إنهما في حالة ترقب ولحظة حاسمة.
انها بحق………….
صراعات في أمل الخلاص.
صراعات الترقب والانتظار.
صراعات الخير والشر.
صراعات الشعوب والحكام.
صراعات الإنس والجآن.
الأميرة لا تريد الخروج من الجسد وتتحمل جلدات الشيخ وتستعين بأبيها المترقب المتسمّع لصراخها من ناحية، والآخذ في الحسِّ والقتل لشعبه الضعيف من جهة أُخرى.
مرمى البصر هي الاميرة .
صليل السيوف وصوت الرماح والحسّ في القتل كله سيتوقف بتحديد مصير الأُنثى.
الحرب ملتهبة، ولقد أرسلتْ السماءُ رعودها وبروقها غضباً، وأظلم المكان في نهاره كأنه والج في الليل .
الشيخ ينذر والحرب تفني الأجساد والنهار أظلم كالليل (ومازر وكمطم وقسورة وطيكل) أتباع الملك يسعون في القتل بكل سيف ورمح.
لقد عاشتْ الأميرة ما طلبت شيئاً في حياتها إلا نُفذ لها في خضوع وإذلال، فكيف اليوم تخضع لشيخ خلق من تراب .
إن قدوتها إبليس الأكبر الخالد.
لن تركع لثابت ولو فقدتْ حياته.
قد علم الشيخ ثابت طبيعتها ففضل أن يقتلها لتنتهي كل هذه الصراعات، المتمثلة في معاناة جميل والقتل الذي بخارج البيت، الشيخ ثابت بلغ من عبقريته ومهارته وفهمه لطبيعة الجآن أنه فهم ما يحدث حوله بإدراك كامل سواء ما بداخل البيت أو خارجة.
وقف الشيخ ثابت برهة ليستجمع قواة الروحية ويريح صوته المبحوح، ثم هبَّ منتفضاً بخشوع قلب تقي نقي يقرأ ويرتل في بكاء الخاشع، والأميرة تتوالى صراخاتها والجيشان يترقبان صراخ الأُنثى .
ثم اطلقت الاميرة صرخة الكبرياء الأخير .
إنها صرخة ابليس .
صرخة الأنثى التي أنهتْ الصراع وترامتْ الأسلحة على الارض ما بين رامٍ يبكي ألماً وحسرة على موتها وما بين رامٍ يستبشر فرحًا وأملاً في غدٍ أكرم وأفضل له بمماتها.
صرخة علتْ صوت الرعود والبروق ووضعتْ فيها الحرب أوزارها ولفظتْ فيها أنفاسها الأخيرة.
لقد انتصر عالم الإنس على عالم الجن .
لا بقاء لجنّ ٍ حول الإنسان ما دام ذكر الله يلازمه.
إن الذكر سلاح لا يُقهر ولا يستطيع كل جن الأرض أن يصمد أمامه.
ماتتْ الأميرة وانصرف الجيشان وهمدتْ البروق والرعود وأشرقتْ الأرض وانقشع الغمام فظهر النهار بنوره من جديد وانكسرت القضبان وفُكت القيود وانطلقتْ جموع الشعوب نحو الفرحة تعلن صباح يوم جديد بفجر جديد، يغرد فيه العصفور ويخر الماء خريرالسِقاء في أرضهم التي ظمأتْ سنيناٌ طِوالاً .
سوف يستمر التغريد وسوف تدخل الثعابين في الجحور ما دامت الشعوب في وعىٍ متواصل من الثقافة والاعتصام حول حقوقهم.
واستسلم أبوها لعزيمة الشعوب التي توحدتْ واستردتْ حقوقها بعد صرخة الأُنثى الأخيرة.
أيها الضعفاء وأصحاب الحق المسلوب (اعلموا أن قوى الطغيان مهما بطشتْ واستبدتْ فإنها لن تقهركم اذا ما استنفرَتكم حميّتكم لإقامة العدل واسترجاع الحق المسلوب معتصمي القلوب والأرواح ).