مُورِيس وَدِيع النَجَّار
(أديب وروائي وقاص وشاعر وناقد- لبنان)
هَل بَعدَ نَجمٍ ساطِعٍ في سَحابْ نَرنُو إِلى العَتْمَةِ مِلءَ الرِّحابْ؟!
هَل بَعدَ أَن وَلَّى النَّدَى والشَّذا تَرجُو الحَنايا مِن رَبِيعٍ إِيابْ؟!
غابَ زمانٌ زاهِرٌ، وانقَضَت أَنغامُ كانَت سَكْرَةً في رَبابْ
أَسدَلَتِ الدُّنيا على عَهدِنا، بَعدَ هَناءٍ في هَوانا، نِقابْ
وباتَ في أَفواهِنا عَلقَمًا، ما مَلَأَ الأَيَّامَ شَهْدًا مُذابْ!
فارَقتُهُم والقَلبُ، في غَيِّهِ، وَدَّعَ خِصْبَ العَيشِ نَحوَ اليَبابْ
كانُوا الجَوَى فَاستَبدَلَت خَيبَتِي مِنهُم، على الفِتنَةِ، دَرْبَ الخَرابْ
وخِلتُ في مَن عَرَضُوا أَنَّهُم مُنيَةُ نَفسٍ، ولِشَوقٍ جَوابْ
ورُحتُ، في ضَلِّي أَصِيدُ المُنَى، ولَيسَ فِيما رُمْتُ إِلَّا سَرابْ
وباتَ في الخُسرانِ ما بانَ لِي فَتْحًا جَدِيدًا، ومَزِيدَ اكتِسابْ
وحالَ نَوْرُ العُمرِ بَعدَ الغِوى إِلى ذُبُولٍ لَفَّ زَهْوَ الإِهابْ
وغارَ دِفءٌ، وطَغَت عُزلَةٌ، وبانَ، تَحتَ الثَّلجِ، دِمْنُ التُّرابْ!
كانَ ضَلالٌ فَنَأَت غِبطَةٌ، وَعَيَّ لَحْظٌ في كَثِيفِ الضَّبابْ
واليَومَ إِذ عُدتُ، وبِي لَوعَةٌ، أَتُوقُ لِلأَحبابِ بَعدَ الغِيابْ
وَجَدتُ أَطلالًا لِماضٍ ذَوَى، وذِكرَياتٍ دامِعاتٍ عِذابْ،
ومَربَعًا يَأسَى على حالِهِ، وصورَةً شاحِبَةً في كِتابْ!