أقامت الجمعية اللبنانية لتاريخ العلوم العربية وفريق الدراسة والبحث في التراث العلمي ندوة ومعرضا عن التراث العلمي العربي، احتفاء ب “يوم المخطوط العربي” الذي تعتمده المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ALESCO واختارت له المنظمة عنوانا لهذا العام 2017 “التراث في زمن المخاطر”، وذلك في مقر الجمعية في حرم كلية العلوم – الجامعة اللبنانية – الفرع الثالث في طرابلس.
حضر الاحتفال رئيس الجمعية الدكتور يوسف اليان ورئيس المجلس الثقافي للبنان الشمالي صفوح منجد ورئيس جمعية “بوزار” للثقافة والتنمية الدكتور طلال الخوجة والمدير السابق للكلية الدكتور زياد فوال وعدد من أساتذة كليتي الهندسة والعلوم ومهتمون.
وألقى اليان كلمة أضاء فيها على مهام وأنشطة الجمعية وفريق الدراسة والبحث في التراث العلمي العربي الملحق بالمركز الوطني للبحوث العلمية – لبنان في مجال الأبحاث العلمية وترجمة العلوم التراثية وتحقيق المخطوطات العلمية العائدة لمختلف الحقبات من العصر الذهبي للحضارة العربية التي ضمت شعوبا وحضارات مختلفة من حدود الهند شرقا حتى الأطلسي غربا ومن القرن الثامن حتى القرن الرابع عشر. وقال: “ان المخطوطات العربية تقدر بحوالى مليوني مخطوطة في مختلف الحقول الدينية، الأدبية،الفلسفية، العلمية من طب وهندسة ورياضيات وسواها، ويصبح رقم المليونين مضاعفا إذا شمل التعداد المخطوطات التي إعتمدت الحرف العربي وهي باللغات التركية والفارسية والأوردو، وبالمقارنة لا يتجاوز عدد المخطوطات اليونانية واللاتينية الآلاف”.
وأشار إلى “تأخر دخول الطباعة إلى أراضي الإمبرطورية العثمانية وبالحرف العربي إلى الحذر والتخوف من تحريف النصوص الدينية وخصوصا إضافة إلى وجود حشد من النساخ في مختلف الحواضر العربية والعثمانية”، ولفت إلى أن “عنوان “التراث في زمن المخاطر” الذي إعتمدته ALESCO يندرج في إطار التنبه للمخاطر التي تعرض ويتعرض لها تراث هذه الأمة إن في أفريقيا أو في شرقنا العربي، وقد نهبت بغداد ودكت الآثار في العراق وسوريا ولن يتم إدراك الخسائر وما حل بالمخطوطات إلا بعد نهاية هذه النكبة العظمى”.
الحجيري
ثم قدم أمين سر الجمعية الدكتور محمد الحجيري مداخلة علمية بعنوان “تطور المفهوم الرياضي من خلال عينات مخطوطية عربية”. فتناول “المزاعم الباطلة بأن الحضارة العلمية لا تمر في نفس المكان مرتين والمقصود بها تثبيط العزائم وإيهام الناس بأن الرقي العلمي لا يمكنه بلوغ أوجه في امة أكثر من مرة واحدة”، وتناول العلاقة بين العلم وتاريخه.
وشدد على “أهمية فهم العلة التكوينية للعلم وماهيته المعرفية، وإن العلوم غير قابلة للفصل عن تاريخها”، وركز على “وجوب استرجاع قاموسنا العلمي الذي فقدناه، والتاريخ المغمور والأخطاء المعرفية في منهجية البحث التاريخي”، مشيرا إلى أن “بن هود، القرن الحادي عشر، اقام الدليل على النتيجة الهندسية المنسوبة إلى العالم الإيطالي جيوفاني سيفا 1647- 1734”.
وقال: “حظيت المخطوطات التراثية العربية المتعلقة بالعلوم الكلامية، الأدب والشعر والعلوم الدينية، بدراسة مقبولة من ذوي الاختصاص. أما مخطوطات العلوم الدقيقة فلم تحظ بالاهتمام اللازم. ويقدر الاختصاصيون ان عدد هذه المخطوطات بأكثر من 50 ألف مخطوطة مبعثرة في مختلف مكتبات العالم، تنتظر من يدرسها ويحققها وينشر مضامينها العلمية على الملأ”.
وتناول “الأخطاء المعرفية في منهجية البحث التاريخي وما إرتكبه بعض فلاسفة ومؤرخي العلوم وتحديدا عندما حكموا على علم الهندسة العربي دون إرتكاز إلى قاعدة تحقيق النصوص والتبصر في مضامينها الحسية”. وتوقف عند “أعمال كبار هندسيي العصر الهلينيستي القديم وإسهامات هندسيي الحقبة العربية الذين ادركوا اهمية هذا التراث وحافظوا عليه جوهرا وشكلا وصولا إلى إغنائه ببعض التفاصيل الملفتة”.
عيسى
ثم شرح علي عيسى المعروضات التراثية، وتناول “تعريف المخطوط ككلمة مشتقة من الفعل يخط أي يكتب وأن المخطوط يتضمن عدة ظواهر مثل: مكونات المخطوط، كالأحبار وأنواع الخط العربي،والورق والمختصرات وعلامات التصويب والحواشي والتواريخ وبيانات التملك. المخطوطات العربية تنقسم إلى أنواع أهمها المخطوط الأم مخطوط المؤلف والمخطوط المنسوب والمخطوط الغائب والمخطوط المبتور والمخطوط المختزل أو الملخص والمخطوط المستتر والمخطوط على شكل مجاميع والمخطوط الكامل الوحيد والمخطوط المصور”.
وعرض “لأنواع الحوامل من جرائد النخيل إلى أكتاف وعظام الحيوانات والجلود والمهارق والورق والتي عدد ابن النديم في كتابه الفهرست مسميات كثيرة لأنواع من الورق منها الفرعوني والسليماني والجعفري والطلحي والطاهري والنوحي بالإضافة إلى أنواع الأحبار المستعملة”. وعرض “لصور من عدة مخطوطات منها كتاب الجبر والمقابلة للخوارزمي وصور الكواكب للصوفي وكتاب الحشائش أو كتاب المقالات الخمس وكتاب مقامات الحريري وكتاب ملخص في علم الهيئة للجغميني ورسالة في الخيل وهذا الكتاب غير معنون ويدور عن سياسة الخيل وكتاب في معرفة الحيل الهندسية للجزري ويعد الكتاب أروع ما كتب في القرون الوسطي عن الآلات الميكانيكية والهيدروليكية”.
وتناول “ساعة الجزري وتسمى ساعة الفيل، وكتاب عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات لزكريا بن محمد القزويني”، وتم عرض الصورة التي تمثل مجموعة من الناس أثناء معاينةمقياس النيل في القاهرة اضافة لرسالة بن الهيثم في اختلاف منظر القمر ومقالة الجبر والمقابلة لعمر الخيام ناهيك عن مخطوطة ذخيرة خوارزم شاه والدستور السمرقندي والمنقذ من الهلكة والقانون لإبن سينا.
ثم انتقل الحضور إلى مقر الجمعية في حرم الكلية حيث تم عرض صور لعدد من المخطوطات إضافة إلى كتب تراثية، وكان كوكتيل في الختام.