دق الجرس

نهاد الحايك

(شاعرة- لبنان)

(هالسطور تصوَّرتا طالعة من حرقة كل إم من إمات المخطوفين،

اللي عم يتركوا هالدني قبل ما يعرفوا مصير ولادن)

دق جرس الباب!

قلبي من فَرْحْتو رِجِفْ،

عمري عَ لَوعتو وِقِفْ،

نَشَّفْتْ دمعي وْعِيتْ

من خَدَرِ النطرَه،

دمّي وِلِعْ ونْسيتْ

أشواك الحسرَه،

إبني رجِع!

وبْرَجْعتو رح ينكسر

كاس العذاب…

***

دق جرس الباب!

بْلَمْحِ البصَرْ

كَرِّتْ بِبالي

كَومِةْ صُوَرْ

بْشَوقي جَمَعْتا،

عَنَّك رَسَـمْتا

بْريشِةْ خَــيالي،

كل يوم بْــيوم

من عمرك المخطوف،

وكل هَمّ بْــهَمّ

بِقَلبي انْــحَـفَـرْ.

يمكن أنا رح شوف

إبني اللي رجع،

وبْــرَجْعتو رح ينكِشِف

لُغْز الغياب…

***

دق جرس الباب!

عَ جْناج لَـهْفي طِرْتْ

تا إفتح وضُمَّك

عَ قلبي الخافِق قهر

من لَـمّا إيد الغدر

حَــرْقِــتْ قَلِبْ إمَّك

وذكرى ألِيمِي صِرْتْ.

الـهَيْأه يا إبني رْجِعْتْ،

وبْرَجْعتَك رح يِنْجِلي

كِلّ الضباب…

***

فْتَحْتْ كلّ الباب،

شَرَّعتو عالـمَيْلْـتَين

تا وَسِّع المدى،

وآخُد بِـحُضْني

حُضْنَكْ يا إبني،

إنسى اللي كان

وبَوِّسُن هالعَيْـنـتَين…

لكن كمان،

ما لْقِيت فيه حدا

عالباب قدّامي…

عْيوني الما عم بِتْشوف؟

يمّا الجرس ما دقّ

إلا بأوهامي؟

وأوهام متلي أْلوف

عِلْقوا بِهالقصَّه

ما بيعرفوا شو صار

بِاللي اختفى واللي انخطَفْ.

عاشوا مع الغصَّه.

لَفّْ الزمان وْدار

دَورات ما بتنعَدّْ

وْهِنّي ما عِرْفوا بَعْدْ

لا لَيْشْ وْلا لْ أيـّا هدَفْ.

عم يسألوا عالحق

عا قيمِةِ الإنسان

بِـمحــنِــةِ الأوطان،

قَـلْـبُن بِصِدْرُن طَقّ

وما سِمْعوا جواب…

***

وبـِسْكوتْ جْروحي،

دق جرس الباب

دَقّا ما إلْــها صوت!

سْـمِعْتا بِروحي.

دقّـا كإنّـا الموت

جايي لَـيِـنْهي العمر

اللي انْسَرق مِنـّي،

ضاعت سْنينو هَدْرْ

وما رِجِعْ إبني…

***

فات طَيْفِ الموت، فات

قبل ما لاقي دَوَا

يْبَلْسِم جْروحي،

يْــرِدّْ لَضْلوعي الهوا،

يْصَلِّحْلي معنى الحياة.

هادا طَيْف الموت فات

وبَعْدْني

ما خْــلِــصْتْ

مْنِ الصَّلا كِلاّ،

وبَعْدْني

ما يْــئِسْتْ

مِنْ عَدْلْ ألله،

والأَمَل بعدو ما مات…

بسألك يا موت…

إنْتَ لَعِنْدي سْــبَــقْتو؟

وْهُوّي مِنْ بَعْدَكْ جايي،

بعد خَطْفْ سنين

بْــيِطْــلَعوا تْلاتين

سني وكم دَهْر،

يسأل وين بيلاقي عُمْر

يْعَوِّض سنين السجين؟

***

بيقولوا يا مَـحْلى الموت!

بعدو أرْحَم من الخطف.

لكن يا إمي فَضَّلْتْ

قضّي عمري بالنَطرَه

وْلا غَـيِّر بْــقَدَري حَــرْفْ،

ومُوت وأنا مِفْتِكْــرَه

إنّك بِـمَطْــرَحْ،

بِقُرنـي مِنْسِيِّي،

ناطِرْ لَــتِــفْــرَحْ

بِطَعْم الـحُــرِّيي…

***

وبُكرا إذا إنتَ جيت

بعد ما انطفى قلبي،

بْــتِــفْرَحْ بالقبر عْضامي

وبيحِلّْ بْروحي السلام.

وحتى إنهي كلامي

وسكِّر ع كلّ الأحلام،

إذا صَوْب السهل مْشيتْ

تْــفَــتِّشْ عن أثر دَرْبـي،

تِبْقى عند غْروب الشمسْ

تْسَمَّع عا شجر الـحَوْر

ووْراقو اللي بْــتِــهْمُسْ هَــمْسْ،

بْــتِسْمعْ نَفْخَه من نَـهْداتي…

وتِبْقى عند طلوع الفجر

تْـمَشّى عا ضَفِّةِ النهر،

مَيّاتو الـمِتْل البِـلَّــوْر

راحِتْ معا صوب البحر

آخر دمعَه من دمعاتي…

******

 

اترك رد