نهاد الحايك
(شاعرة-لبنان)
كلَّ يوم أَخُضُّ وعاءَ الأبجديــة
لأَنثرَها فوق سطحِ الحياةْ،
عَلَّني أُكوِّنُ بها لغة
أستخرِجُ منها الأداةْ،
لأَنْـفُـذَ إلى ما تحت السطحِ،
نحو الأنفاق السِريـَّــة.
أخضُّ وعاءَ الأبجديـــة
فتتدحرجُ تشكيلةٌ من خرز،
تَفرُّ حين أتـلمَّسُها،
تتبدَّلُ إذ أتأملُ ألوانَها،
أقذِفُ بها لأَخْبِرَ رنَّــتَها
فتعودُ قَفْزاً إليَّ ولا تَصل.
أتعامل معها كطفلٍ ولُعبتِه الوحيدة،
أحاولُ ترتيبَها ثم بعثَـرتَها
بحثًا عن حركةٍ ترسمُ وجعي،
رقصةٍ تُبدِّدُ حَيْرتي،
شكلٍ أصُبُّ فيه قصيدتي…
وتَـتَـنابَتُ الكلماتُ
قلائدَ
مصهورةً بلهَبِ هُيامي،
تُزيِّن صدري إذ تَحرقُ الأصابع.
وتتتابَعُ الصُور
مَشاهدَ
مقطوعةً من فيلم أحلامي،
تستوطنُ دفاتري إذ تَهجرُ الـمَنابع.
وتـتدافَقُ السطور
سلاسلَ
مُعَلَّقةً في رَتيب أيامي،
تُحرِّرُ أنفاسي إذ تُطــوِّقُ العنق.
وتَـتوالد الـمَعاني
قصائدَ
مَوزونةً بِوَقْعِ أوهامي،
تُطربُ الأُذنَ إذ تجفِّفُ الرمق.
أبجديتي،
أهوى خرزَها الـمُبَعـثر
وأُدمِنُ شَكَّ الخرز.
يا للبُحور!
أَسبَحُ فيها،
أَشقُّ أمواجَها،
أو أستسلِمُ لأنوائها،
وأخرجُ منها دومًا
حوريـَّـــةً مُضرَّجَةً بالحروف،
حالِمةً على شاطئ الدنيا.
*****