مُورِيس وَدِيع النَجَّار
(أديب وشاعر وروائي وناقد- لبنان)
هَذَا كِتَابِي، ضَوعُ بَالِي، نَوْرُ الأَقَاحِ عَلَى مَجَالِي
هُوَ مِن لُهَاثِي، فِي ضَنَى لَيلِ الكِتَابَةِ، بَل مِثَالِي
غَمْرٌ مِنَ النُّعْمَى، وَإِن أَكُ مِن وَفِيرِ التِّبرِ خَالِي
سَطَّرتُهُ بِضَنَى السُّهَادِ، وَمَا أَنَا بِالجُهدِ آلِ
هُوَ مَا تَرَكتُ عَلَى الصَّحَائِفِ مِن جَوَى رُوحِي، وَحَالِي
مِن دَاءِ قَافِيَةٍ تَمَلَّكَ خَاطِرِي، حُلوٍ عُضَالِ
إِمَّا بَرِئتُ أَقُولُ لَو لِي بَعدَ إِبلالِي بِتَالِ
نَقشُ الجَوَارِحِ كُلَّمَا هَزَّ الضُّلُوعَ غِوَى الجَمَالِ
هُوَ مَا هَمَى فِي خَاطِرِي فنظمتُ في غُررٍ غوالِ
وَشيُ الرَّبِيعِ عَلَى الرُّبَى، وَغِنَا النَّسَائِمِ فِي التِّلالِ
وَصَبَاحَةُ الوَجهِ المُنِيرِ عَلَى قَوَامٍ مِن دَلالِ
أَنَا قَد نَسَجتُ خُيُوطَهُ آلًا شَبِيهًا بِالمُحَالِ
وَلَبِستُهُ وَهمًا.. وَيَبقَى الوَهمُ لِي إِلْفَ الَّليَالِي
هُوَ مِن دُمُوعِي فِي الحَيَاةِ، وَلَيسَ مِن تَهوِيمِ سَالِي
نَسجُ الخَيَالِ.. وَهَل تُرَى الدُّنيَا سِوَى نَسجِ الخَيَالِ؟!
أَوحَت لِيَ الأَيَّامُ هَل وَفَّيتُ مَا أَوحَت لِبَالِي؟!
هَل أَمكَنَت غَزَّارَتِي فَأَجَبتُ عَن بَعضِ السُّؤَالِ
أَمْ أَنَّ مَا دَبَّجتُ، فِي مَا دَبَّجَ الأَقوَامُ، بَالِ؟!
يَا صَاحِبِي، إِن كُنتَ تَطمَحُ، فِي زَمَانِكَ، فِي الَّلآلِي
“لا خَيلَ عِندِي كَي أَجُودَ، وَلَستُ مَن يَغنَى بِمَالِ”*
أَنَا ثَروَتِي قَلَمِي، وغَلَّاتُ القَوَافِي كُلُّ مَا لِي
وَبِخَمرَتِي رُوحُ الجَمَالِ، وَكُلُّ أَحلامِ الدَّوَالِي
تَبقَى الحُرُوفُ، بِبَدعِهَا، وَيَؤُولُ كُلٌّ لِلزَّوَالِ
فَإِذَا هَنِئتَ بِمَا كَتَبتُ، فَأَنتَ غَالٍ عِندَ عَالِ
وَإِذَا سَئِمتَ، فَلَن أَرَى فِي ذَا انتِقَاصًا مِن غِلالِي
حَسْبِي طَوَافُكَ أَن يَكُونَ كَمَا لِنَسرٍ فِي جِبَالِ
هُوَ زَادَهَا أَلَقًا، وَأُنْسًا لا يُخَفِّفُ مِن جَلالِ!
ــــــــــــــــــــــــ
(*) فِي هَذَا البَيتِ نَظَرٌ إِلَى بَيتِ المُتَنَبِّي:
“لا خَيلَ عِندَكَ تُهدِيهَا، وَلا مَالُ، فَليُسْعِدِ النُّطْقُ إِن لَم تُسعِدِ الحَالُ”