خضر فيحاوي
كلما دفع فارس يواكيم بكتاب جديد من تأليفه حمّله ما يدهش. آخر مؤلفاته “الإسلام في شعر المسيحيين” يلقي الأضواء على مساحات مظلمة في الشعر العربي الحديث. رصد يواكيم قصائد عديدة كتبها ثلاثين شاعرا مسيحيا عربيا، بينهم 17 لبنانيا، بينهم 5 من مدينة زحلة، في موضوع الإسلام.
وإذا كانت قصيدة مثل “غنيت مكة” التي كتبها سعيد عقل (ولحنها الأخوان رحباني وغنتها فيروز) على جانب كبير من الشهرة، فثمة قصائد في الكتاب غير معروفة، أو لم تشتهر بما فيه الكفاية كما قصيدة سعيد عقل الثانية المنشورة في الكتاب “كلامي على ربّ الكلام”. وإذا كان بعض الشعراء الذين أدرجت قصائدهم في الكتاب من الأسماء المشهورة، فثمة شعراء أقل شهرة، أو لم تنتشر قصائدهم خارج بلدانهم، ومنهم السودانيان: صالح بطرس وعزيز التوم منصور.
من قبل، سنة 2006، أصدرت “مؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري” كتابا بعنوان “شعراء النصارى العرب والإسلام” وضعه ماجد حكواتي. فما الذي جعل فارس يواكيم يؤلف كتابا في الموضوع ذاته بعد عشر سنوات؟ التشابه الوحيد بين الكتابين هو في كونهما رصدا ما كتبه شعراء مسيحيون في موضوع الإسلام. في الكتاب الأول تجميع للقصائد، لكن كتاب فارس يواكيم به قصائد عديدة غير منشورة في ذلك الكتاب ومنها على سبيل المثال قصيدة “محمد” لصلاح لبكي أو “صلاة الاستسقاء” لبولس سلامة. إضافة إلى أن يواكيم لم يكتف بتجميع القصائد، بل شرحها، وأظهر الرابط بين ما صاغه الشعراء المسيحيون والثقافة الإسلامية. إضافة إلى أنه كتب مقالا تعريفيا بكل شاعر من الثلاثين.
والطريف أنه في مقدمة “الإسلام في شعر المسيحيين” استشهد يواكيم بأبيات للمطران نيفن سابا (1890 – 1966) الذي كان أسقف زحلة والبقاع الأرثوذكسي قال فيها: “عهد الجدود تجدد.. ما بين عيسى وأحمد/ يد العدى قطعته بالأمس.. الله يشهد/ لكنه بالنصارى والمسلمين توطد”. كما استشهد بما كتبه المطران الأرثوذكسي الآخر، الأسقف جورج خضر، في تقديم ديوان “ملحمة الإمام علي” للشاعر جورج شكور.
ولأن معرفة الآخر تبدد الكثير من الغيوم، وتفتح أبواب الحوار على مصراعيها، صدر كتاب فارس يواكيم في توقيت مناسب، وهو ليس غنيا بالبحث والاكتشاف فحسب، بل بما يوفره من معلومات تصب في اتجاه التسامح.
*****
(*) دعت بلدية زحلة – المعلقة وتعنايل إلى أمسية ثقافية بمناسبة صدور هذا الكتاب تقام في الكلية الشرقية في الخامسة من مساء السبت 26 تشرين الثاني. ويوقع المؤلف الكتاب في معرض بيروت للكتاب العربي في البيال يوم الجمعة 2 كانون الأول في جناح الناشر “الفرات للنشر والتوزيع”.