ابراهيم نصر اللـه يتبرع بجزء من قيمة الجائزة لـ “جمعية إغاثة أطفال فلسطين”
عمر أبو الهيجاء
(عمان – الدستور)
صرح الشاعر والروائي إبراهيم نصر الله بعد فوزه بجائزة كتارا للروائية العربية عن روايته «أرواح كليمنجارو»، بتبرعه بجزء من قيمة الجائزة البالغة 60 الف دولار، إلى “جمعية إغاثة أطفال فلسطين”، وهي الرواية التي اعتبرها نصرالله بمثابة تجربة حياتية وانسانية، أراد من خلالها توصيل رسالة لمعنى التحدي قبل أن تكون تجربة في الكتابة الإبداعية الروائية.
وكما بيّن سابقا حول صعوده أو رحلته إلى واحدة من أعلى قمم العالم ألا وهي قمة «جبل كليمنجارو»، حيث عايش مع أطفال فلسطينيين فقدوا بعض أطرافهم هذه الرحلة في الصعود، مشيرا إلى أن هذه اللحظات العصيبة ومشاقها كانت لحظات الانتصار حين وصلنا مع هؤلاء الأطفال إلى هذه القمة حيث كانت درجة الحرارة فيها تصل 15 تحت الصفر، فكان هذا الصعود رسالة إنسانية، رسالة تحدي ومقاومة.
محمد عبد القادر
ويعتبر نصرالله، كما يقول عنه الناقد د. محمد عبد القادر، أول كاتب عربي يرتاد قمة كليمنجارو، ولعله أيضا أول من يكتب نصًا روائيا متماسكا ومبدعا في توظيف أدوات الرواية واستراتيجياتها الفنية المتعددة، إثر عودته مباشرة من رحلة جبلية قاسية لكنها مُلهِمَة. وهذان إنجازان يحسبان للكاتب، كما أن البعد الفلسطيني يظل قائما في صلب الرواية التي حملت للعالم رسالة واضحة عن المعاناة الفلسطينية الناجمة عن وحشية العدو الصهيوني. وقوة الإنجاز هنا أن الكاتب صعد بالقضية الفلسطينية إلى قمة كونية.
معن البياري
فيما يعتبر معن البياري مغامرة إبراهيم نصر الله في منجزه الجديد من نوع مبتكرٍ في أرض الرواية العربية، وتأخذ السردية الفلسطينية إلى منطقةٍ بعيدةٍ في تزاوج المتخيّل بالواقعي، والروحي بالمحسوس. وكما في كل أعماله، الشعرية والروائية (والتشكيلية أيضاً)، يبقى صديقُنا وفياً لما ظل مهجوساً به، أي الانحياز إلى الجمال والحرية. وفلسطين، في مشروعه الإبداعي، أرضٌ كبرى للجمال والحرية، في مقاومتها الإنسانية ضد المحتل الإسرائيلي.
رامي أبو شهاب
يقول د. رامي أبو شهاب : “لا شك في أن رواية “أرواح كليمنجارو”، وعلى أقل تقدير تمثل نموذجاً سردياً، وهنا أعني مستوى الخطاب حيث تتجاوز أرواح كليمنجارو، كتابة إبراهيم نصر الله عينها، كما أيضاً النسق السردي للرواية العربية الحافلة بقيم محدودة على مستوى التوجهات والمنظورات، فإبراهيم نصر الله أدرك التجربة، وتمثيلها في نسيج عمل يستجيب لمتطلبات الخطاب السردي القائم على منظور جديد،
إنه يتوجه إلى قارئ هذا الزمن، فليس ثمة حاجة للاستعانة بأيديولوجيات وأقوال كبرى في الرواية، كما ليس ثمة حاجة لعالم سردي متشابك، ولغة متعالية، كما ليس ثمة حاجة أيضاً لتضمين ادعاءات كاتب يمارس دور الوصاية البطريركية على أذهان قرائه، ويغرق في خطاب شوفيني سردي يتصل في جزء منه بماضيه، وتجربته الخاصة، كما ليس ثمة استعارة لحوائج الكتابات السّحرية ما فوق الواقعيّة، واستجداء الماضي الثوري، وحكايات المقاومة وبيروت والمخيم واليسار، وغير ذلك من مستهلكات الرّواية العربية عامة، والفلسطينية خاصة، فنحن لا نقع بين ثنايا هذا العمل على ظلال المؤلف، على الرغم من اختبار تجربة صعود الجبل على مستوى المرجعية الواقعية لرحلة اصطحب فيها طفلين فلسطينيين مع عدد من المتطوعين لصعود الجبل، لقد توارى عن العمل، ولكنه حضر بروحه. فالرواية تتكئ على المنظور السردي للراوي العليم الكلي، حيث تتخفف من هيمنة الذات الساردة المشاركة في الحدث، وهنا يحسب لإبراهيم عدم التورط، والوقوع في الفخ السردي، فقد تحرر من تأثيرات الذات الكاتبة، كما الذات الساردة التي بدت في موقع محايد”.
رزان إبراهيم
اما د. رزان إبراهيم في قراءتها للرواية فتقول: “لن يفوت قارئ هذه الرواية ملاحظة ما يجمع فلسفةً بأدبٍ يتلمس كل منهما غاية وجوده في الكشف عن وحدة الطبيعة ووحدة الأشياء كما يقول دانتي، لذلك تحضر الطبيعة مصدر إلهام وتأمل عميقين في مواقع نلمس فيها بهاءً تحمله الطبيعة لا يقلّ عما يمكن أن يكونه الإنسان، بدت الرحلة صوب القمة في أعالي كليمنجارو مرتبطة باستغراق روحي في الطبيعة, فأضحت بمثابة التحليق في عوالم النفس والروح بما يشبه فكرة المجاورة والاقتراب من الملكوت السامي حيث يجد الإنسان قيمته ويدرك سرّ نفسه”.
هدى قزع
د. هدى قزع في كتابتها عن الرواية توضح: “لقد بدت هذه الرواية علامة على وعي الكاتب وخبرته في الحياة ومن ثم على وعيه بالزمن. هل أراد إبراهيم نصر الله حين قدم هذه الرواية أن يريها لقرائه أم يقولها لهم؟! عمل يسعى في كثير من مواضعه إلى أن يشعرنا أننا أمام مشهد مسرحي بعناصره البصرية والسمعية وأدائه المحكي. كما استثمر إبراهيم نصر الله تقنيات السينما، ومن مظاهر هذا تسجيل الإيماءات، والحركات والالتفات للأصوات والألوان وهو يصور لحظات صعود أبطال روايته إلى الجبل”.