موعدٌ مع أبي

marleine-saadeh

مارلين وديع سعادة

(كاتبة- لبنان)

يومًا سأعودُ الى بيتِ أبي الحبيب، أدخلُ غرفةَ الجلوسِ حيثُ يطيبُ لهُ أنْ يأخذَ قيلولةً بعدَ يومِ عملٍ شاقّ، أوقظُهُ، وأدعوهُ لنشربَ معًا فنجانَ قهوةٍ في حديقةِ البيتِ الخلفيّة، حيثُ أقامَ خيمةَ القرميد، وزيّنَ جوانبَها بأحواضِ الزهور.

سأخبرُهُ أجملَ أخباري، وأنسى معهُ كلَّ صعوباتِ الحياة… سأستمعُ إليهِ يخبرُني عنِ السورِ الجديدِ الذي حضّرَ لهُ تصميمًا مميّزًا، كيفَ سيبدو، وكم من الوقتِ سيحتاجُ ليُنجز.

سأتجاهلُ أخبارَ الوطنِ الحزين، كيفَ يتناتشُ بعضُ الساسةِ فيهِ المقاعد… لن أسمّمَ أجواءَه الطاهرةَ العطرةَ بحكاياتِ الواقعِ المرير. سأكتفي بالاستماعِ الى قضايا أبناءِ القرية، والمصالحاتِ التي سعى لتحقيقِها بينَ فلانٍ وابنِه، أو آخرَ وشقيقِه…

سأستمتعُ بالنسماتِ الباردةِ الهاربةِ من وهجِ الشمس، تقومُ بجولاتٍ متتاليةٍ تحتَ خيمتِنا…

سأبقى معهُ حتى يحلَّ المساء. عندَها سننتقلُ الى الشرفةِ الغربيّةِ المطلّةِ على البحر، حيثُ لا شيءَ يظلّلُها سوى النجومِ وقبّةِ السماء! هناكَ رصدْتُ نجمةً لا تزالُ ترافقني الى اليوم! تزورُني كلّما ناديتُها، نعيشُ معًا اللحظةَ إيّاها! يا لروعتِها!! هنيئًا لمنْ تسنّى لهُ أنْ يحجزَ برهةً منَ الزمن! برهةٌ أزليّةٌ تبقى مفتوحة أبدًا على الأمسِ واليومِ والغد. هذهِ البرهةُ أصبحَتْ منذُ ذلكَ اليومِ ملكَ يديّ، أعودُ إليها كلّما طابَتْ ليَ العودة، أستحضرُ اللحظةَ… وكلُّ ما كانَ يعود!

في هذهِ البرهةِ سألقاكَ يا أبي، سنسهرُ الليلَ معًا، نسكرُ معًا، أنتَ بذكرياتِ ماضيكَ وأنا بأحلامِ مستقبلي! هناكَ فوقَ التلّةِ، حيثُ بيتُ أحلامِكَ التي حقّقتَها، وحيثُ ترقدُ أحلامي بانتظارِ أن تُطلَقَ الى الوجود…

اشتقتُ إليك يا أبي!

marleine

 

اترك رد