تقرير صادر عن اجتماع المكتب الدائم للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب
دبي: 4 – 7 سبتمبر/ أيلول 2016
في ظل الظروف السياسية والأمنية والعسكرية، التي تشهدها في هذه المرحلة دولٌ عربية عديدة، تختلط المفاهيم وتتبدل المعايير وفاقًا للمواقع التي يقف فيها أصحابها؛ وللأسف، فإن أكثر من يدفع الثمن في هذا المجال حرية الفكر والتعبير والابداع؛ وما من أحد، ههنا، إلا ويتطلع إلى موقفٍ ينصفه وإلى كلمةٍ تقال في ما يعتقده إنصافًا له.
إن “الإتحاد العام للأدباء والكتاب العرب” ينطلق في تحديد موقفه، في هذا الخضم، من مسلماتٍ قوامها أن حرية التعبير ترقى إلى درجة القداسة؛ ولا يجوز، تاليًا، المساس بها تحت أي ظرف ومهما كانت المبررات؛ خنق الحريات إرهاب فكري يفوق الإرهاب الجسدي خطورةً ويعيد المجتمع إلى ظلاميات الجهل والتحجر.
وما يزيد من خطورة الواقع القائم، تراجع قدرة دور النشر ومؤسسات الإعلام المستقلة، وهي ساحة رحبة للنشر؛ وكذلك فرض الرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي، ناهيكم باضطرار كتاب وأدباء عرب إلى النزوح من المناطق المشتعلة عسكريا.
ومن المؤسف أن ما يحصل، ههنا، يستفيد منه العدو الصهيوني فيقتل عربًا على أرض فلسطين السليبة، كما يعتقل آخرين، ويعمد إلى إقفال الإذاعات ومحطات التلفزة، كما يقتحم الجامعات ويغلق المقرات الثقافية ولا سيما ما كان من هذه المقرات في مدينة القدس؛ تفريغًا لها ولناسها من محتواها العربي والإسلامي سعيًا إلى تهويدها بالكامل.
كما أن ذلك قدم الذريعة لبعض السلطات العربية في اعتماد وسائل ضغط مختلفة على بعض إتحادات الكتاب والأدباء ونقاباتهم؛ فإذ بهذه السلطات تسعى إلى منع التمويل وجنح إلى تأليب فئةٍ من الكتاب على فئةٍ أخرى؛ وفي كل الأحوال، فبعض السلطات لا يتوانى عن الضغط لخنق الكلمة.
لقد سجلت التقارير الواردة من الاتحادات الأعضاء في الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، مظاهر في بعض بلدانها لايمكن القبول بها من مثل:
1- اقتحام مقرات فكرية واعلامية.
2- إصدار قوانين تلزم الكاتب أو الناشر بعرض منتجه على الرقابة المسبقة.
3- ملاحقة مدونين على صفحات التواصل الاجتماعي.
4- اعتقال كتاب وأدباء ومدونين على خلفية اختلاف آراء لهم مع الرأي الذي تتبناه السلطة.
5- محاكمة مؤسسات إعلامية وفضائية حينًا، ومنع بثها الفضائي في أحيانٍ أخرى.
6- ممارسة الإرهاب بأنواعه، من قبل الميليشيات المسلحة في مناطق سيطرتها.
7- طرد الكتاب والأدباء من وظائفهم وإيقاف مرتباتهم الشهرية.
8- منع التمويل الحكومي عن اتحادات نقابية سعيًا إلى شل الحياة الثقافية بوقف النشاط الثقافي.
9- تراجع منسوب الحريات السياسية والإعلامية والاجتماعية، فضلًا عن زيادة عدد الموقوفين بقضايا تصنف ضمن حرية الرأي والتعبير وحرية التجمع.
10- تغليب مفهوم الأمن، عند بعض السلطات، على مفهوم حرية الرأي والتعبير؛ وتاليًا تغليب مفهوم الدولة البوليسية على مفهوم دولة القانون والمؤسسات.
11- تعطيل الحياة الدستورية، لتمكين بعض السلطات من تجاوز كل دعوة مناهضة لمآربها وجعل الكتاب والأدباء وكأنهم يصرخون في واد.
بناءً على ما تقدم، يهم الاتحاد العام للادباء والكتاب العرب أنْ يؤكد تمسكه برفض أي عتداءٍ أو تطاولٍ أو مساس بحرية الرأي والتعبير تحت أي ظرفٍ ومهما كانت الذريعة؛ انطلاقًا من هذا كله، فإن الاتحاد العام:
1- يثمن عاليًا الحكم التاريخي لمحكمة مجلس الدولة المصرية لصالح اتحاد كتاب مصر، ويعد هذا الحكم وثيقةً من وثائق الاتحاد؛ ويؤكد الاتحاد العام إدانته تغول أية سلطة تنفيذية على استقلال النقابات الفكرية والاتحادات والجمعيات والأسر والروابط الأدبية العربية. وينظر الاتحاد العام بقلقٍ بالغٍ إلى الأحكام التي صدرت ضد كتابٍ وأدباءٍ ومفكرين عرب إن بسبب رأي أبدوه أو معتقدٍ فكريٍ آمنوا به.
2- ويؤكد الاتحاد العام على ضرورة إجراء الاجتماعات والاستحقاقات القانونية في الاتحادات الأعضاء في مواعيدها المقررة، والالتزام بإجراء انتخابات مجالس وهيئات الإدارة وفق ما تنص عليه، وأن تكون شفافة وديمقراطية ومعبرة عن آراء الأغلبيات.
3- يطالب الاتحاد العام، بالإفراج الفوري عن جميع معتقلي الرأي في بلدانهم أو بلدان عربية أخرى.
4- يأمل الاتحاد العام من القضاء السعودي النظر في إمكانية إصدار حكم بالإفراج عن الكاتب الفلسطيني “أشرف فياض”؛ خاصة وأن هذا القضاء قد سبق له أن ألغى حكم الإعدام بحق هذا الكاتب.
5- يطالب الاتحاد العام، السلطات الأمنية والقضائية العربية بتوضيحٍ شفافٍ وموضوعيٍ للموقف القانوني لأي معتقل.
6- يأمل الاتحاد العام من الدول العربية التي لم تجز حتى الآن إنشاء روابط أو اتحادات أو تنظيمات للكتاب في دولها، أن تباشر إلى هذا الأمر خدمة للثقافة العربية ومساهمةً في جمع شمل الأدباء والكتاب العرب بانتسابهم إلى الاتحاد العام.
ختامًا، يؤكد المكتب الدائم للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب اعتزازه بجميع الإتحادات الأعضاء المنتسبة إليه؛ كما يؤكد حرصه على احترام حريات أعضائه في التفكير والتعبير؛ ويهيب بجميع الهيئات الإدارية للاتحادات والأسر والروابط الأدبية والفكرية الاحتكام دائمًا إلى صناديق الاقتراع وفاقًا لأحكام الأنظمة الداخلية لكل منها.
إن صوت اتحادنا لا بد أن يظل مرتفعًا ومصرا على المطالبة بقيام مشروع عربيٍ يحفظ وحدة الكيانات الوطنية وعروبتها واستقلالها، ويعمل باتجاه تكامل الوطنيات العربية فيما بينها، بما يحول دون التدخل السلبي في شؤون أي بلد عربيٍ، ويحفظ، في الوقت عينه، للشعب العربي حريته بجناحيها السياسي والاجتماعي؛ فالحرية هي المدخل الحقيقي للأمن وللازدهار وللتقدم.