د. جورج كلاس
(عميد سابق لكلية الإعلام في الجامعة اللبنانية)
العالَمُ الحضاريُّ، يهتَمُّ و يُسَوِّقُ كثيراً ، بِمُصْطَلَحٍ ومفهومٍ عصْرِيٍّ، هو (( المحْمِيّات ))… الطبيعيّة والبيئيَّةُ والحيوانيّة وكلّ ما فيها مَنْ عناصِرَ حَيوَاتِيّة ،
بهدف الحفاظِ على مُكَوِّناتِ الأَرْضِ، و ما عليها من نباتٍ و شجَرٍ وصخْرٍ وحيوانٍ وطيرٍ وبرمائيَّاتٍ وبَحْرِيّاتٍ ، وكُلِّ ما خلَّفتْه عناصرُ الطبيعيةِ مَنِ إدخالاتٍ وتغييراتٍ وتبديلاتٍ على الجَبْلَةِ الخامِ لكوكب الأرض..!
( المحميّاتُ ) ، دَخَلَت الى البيانات الوزاريّة، والسياسات الحكوميّة، وشكَّلَت حيِّزاً واسعاً من أنشطةِ ومؤتمرات التنظيمات الدولية ، المهتمّة بالصحة والبيئة والحفاظ على الهواء والماء ، وإلاعتدال المناخي، بما يؤَمِّنُ إستمراريَّة الحياة الطبيعيّة السليمة على الأرض..!
حتّى بيانات وبرامِج الأشخاص الذين ترشَّحوا على المجالس البلديّة، من العاصمة بيروت الى أصغرِ قريةٍ ودسكَرَةٍ في لبنان ، لَمْ تخْلُ ابداً مِنْ إيلاء موضوعِ ( البيئة والإنماءِ والمحمِيّاتِ) العنايةَ الأبرَز في قائمةِ الوعود والإلتزامات والتعهّدات..!
السؤالُ المطروح عفواً ، هو:
مِنْ مَنْ مطلوبٌ أنْ نحمي موجوداتِ المحميّات وعناصرها ؟؟!
وطبيعةُ الأمرِ ، أنْ يأتي الجوابُ ، اننا نريدُ ان نحمي مُكَوِّناتِ ( المحميّاتِ ) ، الحيوانية والطبيعية والحرشيَّة والبحريّة والطيْرِيّةِ، من ( الإنسان )…! وإلّاَ ما هو التبريرُ اللُّغويُ لهذا المُصْطَلَحِ ، الذي يُحمِّلُ سلفاً، مسؤوليَّةَ الإختلالاتِ في العناصر الطبيعيّةِ، للإنسان..؟؟!!
أفلا يعني مصطلحُ ( الحمايةُ ) هنا ، أن الإنسانَ هو المُعْتَدي والمُفْترِس والمُدَمِّر والعابِثُ بترتيباتِ الْكَوْنِ ؟؟؟
ثُمَّ ، ماذا عن مفهوم( المحميّاتِ القوْمِيّة) لبعْضِ الأجناسِ البشَرِيَّة، في بعضِ مناطقِ العالم…؟؟ أَلَيْسَ في ذَلِكَ تمييزٌ عنصريٌّ وعِرٍقِيٌّ، يجعلُ مَنْ بعضِ الأقلِّياتِ أشْبَهَ (بمتاحِفَ حَيَّة) تستدعي الزيارة ، وتسترعي الشفَقةَ، وتثيرُ فضوليَّةَ المُسْتعْلمينَ، وحشْرِيَّةَ الفُضولييِّن..؟؟!!؟؟
أليسَ من الأفضلِ، بعد هذه المُطَوَّلةِ الإسهابيّة، إستبدالُ مصطلح ( محميّة) RESERVE، بكلمةٍ أكثرَ لُطْفاً وإنسانيَّةً ، ولا تحملُ أيَّ إتهامٍ أَوْ حُكْمٍ مُسْبَقٍ على (الإنسان)..؟؟!!
تأمَّلوا مثَلاً ، أنْ نضعَ تشريعاتً لحمايةِ الضواري والكواسِرَ …مِنَ الإنسان …!
تعالوا نبحثُ في قانون اللّغة وإشتقاقاتها، وتعريباتها، عَنْ مُصطلحٍ بديلٍ لمصطلحِ
(المحميّات..)..!