“من يومياتنا للموسيقى ج1 ” للأب الدكتور يوسف الخوري كتاب قيم ومميز (صدر بعد وفاة الأب يوسف الخوري بتمويل من آل قيوميجيان).
يجمع الكتاب بين دفتيه مقالات الأب يوسف الخوري ومقطوعات موسيقية له، وخطبه في المحافل الدولية من بينها: المجلس الدولي للموسيقى في نيويروك (1968)، المؤتمر الثاني للموسيقى العربية (1969)، المؤتمر الدولي للموسيقى العربية (1969)، المؤتمر الأول للمجمع الموسيقي العربي (1971)، فضلا عن محاضراته في ندوة الدراسات الإنمائية في عنوان “رؤيا لبنان عام ألفين”(1975)، “تقديم الأغنية اللبنانية شعراً ولحناً”، “خمسة وخمسون للشبيبة”، “قيثارة دمشق” ( 1974)، “عيد العمال”، “أول نوار” (1966)، “الشعر والغناء في أدب الأطفال” (1983).
كذلك يضم الكتاب المقطوعات الموسيقية: “إنا للوطن”، “لبنان”،”أرزتنا”، “لو”، “كبرت وردتنا”، “بسمة صيف”، “بلادي الخضرا”، “رسالة”…
في ما يلي مقاطع من محاضرة له حول عيد العمال (1966):
يفترض بالعامل، كل عامل، أي كل مسؤول عن أي شأن من شؤون الحياة أن ينفذ عمله بضمير مهني، يزيده الإخلاص، والنزاهة، والأمانة، وبجدية كاملة تكون زينته…
إن الحكمة الإلهية عملت فبدعت الكون بغناه طبقاً لقصدها الثابت بالإطلاق، وجعلته فئات، فئات، وزينت كل فئة بما يسيّرها بنظامها الطبيعي المخلوقة قصداً له، وهو لها.
وبعدما الله رأى ان كل ما خلقه حسن،
وبعدما قال: لنخلق الإنسان على صورتنا كمثالنا، وبعدما جاء هذا الإنسان المثال المميز عن غيره، بميزات كثيرة، اهمها العقل، والقلب، والحرية، والخلود.
فطره الله على نشاط حياتي منوّع. تعمّ أنواعه حتى العوز عامة، فإلى العوز إلى العمل الدائم المثمر، بخاصة… فتمجدت الحكمة الإلهية بتجلي مبدوعاتها تسير بنظامها الطبيعي بحسب فئتها له. فتحتّم على هذا الإنسان المميز خلقاً وطبعاً، وغاية، أن يحافظ على شرف هذا التمييز. ويتقيّد بدقة بنظام بادعه، ولا سيما من حيث شاءه خالقاً ثانوياً بشرياً، يواصل، ضمن مواهبه وحدودها. البدع الإلهي، كما فطره عليه، اقلّه لناحية العمل الخلاق، الواجب لاستمرار الكون والوجود، والواجب كأحد الأجوبة على مواهب الله، وعلى مقاصد الحكمة الإلهية من بدعها الإنسان كما هو ولما هو.
أما حكمة الأمم- وهي سفسطائية أمام تلك- فيمكنها ان تتجلى بالتزامها الكامل بمفروضات الحكمة الإلهية، التي من بينها الخلق والبدع، غير الممكن إلا بالعمل، الذي يفسح لها لتتجلى في نشاطاتها المتفوقة بكل مجالات القيم، ولا سيما لتنمية أوطانها تنمية داخلية، مطوّرة الثروات الوطنية بتصاعد دائم لينجم عنها وعن تصاعدها الدخل الوطني المرتفع الذي يرفع معه مستوى الحياة ومستوى الأمة التي تحياها في الوطن العامر المزدهر. إنما الثروات هذه، بفروعها الزراعية والصناعية والآلية والفكرية على اختلافها، لا تنمو ويتصاعد ازدهارها، إلا بمجهود العامل، كل عامل، ولا سيما في انضمام العمال المهنيين إلى تعاونيات موجهة وفق امكانيات التعاونية، وبحسب عوز الدولة المقيمين على أرضها. وهنا باب المجد العمالي ينفتح رحباً، مجد عليه تأسس العيد فتكرّس دولياً.