حصان الخشب

hassiba taher

حسيبة طاهر

(أديبة وشاعرة جزائرية مقيمة في كندا)

غرفة الطفل بسيطة فارغة إلا من سرير معدني باهت اللون و أفرشة رثة وحصان خشبي مُلئ خدوشاً وجروحاً… قالت لزوجها مسكين هو طفلي لا يمتلك إلا هذه اللعبة الوحيدة النتنة التي وجدتها مرمية أمام بيت أحدهم ملّ بشاعة منظرها المقرف فرماها…

سمع الحصان كلامها فانقبضت نفسه وضاق صدره، وتذكر حين جِيءَ به من دكان لعب راق، وكيف كانوا يحتفون به بداية، و يلمعونه بمحلول خاص بالخشب، وإن غيروا مكانه حملوه برفق…

ثم مرت الأيام به والسنون، ف…بدأ بريقه يقل وجماله يبهت وأصبحوا يتركونه في الحديقة تتهاطل عليه أمطار الشتاء وتدفنه الثلوج، وتحرقه شمس الصيف، وتلهو به يد الخريف، إلى أن قرروا رميه في القمامة ولم يمنحوه حتى فرصة توديع أصدقائه اللعب والطفل صاحبه .

ظل مرمياً تلفه القاذورات والخردوات، إلى أن مرّ هذا الرجل فحمله لبيته، نظفوه ومنحوه للطفل، كان الطفل سعيداً به يركبه، يتمرجح بلطف، يداعبه…

لكن رغم معاملة الطفل الحسنة له ، إلا أنه كان تعيسا فهذا البيت خال من اللعب إلا منه، و قد ملّ الوحدة ، كما أن الغرفة باهتة لا صوراً لا ألواناً…
ذات يوم سمع الرجل يقول لزوجته: لقد قبلت في الوظيفة الجديدة والمرتب جيد والحمد لله .
قالت: أول شيء نزين غرفة الطفل ونغير أثاثها، ونشتري له لعبا كثيرة .
حاضر حبيبتي أدكيد – قال –
فرح الحصان و انشرح صدرهه، أخيراً سيعيش في غرفة جميلة وملونة وسيكون له أصدقاء أيضاً .
أصبحت الغرفة ملونة علقت عليها صور جميلة و غُيِّر السرير بسرير جميل، فرش بأفرشة ملونة، امتلأت الغرفة بلعب جديدة: فيل، سلحفاة، زرافة، غزالة ….

كان حصان الخشب سعيداً جداً ، أكيد سيصادق الفيل وستكون له أخيرا حبيبة …

أيختار الزرافة أم الغزالة ؟؟؟

أمممم….. ، الغزالة أجمل لكن لا يهم جمال الشكل فجمال الروح أحسن وأبقى  الأهم من كل ذلك الحب … فإن أحبته الغزالة كان بها، و إن أحبته الزرافة سيقبل.

غفت عينه فرأى نفسه في أحضان الغزالة يشبعها قبلا وتشبعه همسا، استيقظ فزعا على يد تشده بعنف قائلة هذه اللعبة القدرة لم يعد لها مكان هنا، و فتحت الموقد و رمته تلتهمه النيران وسط الحطب.

toys

 

اترك رد