“من جنى التجارب III” … للأب كميل مبارك

ألف حكمة في الحياة وماوارئها

guilaf-min-jana-al-tajareb

كلود أبو شقرا

صدر للأب كميل مبارك (عميد كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة الحكمة في بيروت) كتاب جديد في عنوان “من جنى التجارب III” وهو الثالث بعد “من جنى التجارب II” (2013) و”من جنى التجابI” (2012)، يتضمن حوالى ألف حكمة  تغوص عميقاً في أمور الحياة والعقل والنفس والإيمان…

قد يداوي الزمان الجروح وقد يخفف من وطأة الأحزان، لكنه يترك علامة على مروره لا تمحى، تتجلى في التجارب التي هي مدرسة الحياة الأبلغ والأصدق، تترك في حنايا  الأيام حكمة تغني، وتحمي من السقوط وتعطي طيب الكلام…

هذه التجارب الضاربة جذورها عميقاً في الزمان السائر في رحلة الأيام ولا يشيخ، يرجع صدى التجارب في مراحل العمر، يغربلها، يصقلها، يعكسها في مرآة الحياة دروساً وعبراً تحلق خارج لعبة الموت  والغياب، تتماهى مع الظروف السعيدة والحزينة، المفرحة والمؤلمة، وتسن دستور حياة قوامه السمو والكمال، عينه على الماضي  بوجع وأخرى تتطلع إلى الآتي بأمل…

دمعة هي، هذه الحكم،  على خد الزمن، تسيل رقراقة أمام كل ظرف أو موقف أو حالة حيناً، وتختبئ في المآقي حيناً آخر، تاركة للتاريخ أن يرسم واقعاً  في منطقة وسط بين الواقع والمثال…

هذه التجارب العابقة أبداً برحيق  الذكريات المتنقلة بين المواسم، تنير الدروب  وتلغي عتمة المساوئ وظلام الفكر القائم على  الباطل، نادت من البعيد البعيد الأب كميل مبارك الذي تلقف فوح الفكر الصاعد من التجارب  ليلتقي بتنوع الروح النازل من علُ، وجمع ثمارهما اليانعة في ” من جنى التجارIII  “.

“لكل يوم  جهده ولكل ظهر حمله، فأعشاش الربيع الماضي خلت من الطيور”، حكمة من الكتاب تختصر دورة الحياة ومسيرة الزمن السائر دائماً إلى الأمام، غير عابئ بمحطات تتفاعل فيها المشاعر والعلاقات الإنسانية سلباً أو إيجاباً، بل يرعى ويحتضن تجارب هي  الزاد الذي ينهل من حدائق العمر بل الأعمار، عبراً مختصرة بكلماتها ومالئة الكون بالدروس التي توفرها..

1013 حكمة في: الإيمان، الطبيعة، الله،  الإنسان، الحب، ثنائية الخير والشر، العدالة، الحُكم، السلطة،  الحياة، الذات، العقل، الأبد والأبدية، الجمال، الحرية، الحرب، الحق، الخطأ والصواب، الذكريات، السلام، الفضائل، الكرامة، القرار، الواقع والأيام…  تشكل في مجملها فلسفة حية  تنصهر فيها الأفكار مع الأعمال ومع تعاطي الناس مع بعضهم البعض، تحذر وتدق الناقوس وتنبه من عدم الوقوع في متاهات والدوران في دوامات تؤدي إلى ضياع…

لأنه عاشق للطبيعة، ولأنه كبر وترعرع بين أحضانها، اتخذ الأب كميل مبارك منها لغة تعبير، فمزج بين التجارب وبين اصالتها، وصاغ من خلالها الحكم في كتابه الجديد، تماماً كما صاغ من خلالها الحكم في  من “جنى التجارب Iو II “

حِكم الأب كميل مبارك تدعوه  أن “قم إقرأ ففي كل آية طعم اختمار السنين وإن لقيت في المر منها حلاوة فلا تعجل، وإن وقفت على مرارة مضنية في العذاب منها فلا تتعب، وإن نهتك عن رغبة في نفسك فلا تغضب، وإن عانيت في بعضها خيبة شائكة فلا تعتب إن أتتك بما يرضيك شدواً فلا تطرب، فهي للأيام الفارحة ذكرى اكتئاب ولعتمة المساحات السوداء حزناً وعد الإياب،  وإن لم تجد فيها ما يناديك فارمها في النار علها تنير في العتمة فترى في وهجها عذب الاحتراق”، كما جاء في مقدمة الكتاب.

hikam 1

اترك رد