“الشاعر التائه بين القصيدة والقصيدة!”
مثقّفون وشعراء ورجال أعمال ورؤساء بلديّات لبّوا دعوة ” البيت الزغرتاوي ” الى حفل توقيع الديوان الثاني للمهندس بدوي الحاج ” قامات في فراغ أبيض ” في مقهى وسط مدينة زغرتا. الجلسة كانت حميمة دافئة بالشعر والكلمات النابضة حبّاً وثقافة.
كلمة للشاعر أسعد المكاري، عريف الحفل: ” المهندس بدوي الحاج قلّم بحروفه سنابل الدروب ليكون له في بيدر الشعر ديوانين من شغف “. أضاف: ” من أرده – زغرتا إلى سيدني – استراليا لوّن الشاعر بدوي الحاج المسافات بحبرِ أحاسيسه وخمّش على مرايا الصمت بلهفاته لترنّ أجراس الياسمين قصائد عطرٍ وعبرات شوق”.
فيرا يمّين الأديبة والناشطة السياسيّة، مثّلث رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية في الحفل الثقافي. هي ” سيّدة الكلام والمواقف وحرفها وميضٌ في عتمة الحبر” كما قال الشاعر أسعد المكاري، معرّفاً.
كلمة فيرا يمّين جسّدت أحاسيس ومشاعر ورؤية لدور الكلمة وتأثيرها. قالت: أن يكون لي كلمة في حفل توقيع كتاب بدوي الحاج للمرة الثانية في سنتين، أولى في سيدني وثانية في زغرتا فهذا يدلّ على مدى قدرة الكلام على محو المسافات، فرفّة القلب أسرع وأكثر من أي وسيلة أيوسيلة سفر. بدوي الحاج التائه بين القصيدة والقصيدة يبحث عن وطن في غربته ويهاب غربة في وطنه شأنه شأن أهل الكلمة. المرأة ليست حبيبة فحسب أو أماً أو وطناً بل هي حالة متكاملة، هي دائرة ضوئية تنشر النور وتتنفّس الحرية: ” أيةُ امرأة أنتِ تطوفين الدنيا في ثوانٍ ولا تسقطين.”.
بدوي الحاج ينحت شعراً امرأةً غير كل النساء شامخة كالوردة وتنحني كالسنبلة، في شموخها تواضع وفي انحناءتها كِبَر.
حتى المدنُ في قصائده نساء والنساء في شعره وطن.
قصائده المتفلتة من الأوزان لها وزنها الخاص، فبين قصيدة تقارب النص وأخرى تلامس الأغنية، موج بل دفق من حبّ وحبّ وحبّ… يحنّ الى باريس عابراً جسر العشق فيها ويتنفّس في بيروت حتّى ” انقضاء النفس “.
يعِدُّ المساءات حبّات مسبحة وفعل اعتراف ويتناول الليل برشانة تقيه جوع النهارات.
لا غربة دائمة في حقائبه، بل يحمل زوادة العودة بوصلة.
حتى الجرأة عنده – كما الشهوة – وفاء، فامرأته كلُّ النساء فيما كلّ النساء لسن امرأته.
ابن الضيعة هو، لم تسرقه المدينة ولم تسحبه اغراءاتها، سكنها من غير ان تسكنه هو المسكون بطفولته، بضيعته، بالسواقي والبساتين، بالشوق والحنين الى ما كان وعساه يكون.
يحاول أن يجعل من عمره عمرين خائفاً من هروب الوقت كرفّة عين. جميل قوله:
” النعس شعور خاطئ لأنّ السنين تمضي… والوقت يرحل من النافذة كمن يخاف الحوار…”
عناصر الحياة نسيج قصائده من الماء الى التراب الى الهواء. ويختم ختماً وخاتمة بقصائد للوطن حيث تعب وقلق وعشق وألق، الى وطن يشتاقه، يشتاق الى تجاعيده وتعابيره، وطن يفتديه جيشه والمقاومة، وطن يحبّه من أقصاه إلى أقصاه حتى ” الأقصى ” والقدس الأنقى. وطن يحفظ تذكرته وعروبته، وطن يكرّم ويتكرّم بشهدائه، وطن يُشهر البندقية حتى الحريّة.
بدوي الحاج، هو الحاج الى معبد ا لشعر، حيث يجثو حتى انبلاج القصيدة.
المحامي جواد الخوري تحدّث عن بدوي الحاج ” المهندس والشاعر والصديق “. قال:
انّ شاعرنا ” هندس الشعر فجاء فوضوياً، ليرسم خريطة العمر بالكلمات، ويبني مملكة العالم على النغم”.
انطونيو يمين رئيس نادي روتاري زغرتا، رئيس ” البيت الزغرتاوي ” الذي رعى الحفل الثقافي، أكّد على ” الاستمرار في دعم الثقافة والشعر في زغرتا والشمال، لتبقى وجهاً منيراً في لحظات العتمة…”
الشاعر بدوي الحاج القى قصائد جديدة من شعره، وشكر المتكلّمين والحضور. كما نوّه ” بالحراك الثقافي المميّز الذي فقدته زغرتا ولفترة طويلة، فأظهر (البيت الزغرتاوي) صورة مشرقة عن زغرتا العلم والثقافة والتاريخ”. ونوّه بدور ” منتدى ريشة عطر ” في تنشيط الحركة الثقافية.