الأرض

د. ربيعة ابي فاضل

(أديب وباحث وشاعر – لبنان)

rabyia abi fadel

مَن يَرى أودية لبنان تبكي

مَن يلمسُ بيدِ اللطفِ الينابيع العطشانة

مَن يُعيدُ إلى السعتر البرّيِّ نفحاتهِ الأولى

مَن يوصلُ الخراف إلى حقول الفجرِ

مَن يُنزلُ على اللامِ، الباء، النون، الألف، ثمّ النون، ماء العزاء

مَن يفرشُ في حدائقِ الأطفالِ زهرًا أو حلمًا لا ينكسِرُ، في فضاء الوطنِ سُحُبًا تحنو على المعذَّبين؟!

مَن يُنقذُ طيورَ الجبل من وحوشِ الظّلمات؟

مَن يطهِّرُ هذا الشرقَ من تياتينِ الدّينِ، من تجّارِ الهيكل

مَن يُرجِعُ إلى البيتِ حجارَتَهُ، إلى الحوار دفئهُ، إلى النّظامِ مهابتهُ؟

مَن يُسَكِّنُ الرِّياحَ، يوقفُ عواصفَ الغبارِ والنّار

مَن يردُّ الأشباحَ عن الأرزِ والسّنديانِ ، عن الرّيحانِ والإيمانِ؟

مَن يُعرِّي هذه الأرضَ مِنَ الحروف الحاقدة والنّفوس المريضة

مَن يحرّر الله من أيدٍ تعشقُ الطّعنَ، والدّماءَ، وتحسَبُ السّماءَ موتًا، وترابًا باردًا؟!

مَن يرحمُ هذه الكهوفَ هذه الصّخورَ، هذه المواسمَ التي تنتظر

مَن يردعُ عَنِ العصافيرِ، في الرّيفِ، والفراشاتِ، غربةً وجوعًا، ودموعًا؟

مَن يلوّن بالمعرفةِ، والزّهدِ، والمحبّةِ، هذا الوطنَ المصلوبَ بلا قيامة؟

مَن يُنادي السّنونوات النّائيةَ كي تعودَ إلى أحزانِ القرميد الأحمر

مَن يُروّضُ بالحنانِ، والأمانِ كلّ قطعان الذئاب

مَن يرشُّ بماءِ الوردِ والرحمةِ، والتّوبةِ، هذا الكتاب؟

مَن يحملُ رسالةَ العشقِ والنورِ، في عتماتِ هذا الشرقِ الحبيب؟

مَن يوقظُ الحكمةَ والعدلَ في لبنانَ، ومَن يغطّي الفسادَ والنّفاقَ بحطبِ البساطةِ والصّدقِ؟

مَن يُشعلُ في قلوبنا زيتَ المحبّة لهذه الأرض التي تنادي طيورَها؟!

ard 1

اترك رد