عقدت في فندق مونرو في بيروت ندوة حول كتاب “الحلم اللبناني” للمفكر والكاتب رمزي الحافظ، أدارها رمزي النجار المؤسس والشريك التنفيذي في S2C للاستشارات، وشارك فيها الدكتور طارق متري، وزير الإعلام والثقافة السابق، الدكتور جهاد أزعور وزير المالية السابق والمدير التنفيذي في شركة Inventis، المحامي سمير عبد الملك مؤسس جمعية Fair Trade، عبدو مدلج المستشار المالي ورئيس المجلس الاستشاري لجمعية “سكر الدكانة”.
النجار
استهل رمزي النجار الندوة بالتأكيد على أهمية الكتاب، لافتاً إلى أنه جدير بالاهتمام ويستحق حتما نقاش اليوم.
أضاف: “رغم تراكم النفايات وتكالب المصالح وشعبوية الاستغلال والفساد الممأسس والفراغ الإرادي وشهوة الانتحار الجماعي… رغم كل ذلك، ولأنكم أنتم… أنتم، ولأن العقول التي ستناقش كتاب رمزي الحافظ اليوم، هي نظيفة بالغة الصغر وقد تكاد تكون لا مرئية؛ إلا أنها كافية لتخصب رحم هذا الوطن النازف؛ كي يحمل حلماً لبنانياً صرفاً، قادراً أن يصبح واقعاً مرتجى وحقيقة ملموسة”.
متري
وقال د. طارق متري متري في كلمته تحت عنوان “التطور التراكمي للصيغة اللبنانية- تحديات الانتقال من العيش المشترك إلى العيش الواحد”: “لا يقع كتاب “الحلم اللبناني” في واقعية الخيبة والاستكانة ولا في الحنين إلى زمن طغى فيه التعمق في الحلم على استقراء الواقع، فالمؤلف يعترف أن الثمار لن تقطف إلا بعد حين، أي عندما تكبر الكتلة المؤمنة بالمعاني المستشفة في حلمه”.
أضاف: “نجد عند أكثرية اللبنانيين قناعة قوية بالانتماء إلى وطن واحد صنعتها تقلبات التاريخ الحديث وتشارك المصالح واعتناق الحداثة، وقناعة عميقة بأنهم أعضاء في جماعة دينية المنشأ لكنها باتت بمثابة تشكيلات اجتماعية وسياسية يبدو الخروج منها أقرب إلى مجازفة الوقوف في العراء، واليوم وبالرغم من المناداة المتقطعة لإلغاء الطائفية السياسية، لكنه بات متعذراً أن نتحدث عن الديمقراطية في لبنان خارج التوازن الطائفي، وقد اعترف اتفاق الطائف بهذا الفشل لكنه دعا في الوقت ذاته إلى تجاوزه، إذ نظر إلى اللبنانيين بصفتهم المزدوجة، فهم مواطنون وهم أعضاء في طوائف، وإن الواقعية في اتفاق الطائف تحولت في حقيقة الأمر إلى الاكتفاء بالحد الأدنى الممكن وهذه الواقعية بعيدة عما يدعو إليه رمزي الحافظ”.
وختم: “بحسب منطق المؤلف، يجب وجود قوى للمواطنة لا تزال قليلة”.
أزعور
نوه د. جهاد أزعور بالكتاب، فرأى فيه “كثيراً من الطموح مع الواقعية وفعل إيمان وأمل من دون طوباوية أو شاعرية”. واعتبر أنه يأتي في “زمن الإحباط وتصاعد الخوف والإحباط والحلول المبسطة الكاذبة”.
إذ أشاد بمضمون الكتاب الذي جاء “عميقاً وموثقاً ومبنياً على دراسة معمقة”، توقف عند “الأسلوب الواضح والهادف والجريء”.
وقال: “لفتني استطلاع رأي أشار إليه المؤلف في كتابه وقال فيه إن الأكثرية الساحقة من اللبنانيين (90 بالمئة) يعلون المصلحة الوطنية على مصلحة الطائفة. لقد تفاجأت بالتناقض الظاهر بين الاستطلاع وواقع الحال، مما دعاني إلى طرح مجموعة من التساؤلات: هل هناك مفهوم واحد أو مشترك للمصلحة الوطنية؟ هل هناك رابط واضح بين المصلحة الوطنية وعمل السلطة في لبنان؟ وذهب الأمر إلى طرح تساؤلات أخرى منها على سبيل المثال: هل يتلاءم مفهوم المصلحة الوطنية، كما تعرفه كتب العلوم السياسية، مع الصيغة اللبنانية؟ هل المصلحة الوطنية هي ما نص عليه الميثاق الوطني؟ ما العلاقة المشتركة بين العيش المشترك والمصلحة الوطنية؟ هل يمكن الحفاظ على التعددية أو التنوع والمصلحة الوطنية العليا؟”
تابع: “المصلحة الوطنية هي مفهوم سياسي يشير إلى غرض وهدف عمل الدولة، وهي مبدأ تدافع عنه سلطات الدولة”. ولفت الى أنه مفهوم “أوسع من مفهوم المصلحة العامة”.
عبد الملك
في كلمته تحت عنوان “أحزاب الحلم اللبناني: الثوابت والمتحولات”، شدد المحامي سمير عبد الملك على أهمية توقيت صدور الكتاب، وقال: “إننا نعيش تحولا كبيراً في العلاقات الدولية وفي التوازنات الإقليمية، وكأننا دخلنا مرحلة جديدة عنوانها الاتكال على الذات، بناء السلطات الوطنية القائمة على حكم المؤسسات، والمكتسبة مشروعيتها من شعوبها وليس من الخارج. إذا، جاء كتاب “الحلم اللبناني”، ويمكن أن يكون كتاب “الحلم العربي”، في لحظة تاريخية مصيرية ليؤكد على معنى لبنان وثوابته الوطنية”.
أكد على “ضرورة إعادة تظهير معنى لبنان ورسالته ودوره وتجربته الإنسانية القائمة على صيغة العيش المشترك التي شكلت مبرراً لوجود لبنان ومساهمته في الحضارة الإنسانية، ونموذجاً في إدارة التنوع داخل المجتمعات المتعددة، والحاجة إلى تعميم ثقافة وطنية حول هذا المعنى تعالج المشاكل على مستوى القيم والثوابت الوطنية”.
مدلج
أما عبدو مدلج فتوقف عند نتائج استطلاع الرأي الوارد في كتاب “الحلم اللبناني” حول نبذ غالبية اللبنانيين للطائفية، وقال: “يعتبر ذلك تناقضاً مع الواقع الحالي، لأن الطائفية لا تزال متغلغلة في مجتمعنا”.
أضاف في كلمته التي عنوانها “من الحلم إلى الواقع: المواطنة في الممارسة السياسية” ان الاستطلاع لا يحتمل في الظاهر التشكيك، لأنه يستند إلى عدد كاف من عينات الأشخاص يفوق الألف مواطن، إلا أنه اعتبر أن المواطنين إنما يكذبون على أنفسهم أو أن اللبنانيين لديهم حلم إنهاء الطائفية لكنهم غير قادرين على تحقيقه”.
ثم تناول مدلج مسائل طرحها الكتاب تحت هذا الفصل وتتعلق بتداول السلطات وتثبيت دولة المؤسسات، متسائلا عن “الجهة التي ستعمل على تنفيذ كل هذه الأحلام، خصوصاً أن تحقيقها سيفضي إلى تجريد الطبقة السياسية الحالية من امتيازاتها”.
الحافظ
وكانت كلمة لرمزي الحافظ تطرق فيها الى نقطة رئيسية في كتابه، وهي “القضية اللبنانية” وقال: “يجب أن يتنكبها كل مواطن، وقوامها استرجاع الوطن، عبر تحويله من دولة لأقليات تتناتشه، إلى دولة لأكثرية واحدة هي أكثرية الدستور”.
اضاف أن “الحلم اللبناني يقترح نماذج يقتدى بها لتحديث ثقافة العمل في الشأن العام، كما يطرح قيام مكونات سياسية جديدة تستند إلى الجموع وفق آليات عصرية هدفها تمثيل طموحات المواطن ومصالحه في القرار، لا في كيفية إيصال الزعيم أو الحزب الطائفي إليه”.
ولفت الحافظ الى أن كتابه يستهدف “كل المواطنين على حد سواء”، لكن طموحه أن ينشر رسالته “بين المؤمنين بأهدافه وبمضمونه، ممن أصابهم الخوف واليأس ويعتبرون أن البلد رهينة الاحتلال، لكنهم اختاروا الصمت واستقالوا من مواطنيتهم جماعيا”، وقال: “نحن بلد محتل بالسلاح من قبل قوى تحكمنا بالسلاح وتمنعنا مما نريد نريد أن نفعل، وثمة مواطنين إما لا يحبذون الكلام عن هذا الموضوع نهائيا أم أنهم وجدوا له تبريرا مناسباً.
تابع: “إذا أردتم التغيير، فيجب أن تشكلوا أحزابا سياسية جديدة تشبهكم وتشبه لبنان الذي تريدون. تبين استطلاعات الرأي التي أجرتها مؤسسة إنفوبرو في السنوات القليلة الماضية على مساحة الوطن أن الأغلبية الساحقة من اللبنانيين غير راضية عن أداء ممثليها؛ سوف تقترع أغلبية اللبنانيين في أي انتخابات مستقبلية لصالح نفس الممثلين الذين اقترعت لهم سابقاً”.
اختتمت الندوة بحوار تخللته مداخلات من الحاضرين