في قرار أنطاكية وردّ الكنيسة المقدسية

مازن عبود

بتاريخ 27 حزيران من العام الحالي، اصدر المجمع الانطاكي المقدس المنعقد في البلمند في دورته العادية mazen abboudالقرار الرقم ع 5 – 3/ 2015، الذي نص على قطع الشركة الكنسية مع بطريركية أورشليم.

وقد جاء في الحيثيات أن البطريركية المقدسية قد تعدت على حدود بطريركية انطاكية الجغرافية، عبر انشاء أبرشية في قطر وأقامت عليها “رئيس أساقفة”. واعتبرت انطاكية انها قد استنفدت جميع الوسائل السلمية. واشارت الى أن البطريركية المقدسية أخذت “تتنصل مما تم الاتفاق عليه “بحضور مندوبين عن البطريركية المسكونية ووزارة الخارجية اليونانية، ومن الوعود التي قطعت لبعض سعاة الخير من رؤساء الكنائس الارثوذكسية الشقيقة”.

ولتأكيد حقها على “العربية” بما فيها الخليج العربي، قطعت الشركة الكنسية مع البطريركية المقدسية، وأكدت ضرورة الرجوع الى ما تم الاتفاق عليه في أثينا في حزيران 2013. وأكدت أن أي حل للنزاع يجب ان يستند للتأكيد على تشبث الكنيسة الانطاكية بضرورة احترام مبدأ الاجماع، سواء من حيث حضور كل الكنائس الارثوذكسية المستقلة، او من حيث اتخاذ القرارات، وذلك في كل لقاء أرثوذكسي مشترك”. وأخيراً، اعتبرت ان احكام قرارها تسري على الاكليريكيين الأنطاكيين الذين منعتهم عن الاشتراك بأي خدمة يرأسها أو يشارك فيها اكليريكيون تابعون للبطريركية المقدسية، ولم تتطرق الى العلمانيين.

تدبير اعتبره البعض قاسياً، إلا أن رد البطريركية المقدسية أتى سريعا. وقد بدأت أورشليم ردها بالاعلان عن حزنها تجاه قرار قطع الشراكة، معتبرة أن ضم قطر الى نطاقها أتى “استجابة لدعوة مسيحيي قطر، التي تقع في منطقة نطاق صلاحيتها الكنسي”. ومن ثم أشارت الى انها أرسلت العام 1997 كاهناً لاقامة الخدمات الليتورجية، وهو البطريرك الحالي للكنيسة المقدسية ثيوفيلوس، وبعد قراءة متمعنة لرد البطريركية المقدسية، اتوقف عند عدد من النقط:

أولها، على حد علمي لا وجود لأي كتاب موجه من بطريركية انطاكية الى وزارة الخارجية القطرية تدعي فيه سلطتها الروحية على القدس والأردن. كما أنه لم يحصل اي اتصال مباشر ما بين الطرفين في هذا الاطار، ولم يطلب السيد البطريرك زيارة قطر او التعاون معها في الشأن التربوي او الطبي، كما أفادت رسالة وزارة الخارجية القطرية الى الكنيسة المقدسية.

ثانيها، من المعيب ان تنسب الى السيد البطريرك اقوال لم يقلها، ورسائل لم يرسلها. وما حدث يثير الشكوك حول نية وهدف من قام بذلك.

ثالثها، “من هم مسيحيو قطر الذين دعوا الكنيسة المقدسية اليها؟ أيكونون أبناء الكنيسة الانطاكية مثلاً؟”.
رابعها، اعتقد بأن رد الكنيسة المقدسية على كنيسة شقيقة أقل ما يقال فيه انه يفتقر الى الديبلوماسية في التعاطي وهو حتماً يفتقر الى روح المسيح، فاتهام الكنيسة الاخرى بالأتنية والتمييز العنصري يعكس حالة المتهم المتغرب عن قطيعه بفعل استقالته عن قضاياهم وهمومهم وأزماتهم. كما أن اتهام انطاكية بالكذب في رد رسمي فموضوع يعكس مدى غربة هذه البطريركية عن المسيح.

خامسها، هل أن وجود ارشمندريت يقيم الخدم الكنسية في قطر يعد فعلاً عملاً مشابهاً في مفاعيله الكنسية والقانونية لسيامة رئيس أساقفة عليها؟ وهل أن عدم اعتراض انطاكية على وجود كاهن مقدسي يقيم الخدم يستتبع عدم اعتراض منها على انتخابه وسيامته مطراناً على قطر؟

أخشى ان تكون كنيسة أورشليم قد بدأت تفتش عن أزمات خارجية مع كنائس أخرى كي تغطي ممارساتها وتصرف الرأي العام والاعلام عن الاهتمام باخبارها وممارساتها مع شعبها وعن بيعها للأراضي.

****

(*) جريدة النهار 17 يوليو 2015

اترك رد