الأديب إيلي صليبي
وراحَ آدمُ يكتب:
إنَّما أوّلُ خوارقِ الموجوداتِ هي الأجساد، فلولاها لظلَّتِ الأرواحُ هائمةً تبحثُ عن منازلَ لها، ولَما كانَ اللهُ وجدَ لها مستقَرّاتٍ، ولكانَ اكتفى بمخزونٍ ثابتٍ من أرواحِ الملائكة. فكلّما أضافَ اللهُ روحًا أوجدَ لها جسدا.
وحاشا الاستهانةَ بقيمةِ الجسدِ عندَ خالقِه، وقد نفخ فيه الحياة، وصيَّرَه على كمالٍ ليسَ أعجبَ منه سوى تراكيبِ عناصرِه من الجينات فالخلايا فكلِّ عضوٍ خفيٍّ فيهِ وظاهر.
وعجبي لعملِ كلِّ ما فيَّ وكأنَّه مطيعٌ لنظامٍ فائقِ الدقَّة في ضبط كلِّ ما تمليهِ عليهِ الحاجةُ ويطلّبه كلُّ أمرٍ وظرف. تكفي مراقبةُ ما في جُوَّايَ من ألوفِ “المُدنِ الصناعيَّة” لأُمجّدَ اللهَ في خلقِه.
فيا هذا الجسد …كم أنا مدينٌ لك، ديْنَ المطرِ للغيومِ وهي تحضنُهُ في جوفِها وتزولُ متى ملَّ منها وتململَ وهوى.
وكم أنا مدينٌ لك، ديْنَ المحارة لمِصْراعَيِّ الصَّدَفةِ التي متى فرغتْ أُلقيَ بها في مَهاجرِ الشاطئ.
وكم أنا مدينٌ لك، ديْنَ الطُّحْلبِ للشّجرةِ التي تستضيفُه في فَيئِها ما دامَ المنجلُ غافلًا عن واجبِ طردِ الغرباء.