كلود أبو شقرا
عام 1997، كان آنذاك طالباً في معهد الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية بدأ ريكاردو مبارخو ومجموعة من الشباب التأسيس لفكرة ملتقى فني يناقش قضايا وشؤوناً فنية وآخر ابتكارات الفن المعاصر وكيفية التطور في تجاربهم التشكيلية والنظرية كان السؤال المطروح آنذاك واحد: ما هو الفن الذي نمارسه؟
ما لبثت هذه المجموعة أن انفرط عقدها بعدما هاجر معظم الشباب إلى الخارج إما للعمل أو لمتابعة الدراسات العليا من بينهم ريكاردو مبارخو الذي عاد في 2002، ليكتشف أن الوقت تغير والناس أيضاً. وفي 2015 أعاد ريكاردو مبارخو تفعيل اللقاءات لكن في حلة جديدة ومميزة، آخذاً في الاعتبار تشابك الساحة الفنية في بيروت والتحديات التي تحملها سواء فنية أوثقافية والتي تعكس تجارب وجماليات فنية وبحوثاً نظرية في الوقت نفسه.
ضمن هذا القالب الصغير في مساحته والمتأجج في حركته، أصبحت اللقاءات بين محبي الفن والفنانين عاملا أساسياً يؤثر على مسار هذه الساحة المتحركة والمتجددة دائماً، فجاءت مبادرة ريكاردو مبارخو ظاهرة فنية مميزة وجديدة، تمزج بين اللقاءات في البيوت لإجراء مناقشة بين الرفاق وبين قاعات المحاضرات حيث الجمهور يكون جالساً بصمت يستمع ويشارك من على كرسيه.
أثمر المزج بين هذين الشكلين حالة فريدة تستقطب فنانين ونقاداً ومحبي الفن. إنها ببساطة، لقاءات في البيوت تكون في الوقت نفسه حدثاً فنياً منظماً ومبرمجاً من خلال إجراء لقاءات عبر سكايب وتواصل بين فنانين لبنانيين ومتذوقين للفن وبين فنانين عالميين.
صفحة “فايسبوك” www. facebook.com/artmeetingsbeirut/ تضيف إلى هذه اللقاءات مشاركة المجتمع الفني العالمي إلى المجتمعين في بيروت.
ولد ريكاردو مبارخو في بيروت عام 1974 وهو يقيم ويعمل في لبنان. يعالج عمله مشاكل تتعلق بالبيئة السياسية والاجتماعية، وغالباً ما تتعلق بتكنولوجيات المعلومات الجديدة والاتصالات. تعرض أعماله الفنية في مهرجانات ومعارض في لبنان و أنحاء العالم.
ريكاردو مبارخو حامل دبلوم من معهد الفنون الجميلة، الفرع الثاني (الجامعة اللبنانية) في بيروت-لبنان، وتابع علومه في الولايات المتحدة الأميركية (جامعة كارنجي ميلون) وفي فرنسا، حيث حصل على دبلوم من مدرسة باريس الوطنية العليا للفنون الجميلة وعلى دبلوم المدرسة العليا للدرسات السينمائية، هو ممثل من قبل غاليري مارك هاشم.
ألكسندر غوريتا
خلال اللقاءات الفنية في 15 أيار 2015، كانت مداخلة حول الفن غير المرئي، الذي سينطلق في Iheap art institute في الخريف في باريس ونيويورك، مع ألكسندر غوريتا، مدير بيينال باريس، وتمحور النقاش حول الفن غير المرئي invisuel.
الفن غير المرئي لا يطيع الخصائص البصرية للفن. ممارساته تعبر عن نفسها بشكل مختلف في قالب أشياء فنية مادية أو غير مادية، مسجلة في الواقع، لدرجة أنه لا يمكن أن نميزها عن محيطها. لا تحتاج إلى أن يُنظر إليها و / أو مشاركتها لتحقق وجودها. فهي تتسق مع مجتمع المعرفة لأنها انعكاس لها. تسمح بعدم المرور على هامشها لامتزاجها مع أعمال الفنان. هذا الفن هو جزء من الاستمرارية التاريخية واستكشاف أبعاد جديدة للفن.
في هذا البحث مطلوب صنع أو تطوير مشروع أو مسار غير مرئي. يذكر أن بيينال باريس يعرض عمل ريكاردو مبارخو، تحديداً اليوم الوطني للتبولة منذ عام 2006، وهو احتفال سنوي مخصص للتبولة، انطلق في 2001، يحتفل به في أول سبت من تموز. خلال هذا اليوم، اللبنانيون وأصدقاؤهم يجتمعون أينما كانوا في العالم حول هذا الطبق التقليدي. هذا الاحتفال الفني، الثقافي، والسياحي، هو مناسبة استثنائية، لتعزيز الانتماء إلى الإنسانية والسلام في لبنان والعالم.
اليوم الوطني للتبولة 2015 سيشكل محور الأضواء في بيينال باريس (2014- 2016)، من أنحاء العالم، يستطيع كل شخص أن يرسل إلى بيينال باريس لمحة عن احتفاله بهذا التقليد في 4 تموز 2015 ( وثائق، صور، إلى secr-pr@biennaledeparis.org ) هذة الوثائق تؤلف مجموعة من التذكارات وستدرج في أرشيف البيينال.
وفق الكسندر Gurita مدير بيينال باريس، الممارسة الفنية غير المرئية، متكاملة في سياقها الاجتماعي، لأنها انعكاس للبنان باعتباره بلداً يتأرجح بين الحرب والسلام. يستخدم هذا المشروع الفضاء الاجتماعي والجغرافي السياسي كوسيط فني وليس بالضرورة أن يعلن أنه فن. اليوم الوطني للتبولة هو عمل تمثيلي للفن invisuel، فن من دون عمل فني ومن دون طابع بصري. يتجاوز الأعمال الفنية المستهلكة في أوائل القرن 21.
“المحتفلون” خلال هذا اليوم لا يكونون بالضرورة جزءاً من العمل الفني العام. يمكن اعتبارهم جمهور “اللامبالاة العامة”: الناس الذين، عن قصد أو عن طريق الصدفة، يتداخلون مع المقترحات التي قد لا تكون بالضرورة فنية. هذا الجمهور ليس لديه خطة استقبال محددة سلفا في مواجهة المشاهد المحضر سلفاً لما سيكون في مكان ما من فن للرؤية. هذا المشروع ليس نتيجة لتقليد معاصر للفن في اتصال مع فكرة تتعلق بالطعام، ولكن من خلال نهج فني بعد جماليات المعلومات والاتصالات والعلاقات. إنه فن ما بعد غير المادي.
حضر اللقاء: ألكسندر غوريتا (سكايب)، ناديا أوفريد، نويل فرح، يوسف عون، سامر معضاد، كارلو مبارك، تود لستر، ريكاردو مبارخو، نهاد حنا ضاهر، أمل سعادة، زياد سابا، ربيع خليل.
فرِد فورست
في اللقاء الذي نظمه ريكاردو مبارخو في 12 حزيران 2015، كانت مداخلة لفرِد فورست حول معرضه في مركز جورج بومبيدو، جاء فيها:
“اللقاء الذي أشارك فيه عبر سكايب بمبادرة الفنان اللبناني ريكاردو مبارخو برهن مرة جديدة أن الزمن تغير منذ سبعينيات القرن الماضي التي شهدت تشكل ممارستي الفنية. وفقاً للنظريات التي وضعتها في الثمانينيات مع البروفسور ماريو كوستا في إطار تأسيس المجموعة الدولية لجمالية الاتصال وتكنولوجيات الاتصال، سمحت لنا مع الصوت والصورة التواصل اليوم من طرف الكرة الأرضية إلى طرفها الآخر…
هذه الحقيقة هي أمر شائع، وقد فقدنا مسار سحرها. في الواقع للمرة الأولى في تاريخ البشرية يتم عيش هذا الوضع المتناقض، وإلغاء المسافات بالنسبة إلى الأشخاص.
هذا اللقاء مع الفنانين والأصدقاء اللبنانيين سمح لي بعيشه من خلال إعادة تنشيط هذه اللقاءات، مع ذلك، موضوع هذا اللقاء هو المعرض الذي وضعه مركز جورج بومبيدو- باريس على برنامجه في حزيران 2017 بشكل غير منتظر، لدرجة ان في الإعلان الذي أدليت به بنفسي ظن الجميع بأنه مجرد خدعة من قبلي لاستفز الوسط الفني الباريسي.
بالفعل خلال الخمسين سنة، كانت لدي مشاكل مع هذه المؤسسة التي افتخر بأنني كنت الفنان الوحيد الذي يفضح بشكل مستمر الأخطاء، لا سيما المحسوبية التي زادت مع أصحاب السوق وساهموا برأيي في انتهاكات للمال العام، مثل متابعة فنانين من الدرجة الثانية ينامون اليوم في غياهب النسيان في مجموعاته المغبرة.
قدت سنوات وسنوات من الحرب ضد القيمين عليه، لا سيما ضد كريستين اش حافظة قسم الفيديو والتكنولوجيات الجديدة وألفريد باكومون مدير MNAM. إحالتهم إلى التقاعد سمحت لي اليوم بإقامة هذا المعرض الذي ادين فيه بالفضل إلى شخص متنور ألان Seban ، الذي عرف من دون حجج، ومن خلال إقامة حوار متتابع معي اصالة قيمتي كرائد في مسيرتي.
يبرهن هذا التحول في المؤسسة، إذا كان من ضرورة، أن الصبر والعزيمة هما على حق في الأوضاع الأكثر يأساً… المكان الذي أزعم للفنان ليس مصير فنان ملعون لكن لضمير حي يجب أن يأخذ بنفسه المبادرة، مهما كانت الصعاب والمستحيلات التي يضعها المجتمع حوله.
إذا اردت الحكم من خلال الإيميل والاتصالات الإيجابية عبر الفايسبوك من أشخاص موجودين في بيروت، بعد هذا اللقاء، لأن هذه الشهادات مهمة بالنسبة إلي إذ من خلال التعبير ينتابني شعور بأنني اثرت فيهم ، وبأن بلداً يمر بتجارب لتعزيز المقاومة لأشياء جميلة، موجود دائماً وان هذه المقاومة تحفز كل شخص لتحسين وتطوير مصيره ووضع أبعاد افضل لمصيره”.
فرِد فورست فنان الوسائط المتعددة والشبكات، أحد رواد فن الفيديو (1967) وبعد ذلك الـ Net.art (1996)، وتميز برعايته لـ “تجارب الصحافة” المسؤولة (مداخلات في وسائل الإعلام: المطبوعة والإذاعة والتلفزيون [1972]).
حامل دكتوراه دولة في جامعة السوربون، أستاذ علم المعلومات والاتصالات، منذ 1968، ابتكر فرِد فورست بيئات تفاعلية أولى باستخدام الكمبيوتر والفيديو. وعرف كيف يدمج في نهجه الفني كل وسائل الإعلام والاتصال: صحافة مكتوبة، هاتف، فاكس، راديو وتلفزيون، سينما وفيديو، كابلات، صحف إلكترونية، روبوتات، شبكات اتصالات وبطبيعة الحال، كل الاحتمالات على شبكة الإنترنت.
فرِد فورست مؤسس اثنين من الحركات الفنية الكبرى، علم اجتماع الفن (1974) وجماليات الاتصالات (1983)، مجموع عمله الذي لا يزال قيد التطوير، انضمّ إلى التراث الوطني في إطار الإيداع القانوني في يوليو 2005، في شكل اتفاق موقع مع INA (المعهد الوطني السمعي البصري). وهو الفنان الفرنسي الوحيد المعاصر، حتى الآن، الذي يستفيد من هذا الوضع.
حضر لقاء 12 حزيران: زياد ابي اللمع، شربل صمويل عون، شربل شمعون، فريد فورست (سكايب)، غسان غزال، نهاد حنا ضاهر، ريتا حنا ضاهر، كريستين كيروز، ريكاردو مبارخو، كارلو مبارك، ناديا أوفريد، غارو بامبوكيان، زياد سابا، أدليتا ستيفان، سيبيل تامر، جاد توما.
كلام الصور
1- ريكاردو مبارخو يحاور أصدقاءه الفنانين
2- على الشاشة: فرِد فورست، فنان تشكيلي من فرنسا
3- على الشاشة ألكسندر غوريتا مدير بيينال باريس للفن يتحدث من فرنسا
4- حضور الفنانين والأصدقاء للحوار مع الفنان الفرنسي فرِد فورست على الشاشة
5- فنانون وأصدقاء من لبنان والخارج
6- محاورة بين الحضور وألكسندر غوريتا مدير بيينال باريس.
7- حضور فنانين وأصدقاء ومتذوقين للفن
8- حوار فني مفتوح.
9- الصالون ممتلئ بالفنانين والأصدقاء في حوار مع فرِد فورست