الأديب صابر حجازي
عرفتها قوية صلبة، تمتلئ عيناها بتحدٍ غريب ، في مقتبل العمر، ربما في وسط العشرين،
وقـفـتها داخل (الكشك الخشبى) الذى تبيع فيه الشاى والسندويشات للسائقين الذين يتخذون من الساحة الأمامية (لـلكشك) موقفاً لسياراتهم ، تغمرهم بالضحكات والسمر، ومن خلال تعاملهم معها لاحظت أنهم يقدرونها .
كانت. ..هي والشجرة التى تحضن فروعها (الكشك) فتنشر الظلال كأنهما كيان واحد يجذب السائقين للمكان …
هكذا الحال في كل يوم أثناء ذهابى وعـودتى من العمل أراها… وأسال نفسي:
– ماذا يدفع واحدة مثلها لذلك ؟ ما دامت جميلة لمَ لم تتزوج وتلقى بعبء الحياة عنها؟
ام هل تراها تعمل لكي تعول أولادها؟
الكثير والكثير من الأسئلة تدور بذهنى؛ ربما إشفاقا عليها، أو إعجابا بها؟! ولكن طبيعة عملي لا تسمح لي بأن أتقرب منها لأعرف الإجابة .
وذات صباح كنت فى طريقى إلى العمل، فوجدت (الكشك ) مغلقاً على غير عادتها ؟
وهى حادثة غريبة لم تحدث من قبل؟
قلت لنفسي : ربما تأخرت فى النوم،
زاد من عجبي أنني عندما عدت من العمل وجدت ( الكشك) مغلقاً أيضاً. وفي اليوم التالي كان الحال كما هو، ومرت عدة أيام و(الكشك) مغلق .
وأثناء عودتي اليوم من العمل لم أستطع مقاومة فضولي الشديد والملحً لأعرف السر.
فذهبت إلى أحد السائقين وسألته عن (الكشك)،
فكانت إجابته غاية فى الغرابة ،
قال : ألم تلحظ اختفاء الشجرة التي كانت خلف (الكشك) ، تنادينا لظلالها من حرقة الشمس في هذا الميدان الواسع ؟
نظرت إلى هناك وبالفعل كانت الشجرة مقطوعة.