الكاتب المصري أحمد الشيخ: الرهان على الإبداع يغني عن ترقب الجوائز

ثلاثون عاماً تفصل حصول الكاتب المصري أحمد الشيخ على جائزة الدولة التشجيعية عن فوزه بجائزة ahmad sheikالدولة التقديرية يوم السبت الماضي لكنه لا يشعر بأسى ويرى أن قدر الكاتب في العالم الثالث أن يراهن على مشروعه الإبداعي دون انتظار جائزة.

 والجائزة التشجيعية تمنح لكتاب واحد ونالها الشيخ عن مجموعته القصصية “النبش في الدماغ” عام 1985 أما التقديرية فهي تتويج لمسيرة الكاتب.

وفاز الشيخ بجائزة الدولة التقديرية بعد نشر 40 كتابا قصصيا وروائيا. ومن رواياته التي تحولت إلى مسلسلات تلفزيونية “كفر عسكر” و”حكايات المدندش”.

وقال الشيخ لرويترز في مقابلة إن على الكاتب في العالم الثالث أن يتسق مع نفسه بالعكوف على مشروعه والإخلاص للكتابة دون شكوى “في بيئة غير مشجعة على الكتابة”.

وأضاف “لست مستاء من تأخر الجائزة التقديرية التي لم يحصل عليها بعض أبناء جيلي وإن بدت 30 سنة منذ “الحصول على” التشجيعية فترة طويلة ولكني آمنت بأنني لا بد أن أستمر في الكتابة وأن كل كتاب جديد في حد ذاته هو جائزة للمؤلف طالما أنه يجد قارئا يقدر الكاتب والكتاب معا.”

والشيخ (76 عاما) درس التاريخ بكلية الآداب في جامعة عين شمس بالقاهرة إلا أنه على خلاف كثير من أبناء جيله لا يستهويه استلهام التاريخ في الكتابة الإبداعية.

فيقول إن اللجوء إلى استلهام زمن بعيد أو كتابة عمل أدبي عن مرحلة في العصر الفرعوني أو العباسي أو المملوكي لا تمثل له تحديا أو إغراء “فاللغة القديمة جاهزة ومفرداتها في كتب التاريخ ويسهل تقليدها. أحيانا يكون التقليد أقرب إلى المسخ.”

ويرى أن كتابة نص روائي أو قصصي عن فترات تاريخية سابقة أمر لا يخصه قائلا “تاريخي هو الواقع. اللحظة الحاضرة بتعقيداتها فلماذا أذهب إلى التاريخ البعيد؟”.

وكان الشيخ أهدى روايته الأخيرة “رأيتهما قمرين في المحاق” التي صدرت في نهاية العام الماضي “لمصر المستقبل.. والناس من البسطاء والشرفاء والأوفياء وقد صمدوا لخصوم الداخل والخارج وتحاملوا واحتملوا واعترضوا وقاوموا ولآلاف السنوات ليورثونا وطنا متوحدا نتباهى بتاريخه ومنجزات شعبه…”

وربما يبدو إهداء هذه الرواية مشتبكا مع ما شهدته مصر من احتجاجات شعبية منذ 25 يناير كانون الثاني 2011 ولكن الرواية لا تقترب من تلك الاحتجاجات وإنما تدور في إحدى القرى المصرية وتناقش الوافد عليها وتأثيره في الأصيل.

ويقول الشيخ إنه كتب عن جوانب من الاحتجاجات الحاشدة التي أنهت حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك رواية “عاشق تراب الأرض” وصدرت عام 2012 وإنه استلهم عنوان الرواية من عبارة رددها عجوز في ميدان التحرير خلال الاحتجاجات حين رفض مغادرة الميدان للعلاج وظل يضرب الأرض بكفيه قائلا “ترابك يا مصر”.

ولا يتحمس كثيرون للكتابة الإبداعية عن أحداث قريبة ومنها الاحتجاجات التي يرون أنها لم تؤد إلى التغيير المنشود وأنها تحتاج إلى وقت أطول للإحاطة بها.

ولكن الشيخ ينظر بكثير من التقدير لما كتب من أعمال قصصية وروائية عن الاحتجاجات فهي “كتابات تحاول التعبير عن الأزمة بغض النظر عن المستويات”.

ويقول إنه كتب رواية “عاشق تراب الأرض” مستفزا ومدفوعا بما كانت تشهده مصر في نهاية حكم مبارك وإن “الثورة حدث خطير يجب التعبير عنه. تراكم تاريخي وحصاد لكفاح أجيال يتم استدعاؤه بالتعبير عن لحظة يشعر فيها المواطن بأن البلد بلده”.

ولا ينكر أن في تاريخ الأمم أحداثا تحتاج الكتابة الأدبية عنها إلى وقت للاستيعاب مستشهدا بالانفتاح الاقتصادي الذي انتهجته مصر منذ منتصف السبعينيات وما أدى إليه من نتائج.

فيقول إنه كتب مجموعته القصصية “مدينة الباب” (1983) وعالج فيها جوانب من آثار الانفتاح الاقتصادي على هجرة المصريين إلى بلاد عربية وأجنبية “وهذه قضية ما زالت مفتوحة لأن آثارها مستمرة وتتمثل في وتتمثل في الهجرة السرية” التي تودي بأرواح كثيرين قبل الحلم بالوصول إلى الشواطئ الأوروبية.

(القاهرة – رويترز)

 

اترك رد