حوار: ميمي قدري
اليوم نلتقي مع جبهة قوية من جبهات الأدب في مصر …. كنز من كنوز المعرفة في الشعر والنثر والكتابة القصصية والمقال والنقد الادبي …أعتلى عرش الحرف بكل جدارة…. دارس وناقد لا يشق له غبار… تعرفت عليه من خلال المواقع الإلكترونية…
عندما أقرأ له أشعر أني أمام مائدة دسمة… عندما نُصادف عملا لهذا المبدع المصري والعربي نحاول التزاحم للوصول الى غِياهب ِ حرفه … والأن أقدم لكم عبر هذا الحوار نبذة مُختصرة عن هذا الأديب والشاعرالمصري الاستاذ صابر حجازى … الذي عرف بين جموع الأدباء وجميع الأصدقاء بالرقي في تعاملاته والصدق الوارف والرقة والأدب.
مرحب أديبنا الراقي صابر حجازي …أرجو من حضرتك أن تمد قراء حرفك بنبذة بسيطة عن اصداراتك وأعمالك المُنتظرة؟
على امتداد أكثر من ثلاثين عاماً من الشعر والقصة والمقال والنقد الأدبي والعمل الصحافي والبحث، كانت تجربتي مع الأدب والكتابة،
حيث بدأت النشر منذ العام 1980 في الجرائد والمجلات والإصدارات الأدبية، ثم تطوار الأمر الي مرحلة الإصدارات ليصل منجزي في الكتابة ما بين صنوف الأدب المختلفة إلى 10 كتاب ، عبارة عن:
4 مجموعات شعرية :
– نبضات قلبين……………..مجموعة شعرية 1983
– قصائد الرحيل السبعة……..مجموعة شعرية 1984
– ولكني مازلت احبك ………مجموعة شعرية 1986
– الزمن ووجة العاشق القديم.. مجموعة شعرية 1988
إضافة إلى أعمال أخرى:
– قصص ممنوعة…………مجموعة قصصية 1987
– مدخل الي الابداع الشعرى …..مقالات نقدية 1994
في انتظار النّشر- مخطوطات:
1 – ما تعسر من الحب..شعر بالعامية المصرية
2 – الحب في زمن الفراق…..مجموعة شعرية
3 – العودة الي الله ………….كتابات اسلامية
4- إعدام محامي ……………قصص قصيرة
كما انني عضو بعدّة نوادي ثقافيّة وأشرفت علي الصفحات الادبية –
بالعديد من الجرائد والمجلات المصرية لسنوات طويلة، وشاركت بالعديد من الندوات والمهرجانات الادبية، في العشرات من الأمسيّات الشعريّة والقصصيّة، نظمت الكثير من الأمسيّات الأدبيّة واذيعت بعض قصائدى ولقاءتي في شبكة الاذاعة المصرية. ويمكن التواصل عبر الشبكة العنكبوتية معي كالاتي :
– الغروب عالفيسبوك
http://www.facebook.com/hegazy.s
البلوغات
مدونة الاديب صابر حجازى
http://saberhegazy.blogspot.com/
الصفحه الرسمية
http://www.facebook.com/SaberHegazi
http://www.youtube.com/watch?v=jnsCZ6-uqls&feature=youtu.be
كاتبنا الطاعن في عشق الحرف … متى أقمتُ على ضفاف الحرف ومن ساعدك في أول مشوارك وبمن من الكُتاب تأثر صابر حجازي؟
في السبعينيات من القرن الماضي … سمعت صدفة اغنية للمطربة فايزة احمد بعنوان “أحبه كثيرا”…اعجبتني الكلمات واللحن…وحفظتها بدون شعور… وذهبت الي قصر الثقافة في بلدنا أبحث عن كتب لمؤلفها الشاعر فتحي سعيد… ومن لحظتها وانا ادور بين متاهات الحرف..
ويحضرني الان نص بعنوان “الشاع”، أقول فيه:
مسكون بالحب… وبالأسفار
مسكون بالدفء… وبالامطار
بأغاني الأمواج…
وبأحلام….تقبع في ذاتي
بحروف الحب الراحل…
في ملكوت الماضي
ومدارات الحاضر …
والآتي
ووحيدا
بمدارات الرفض
أسافر
**
نحوك
أرحل كل مساء
وأفتش في صمتي
عن معني للأشياء
فاصوغ اغاني العشاق
البعد / الهجر / الحب / الصدق / الموت
الميلاد
وأسافر عبر الحرف وفي الكلمات
بحثاً عن نار الحكمة
بحثاً
عن نار
الحكمة
لقد بدأت في وقت مبكر قراءة الشعر … وتسربت إلى عوالم الأدب … كما تعرفت في تلك السن المبكرة على صلاح عبدالصبور، وبدر شاكر السياب ونجيب سرور، وأمل دنقل، وعبد الوهاب البياتي، ونازك الملائكة… وشعر نزار قباني … وقصص يوسف إدريس ويوسف السباعي ونجيب محفوظ وغيررهم، واستطعت استيعاب الكثيرمن المؤلفات في مجال النقد الأدبي .
أما فترة دراستي الجامعية فهي التي أعطت التوجه قوة ذات علاقة بالتحصيل العلمي والاطلاع العميق وتبلور المشروع الإبداعي عن القصة القصيرة والدراسة النقدية .
وفي ما يتعلق بالعمل في الصحافة وقتها شعرت بأن العمل الصحافي يقيد الكاتب والشاعر. ومنذ ذلك الوقت، تحديداً في النصف الثاني من التسعينيات عملت بالصحافة الأدبية اليومية والأسبوعية… رغم أنها أخذت مني الكثير ولكنها أعطتني الكثير، أيضاً، من دون دخول نطاق الربح والخسارة .
باعتبارك ناقداً متميزاً …كيف يتم الحكم على جودة العمل وكيف يتم تفتيت النص لإظهار جمالياته؟
تحديدا أقول إن/ النقد / العلمي يقوم علي التنظير والتحليل والدراسة وتطبيق أدوات الحداثة وتحديد المستويات الدلالية … إلخ، وهذا لا يعني تفتيت النص فهذا مصطلح قاسٍ، بل هو محاولة للدخول إلى عوالم المبدعين وقوة مواهبهم وقدراتهم الذاتية، وتحقيق تشكيل جمالي يستفيد منة الكاتب والقارئ… كما يستفاد من تعددية المناهج والأساليب التي تزيد من قدرة النقد على التجاوز والتخطي، في ما يتعلق بعلاقة النص بالحياة من جهة، وبقدرة النص الأدبي على التعامل مع الصرامة التي لا بد منها خلال مسيرة التجديد المادي والطارئ واليومي …وهناك مجموعة بالتأكيد من المشاكل والفخاخ في تعامل النقد مع القصة القصيرة والرواية والمسرح، يضيق هذا الحيز عن التعرض لها، فالجهد النقدي نوع من الإبداع المؤذي للنص محل النقد، ويهدف إلى دراسة النصوص ورصدها ودراستها وتحليلها والتنبيه لمناطق الرخاوة الشكلانية والقصور الجمالي والتعامل مع البنية العميقة للنص والقضايا الأخرى ذات الصلة بالموضوع . واعتقد أن الأزمة، بشكل عام، حيث يسود /الانطباع/ وهو شيء غير النقد ..
في إحدى قصائدك التي تحمل عنوان ” بعد النهاية” تقول:
اتبعها من ثقب الأيام
وأروض فيّ القلب علي النسيان
أجمع ذكراها..
أطويها
أشعل فيها النيران
وأصدق
..أحيانا..
أني أنساها
اتبعها من ثقب الأيام
لا أقدر أن أخرج من صمتي
لا أقدر أن أهتف
إني أهواها
لا أقدر إلا أن أبكي..
…حزني …
وعلي حائط خوفي
ارشق مدية..!
هنا أجد الحزن يرفرف على هيكل القصيدة … يمدنا بالحسرة على مافات …. ويصور ألم العاشق وصعوبة نسيانه للحبيبة …….الدموع تُقطر لتنسج لنا حروفا.. القصيدة من عيون الشعر، ولكن هنا أسألك متى كتبتها وكيف التبستك هذه الحالة لتعزف على شغاف القلوب هكذا؟
كتبتها في العام 1985.. بخصوص كيف كانت حالة الكتابة… فإني أتعامل من منطلق أني هاوٍ ولست محترفاً … أكتب حين أتأثر بشيء ويمس قلبي ليخرج منه يحمل التعبير المناسب عما أعاني … ثم يا سيدتي من الممكن أن يتم تأويل هذا النص عن أن الحبيبة هنا هي الانثى /الوطن وليس الأنثى/ الحبيبة… فحالة القهر والضغط النفسي لجيلي الذى رزح ثلاثين عاماً من قتل الأحلام في كل شيء، أصبح غير قادر عن الخروج من حالة الصمت الي حالة التعبير
ما رأيك في أدباء هذا العصر ومن منهم يجد صدى عند الأديب صابر حجازي؟
لم أفهم مصطلح – هذا العصر – هل هذا الوقت ؟ أم آخر 10 سنوات … على العموم لا أحب التقسيم الزمني بين الإنتاج الأدبي للكتاب… على العموم أصبح الإعلام في الفترة الأخيرة الساحر الذي يخرج لنا مواهب تجد سهولة ويسراً في الوصول الي القارئ…
ما رأيك في دور النشر ودورها في تقنين عملية النشر واظهار العمل الجيد؟
تنقسم دور النشر إلى ثلاثة انواع… النوع الأول هو دور النشر الخاصة، أي أن يدفع المؤلف تكاليف الطباعة وتنجز دور النشر الطباعة والحصول على نسبة، إذا اضطلعت بعملية التوزيع.. النوع الثاني هو دور نشر مشهورة لا تنشر الا للمشاهير والمتعاقدين معها، وهي مغلقة عليهم … النوع الثالث دور النشر الحكومية والمتماثلة في وزارة الثقافة، تنشر في سلاسل متنوعة، وهي متوقفة تماما في مصر، حالياً، حسب علمي !!..اذن دور النشر لا تقوم بتقنين عملية النشر بسبب تنوعها.. واختلاف مآرابها وأهدافها … كذلك عامل الجودة يتوقف على أشياء أخرى ليس من بينها دور النشر تلك.
نجد الأسواق تراكمت فيها الكتب- بعض الكُتاب لا نعرف حتى أسماءهم.. ماهي وجهة نظرك في التسرع في النشروطرح الأعمال في الأسواق؟
عملية النشر نفسها هي طموح مشروع لجميع الكتاب.. ولكن التسرع في تحقيق ذلك لا يعطي تميزاً لأحد ولا بطاقة دخول إلي عالم المبدعين… ولكن لأن الأمر أصبح ميسوراً الآن .. فهذا قد يكون من ضمن أسباب التسرع … كنا في زمن فات نجوب المحافظات وقصور وبيوت الثقافة لنمارس شهوة الالقاء لأعمالنا ونسمع الصدى الفوري للمتلقي عن النص .. ويعلم الجميع من صاحب العمل الجيد ومن غير ذلك… وكانت الطباعة أصعب شيء نفكر فيه.. مجرد تفكير !!
ما الذي يُسقط المبدع من وجهة نظر صابر حجازي؟
حينما يخون نفسه ويعبر عكس مشاعرة وأفكاره، والذاكرة الأدبية للمبدع هي مخزونه الفكري والإبداعي. يجب عليه ألا ينظر إلأى الأمور نظرة آنية أو سطحية أو ربحية، كأن يكتب ليبيعه للناس.
ثمن من يعرقل ابداع المرأة المصرية والعربية…. بوسائل كثيرة منها الهجوم على إبداعها والتشكيك فيه والتقليل المتعمد من حجم نجاح المرأة العربية التي أثبتته وعن جدارة…
أؤمن بأن التعبير عن الذات يكون سلوكاً أكثر منه لغة، المرأة عندما تحقق ذاتها في حياتها المهنية والعملية، يكون لها حضور في المشهد العام، تكون قد عبرت عن وعيها بالفعل، ومارست هذا الحق، والتعبير عن الذات وخصوصاً الذات المبدعة هو لأبسط حقوق المرأة، التي أقرها القانون والشرع، لذا فالوعي مرحلة مهمة في انتزاع المرأة لحقوقها وأظن أن من يقوم بالهجوم على إبداع المراة والتشكيك فيه والتقليل من حجمه لأن من مصلحة المجتمع الذكوري أن تبقى المرأة جاهلة .
كيف استطعت أن تكتب الشعر بالعامية المصرية بهذا التميز وأن تكون بهذه القوة في شعر الفصحى وبهذا النضوج في كتابة القصة؟
لا أعرف… ولا إجد اجابة محددة لهذا السؤال؟ ولكن أجد نفسي وبعد الانتهاء من الكتابة أن النص الذي أمامي فصحي أو عامية أو قصة… لا ادرى سبب… ودعيني أقدم شيئا من اعمالي بالعامية وهي بعنوان صابر حجازي يكتب قصيدة بعنوان رثاء صابر حجازي:
حاسس موتي بياكل كبدى
حاسس حالي
بضعف جدا
لما بلاقي حد بيبكي
جنبي
ويطبطب على كتفي
احساس الشفقة دا اللي بيقتلنّي
حتى الأخ اللي مفكرني
عايش خالي وكله تمام
عايش تايه في الأوهام
دا حتي في صحوي بموت ميت مرة
لما بلاقي
إبني يقولي
عارف درس الثانوى بكام ؟
لما بلاقي جحود
من أختي
لما أخوايا يقفل حتى السكة في وشي
وألقى غريب يعطف على حالي
بلاقني لوحدى
وفـ صحرا خمسين سنة داخله بتجري علياّ
كنت زمان عايش وفي حالي
مالك أمري
كل الدنيا دهيه في كفّي
ولا حد يجرحني
كنت أمير .. وف نفسي حاسس
إن الكل في طوع لأوامري
وبيتمنو رضايا وكرمي
عاوزين بس في يوم نلقاك
حدد لينا ميعاد وياك
إحنا تلامذة ليك يا معلم
لكن الكل اتغير فجأة
لما الفيرس جاه وهاجمنيّ
و طحالي بقا أضخم منيّ
والمرئ اتملا بدوالي
السكر بقا يجرى في دمي
كله اتغير
لما المولد فجأة انفض
وادي يا سيدنا
كل معارفي بيهربوا مني
اقعد وحدى في بيتي مريض
ازعق حبه
اضحك حبه
اصرخ حبه
اتكلم حبه
وحبه ..في حبه
أتاري الموت بيقرب منيّ
وبمناسبة القصة…هذة قصة قصيرة جدا بعنوان “الطلقة”:
جحظت عينانا ، تداخلت الاحاسيس ، لم أتوقع ان يوجد أحد هنا ، رحل الجميع، جسده ملقى على الأرض، شاهراً فوهة بندقيته باتجاهي، اتخذت شكل الاستعداد مصوب فوهة بندقيتى في إتجاه بندقيته، ملامحنا مختلفة ، سلاحنا مختلف عنا سوياً ، والموت متوحد المعنى، إنسان أنا وهو الأخر إنسان، والحرب لا تعرف ذلك،
لحظات …
واندفعت ترفع حرارة مأسورة البندقية.. دوت
محطمة اللحظة
كلمة من شاعرنا وأديبنا العربي صابر حجازي للأقلام التي تبحث عن فتيل شمعة للخروج من نفق التعتيم على حروفهم؟
أقول لكل صاحب موهبة إن الأدب لا يشتري ولا يباع. الإبداع الحقيقي هو الباقي بعد رحيل صاحبة، ثم الانتاج الادبي الذي لا يخاطب الناس غير جدير بحفظه في الذاكرة ولن يستقر الإبداع الذى يدور عن الذات فقط، أو في العاطفة فقط، مثلما يستقر الأدب الذى يحض على التمرد والثورة على العبودية والذل والقهر والهوان. الناس يحتفون بالحق والخير والجمال في الإطار الإنساني.
الأديب والشاعر والناقد صابر حجازي… هل من كلمة أخيرة؟
نعم … لقد استمتعت بهذا الحوار وأهمس في أذنك أن هذا أول حوار لي علي الشبكة العنكبوتيه أكون أنا ضيف فية… فأنا لدى سلسلة حوارات مع أدباء من الوطن العربي منشورة على الإنترنت في حلقات، أنا المحاور فيها، وهذه أول مرة أكون الضيف…وضيف من؟؟ الاستاذة ميمي قدري التي هي أديبة وشاعرة مصرية عربية، عضوة اتحاد كتاب مصر، والكثير من النوادي والاتحادات الأخرى، وحاصلة على جوائز في الشعر والقصة، ولها إصدارات أدبية متنوعة، وأرجو ان اكون في مستوى تلك القامة الأدبية التي أسميها سفيرة الإبداع المصرى للعالم.
نشكرك استاذ صابر حجازى على سعة صدرك وتميزك في الاجابات ….
وللحق أقول، لقد كبلني الصمت واغرقتني في بحر من الدهشة ….. كان ليّ الشرف أن أحاورك وأغوص في قرار ابداعك وجمال شخصك الكريم، أجريت حوارات كثيرة لم أتمتع كما تمتعت وأنا استمع لاجاباتك … هل تقبل مني أن أقف لك احتراما واجلالا وأن يقف لك كل انسان شريف يعلم قيمة الحرف الجيد وقيمة الإنسانية.
وأختم هنا بقصيدة للمبدع صابر حجازي في عنوان “الخروج من قلبي”، يقول فيها:
محتال خداع
من قال بأن الانسان ألجاسر
لا يعرف اخضاع
محتال خداع
من قال بان الصبح الكاسر
لا يعرف اخضاع
فالحق
الحق يعانق صوت الباطل
يرقص
فوق آسي اوتار الكذب
يضجع
جسم حقيقة حرف غادر
محتال خداع
من قال بان القاتل
يقتل
دون دفاع
قتلوك يا (يوسف)
آه..لو نظروا مرة في الجب
لراؤك حزينا ملتاع
………لله درك سيدي وأستاذي …..تمتعنا معك وبك………
******
(*) ميمي قدري، شاعرة وقاصة وروائية وتكتب المقال الاجتماعي والسياسي، مصرية ولدت بمدينة المنصورة 25 سبتمبر، حصلت على بكالوريوس هندسة ألات زراعية جامعة المنصورة، تعمل بمركز مرموق. بدأت حياتها الأدبية بكتابة نصوص نثرية وخواطر أدبية. تنشر في أكثر المواقع المتخصصة ولها صفحات متعددة عالشبكة. تنشر في الصحف الورقية مثل: “البينة” العراقية، “الدرب الورقية” الأردنية، “العراق اليوم”، وأجرت لقاءات وأحاديث صحافية عدة…