افتتحت لجنة تكريم الأمير فيصل أرسلان متحف الأمير فيصل مجيد أرسلان في دارته في عاليه ضهر الوحش.
تتألف لجنة التكريم من الرئيس حسين الحسيني، السيدة منى الهراوي، الدكتور بهيج طبارة، السيدة ليلى الصلح حماده، الأستاذ سامي يونس، الأستاذ جاك جوخدريان، الدكتور بيار دكاش.
عبدالحميد الأحدب
في المناسبة ألقى الدكتور عبدالحميد الأحدب كلمة جاء فيها: “قرار الاميرة حياة ارسلان بتحويل قصر زوجها الامير فيصل ارسلان الذي كان قصر الامير مجيد الى متحف فيه كل الذكريات الارسلانية، ليصير صرحاً تمر القطارات من قربه وتمر الحضارات من تحته وتمر الزلازل من حوله، ويبقى صرحاً للتاريخ يتأمله الناس ويتعلمون منه ويتذكرون عبره!
هذا القصر العظيم بناه الأمير توفيق والد الأمير مجيد ارسلان.
فالسياسة الارسلانية يصح فيها القول: “شاخ الزمان وانت بعد شباب”
هذا المتحف هو آخر آخر الاشياء الجميلة في حياتنا!
هو آخر قصيدة قبل ان ندخل في الامية..
وآخر حبة قمح قبل ان ندخل في زمن اليباس
وآخر قمر قبل ان تهاجمنا العتمة.
لقد ابى المير مجيد ومن بعده فيصل ان يكون لبنان هو الوطن المنكس الاعلام والغارق في مستنقع الكلام والحافي على سطح الكبريت.. رفض ان يكون لبنان منقولاً في سيارة اسعاف ورفض وضعه في ثلاجة، عملا وحاربا من اجل ان يكون لبنان بلد اشعاع ونور وحرية وثقافة وتسامح، لهذا كان هذا المتحف العظيم.
فإذا كانت فلورنسا تفخر بمكالينجلو وفنسيا تفخر بزجاجها الملّون
والقدس تفخر بعدد انبيائها وقديسها
والبصرة تفخر بأنها ارض شجر النخيل
فإن العرب يفخرون بالامير شكيب ارسلان
هذا المتحف هو شاهد على ان للسياسة المتحضرة روعتها الوطنية التي اختارها المير مجيد ومن بعده فيصل،
هناك انظمة سياسية فيها الهمس الوطني التي هي أقرب للصلاة كما سياسة المير مجيد ومن بعده فيصل وانظمة فيها الصراخ والقتل والاغتيال وهي التي حاربها المير مجيد وبعده فيصل.
لقد نجح المير مجيد ومن بعده فيصل في تمزيق كل الفرمانات العثمانية ثم الفلسطينية وثم البعثية لتبقى الفرمانات اللبنانية وحدها محلّقة في سماء لبنان.
لقد عرف المير مجيد وفيصل بعده كيف يحررا السياسة من رجس الشتيمة ليجعلا منها اداة عبادة لا مطرقة حدادة، وعرفت السياسة على يديهما معنى التسامح والغفران. هذا المتحف هو الشاهد على ذلك.
يسمى الدروز “بني معروف” لأنهم أصحاب المعرفة والخير والصبر، و”للمعروف” أهمية كبيرة عندهم فهم يحرصون جيداً على سلوكهم وعلى صنعه، ويذكرون بالخير صانعيه معهم. وطالما كانت سياسة الدروز هي سياسة التسامح مع بقية المذاهب والأديان.
خلال فترات الإضطهاد ولد الموحدون كوردة بيضاء جميلة في صحارى الملح والعطش فقد تعرضوا لإضطهاد الخليفة علي الظاهر في بلاد الشام (412 هـ) ثم تلاها حملة جديدة من التنكيل على يد نصر بن صالح المرداسي بمساعدة البيزنطيين في منطقة حلب (سنة 1032 م) وهو ما عرف بمحنة انطاكية. وكانوا دائماً فرساناً في الدفاع عن الأرض العربية في مواجهة الحملات الصليبية، وكان الأمير جمال الدين حجي الأول الإرسلاني هو أحد قادة حملات صلاح الدين الأيوبي ثم تصدوا للمغول حين انقضوا على الشام وجابههم الموحدون بالإستبسال، وظل الموحدون يدافعون عن أنفسهم وقيمهم الإسلامية في ظل حكم المماليك ثم حكم العثمانيين.
مثّل الموحّدون “الدروز” إضافة الى طبيعة مذهبهم ومسلكهم التوحيدي، دوراً جهادياً دفاعاً عن الأمة العربية الإسلامية، في مواجهتهم الفرنجة والحملات الصليبية والإحتلالات المتعاقبة، كما تميّزوا الى جانب الشجاعة والصبر والثبات “بالمحافظة على عاداتهم العربية الأصلية وأخلاقهم الكريمة. فالصدق والشرف والأمانة والكرم والمروءة والحشمة، كلها خصال شريفة يربّى عليها الموحّد منذ صغره، ويعيشها في مجتمعه”.
لقد قال شيخ الأزهر الأكبر محمد شلتوت عنهم:
“الموحّدون “الدروز” مذهب خاص من المذاهب الإسلامية المتعددة، وهو كجميع المذاهب الأخرى وليد اجتهادات فقهية وفلسفية في أصول الإسلام. والمتتبّع لتاريخ مذهب الموحدين يرى أنه يُمثّل مدرسة فكرية خاصة من مدارس الفكر الإسلامي”.
وقال المؤرخ فيليب حتي:
“في هذا الوطن الجبلي، إكتسب “الدروز”، على مر الأجيال، تلك الصفات والمميزات التي عُرفوا بها في جميع مراحل تاريخهم: ولاء صادق للجماعة، تضامن جماعي قوي، حب شديد للحرية والإستقلال، وصبر على تحمل المكاره والشدائد”.
فلينعم تاريخ لبنان بهذا الصرح العظيم وليكن ويبقى تذكيراً للقيم العظيمة التي قام عليها دين التوحيد وهي التسامح والصبر والشجاعة والثبات والخلق الكريم والصدق والشرف والمروءة.
هذا القصر سيحج اليه اللبنانيون لإحياء القيم الطاهرة التي قام عليها لبنان وليطردوا الإنتهازية والخبث واللؤم والخيانة من ديارهم.
الف تحية لذكرى الأمير فيصل والأمير مجيد والف تحية للأميرة حياة ارسلان”.
الأميرة مدى
ألقت الأميرة مدى كلمة جاء فيها: “والدي فيصل نخلد ذكراك بيوم مميز في تاريخ لبنان لنقول
“وللتاريخ لغة تحكيها إنجازات وأدوار يلعبها الأبطال”
إنه يوما مميزا في تاريخ جبل لبنان لنقول
“شموخ هذا الجبل عمد بتضحيات أبطاله”
إنه يوما مميزا في تاريخ طائفة الموحدين الدروز لنقول
“يحملون شرف تأسيس كيان لبنان وتمدده الجغرافي وسيبقى الأرسلانيون روادا في هذا المضمار”
إنه يوما مميزا للوفاء لفيصل ولقيم فيصل ولصبره على ظلم السياسة لنردد مقولته
“إن كل ما صنع في لبنان وبأياد اللبنانيين إنما هو ملك لبنان وحده كائنا من كان صانعه أو محققه” وها هو ملكك يتحول اليوم ملكا للبنان واللبنانيين
والدي لن يغيب اسمك عن التداول الراقي بعد اليوم كنت تحيا أبدا في قلوبنا…. أما منذ اليوم وصاعدا سوف تحيا في تاريخ عائلتك المضيء وفي ذاكرة لبنان الوطنية.
هنيئاً لك يا والدي
نعلن هذا القصر “متحف الأمير فيصل مجيد أرسلان“
عشتم وعاش لبنان