افتتح وزير الشؤون الاجتماعة رشيد درباس ممثلا رئيس الحكومة تمام سلام المؤتمر السنوي لجامعة الحكمة وعنوانه “النازحون السوريون ومستقبل لبنان: التداعيات والتحديات”، الذي عقد في حرم الجامعة في فرن الشباك، حضره رئيس اساقفة بيروت ولي الحكمة المطران بولس مطر ممثلا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي وعدد من الشخصيات السياسية والحزبية والعسكرية والقضائية والاجتماعية والأكاديمية.
استهل المؤتمر بكلمة تعريف ليارا عيسى، ثم عرض الدكتور زياد منصور لدراسات أجراها مركز الأبحاث في الجامعة حول أوضاع النازحين السوريين في لبنان.
سعد
ثم عرض منسق اعمال المؤتمر الأمين العام للجامعة الدكتور أنطوان سعد أهداف معالجة موضوع النازحين السوريين في الجامعة”، وقال: “لو لم يكن مستقبل لبنان جزءا أساسيا من عنوان هذا المؤتمر وهما من اهتمامات الحكمة، لما كان لمؤتمرنا اليوم جدته وجديته وأسبابه الموجبة، ذلك لأن موضوع النزوح السوري الى لبنان، بمآسيه وتداعياته على الوطن والدولة والمجتمع، قد أسال من الحبر في لبنان قدر ما يسال من الدماء في سوريا، فملأ الصفحات وأثار التعليقات واستدعى عقد اللقاءات، في الداخل والخارج، حتى بات مجرد مقاربته مجددا تكرارا غير مبرر الا لمن يهوى الإطلاع على آخر المعطيات والأرقام التي مع ارتفاعها الدائم، ترتفع نسبة القلق الوطني والذعر حتى مشارف الضياع”.
أضاف: “إذا كانت جامعتنا من خلال مركز أبحاثها قد ساهمت بدورها في إعداد دراسات وإحصاءات ترفد الموضوع بمعطيات وأرقام مفيدة لأصحاب القرار، إلا أنها، ومن خلال مؤتمرها اليوم، مزمعة على قراءة هذه الوقائع وما وراءها مع المسؤولين والمختصين، بصراحة تفرضها العلمية والموضوعية بل الخطورة القومية التي أصابت كل مفاصل الوطن حتى بلغت حدا مفصليا يتعلق بوجود لبنان أو استبداله بآخر، فإن مستقبل لبنان الذي يتقدم كل قضية ليس مستقبل المسيحيين دون المسلمين أو العكس، إنما هو مستقبل الصيغة التي صنعوها معا ووطدت أركانها في نفوسهم قناعات وتجارب غنية، بنجاحاتها والخيبات، وكان للحكمة التي نحتفل بعيدها الأربعين بعد المئة، دور في نشوئها وارتقائها، وها أهل الحكمة – وكلنا منهم – يؤكدون معا في خضم ما يجري إيمانهم بمعنى لبنان وتشبثهم بفرادته، آملين وعاملين كي يبقى لهذا المعنى مبناه الحصين وللبنان الدور داره والمنارة التي يشع منها على الحضارة والتاريخ”.
مبارك
ثم ألقى رئيس الجامعة المنظِّمة للمؤتمر المونسنيور كميل مبارك كلمة جاء فيها: “نأينا بأنفسنا فلم ينأوا بأنفسهم، استقبلناهم نحن الذين عانينا من وجودهم حين كانوا عسكرا ودولة. أسكناهم قرى كانوا قد احتلوها وبيوتا كانوا قد دمروها، وما ذلك إلا إنطلاقا من الحس المشترك بين أبناء الناس، الحس المشترك أحد أعمدة بنيان الدولة الى جانب الجغرافيا والتاريخ والمؤسسات والقوانين. وقد حدد الإنجيل المقدس الحس المشترك بكلمتين: “افرحوا مع الفرحين واحزنوا مع الحزانى”. لقد غلبنا الحس المشترك على العداوة، فاستقبلناهم واطعمناهم وسقيناهم وآويناهم”.
وقال: “نتعامل بإنسانية ونعرف أن وطنا لا يحميه سلاحه يستباح ساحه. وأن الوطنية شعور ينمو ويزداد كلما كبرت هموم الوطن، والنزوح واحد منها. بل إن المسألة، أيها السادة، باتت أكثر من إنسانية. لم تعد المشكلة عندهم فحسب، بل انطلقت إلى عندنا ودخلت المجالات الكيانية للمجتمع اللبناني والدولة اللبنانية. دخل النزوح الحياة السياسية فانقسم، أكاد أقول، الرأي في لبنان الى رأيين ولكنني متيقن انه منقسم. لقد دخلوا الأمن والاقتصاد والتربية والصحة، كما عرضنا لكم في التقرير”.
وختم: “باختصار الكلام لقد بات هذا النزوح مشكلة ننوء تحتها ولن ننأى بأنفسنا عنها. مشكلة تستدعي حلا قبل تناميها في الجسم اللبناني، فيصعب بل يستحيل استئصالها وهذا أحد أدوار الجامعات والمؤسسات التربوية للمساعدة على إيجاد الحلول والعلاجات الممكنة، بعد تشخيص العلة تشخيصا مجردا بعيدا عن الانحرافات الميولية والانجرافات السياسية التي لا نعرف أين تصب وربما لا نعرف من أين تنبع. وما اجتماعكم اليوم إلا محاولة علمية، نأمل لها النجاح”
درباس
ثم ألقى الوزير درباس كلمة الرئيس سلام، قال فيها: “رأس الحكمة مخافة الله”، وقلب الحكمة التوقع، وعقلها ابتكار العلاج لدرء الخطر قبل وقوعه، ويدها معالجة الخطر وقد خانك التوقع. إنني باسم رئيس مجلس الوزراء أحيي المونسنيور مبارك على هذه الدعوة التي تتصف بالمسؤولية الوطنية حيال أخطر قضية مرت وتمر في لبنان، إنها قضية النازحين السوريين وتأثيرهم على مستقبل البلد”..
اضاف: “من اطلاعنا على برنامج هذا المؤتمر، نجد أن المحاور التي تتقسم عليها ساعاته ودقائقه، قد جرى اختيارها بطريقة عملية وذكية، وهذا ما يتسق مع صفات معالي الوزير سليم الصايغ، الرجل الذي يجمع بين الأستاذية والميدنة أي بين عمق التفكير والفعل الخبير. وهذا يوجب القول إن المؤتمر بدعاته ومكانه ومحاوره ومتحاوريه، هو بداية لإطلاق ورشة وطنية تتحمل فيها القوى والفاعليات والأحزاب والجامعات والمؤسسات المسؤوليات التي لا ينفع حيالها التجاهل، فلقد تجاهلنا طوال ثلاث سنوات حتى أصبح الورم مهددا للحياة، وتغاضينا حتى دخل الطوفان إلى البيوت، وما زلنا حتى الآن نتناقش حول جنس الملائكة وجنس الخيم، في حين أن لبنان قد امتلأ بالمخيمات العشوائية التي أصبح عددها 1700 مخيم لا رقابة للدولة عليها أمنيا وصحيا واجتماعيا وتربويا”.
وتابع: “أيها المؤتمرون، لم تنظر الحكومة مرة إلى النازحين السوريين إلا كإخوة اقتلعتهم المجزرة المتمادية من ديارهم وحقولهم ودساكرهم، وما كانوا ليأتوا طوعا أو رغبة، وإنما شراسة الحرب الأهلية التي عانينا بعضا منها اندلعت في البلد الأقرب ففاض علينا قذاها، وشوش البصر والبصيرة، وعبث بالديموغرافيا وبلبل التربية، وأزَّ في البيئة أزا، واستهلك بنانا التحتية وجعل من اقتصادنا مريضا لا تأتيه العناية الفائقة، وأضعف حدودنا البرية، وجعل نسبة غير اللبنانيين القاطنين معنا نصف عدد الشعب اللبناني. وهذا أمر غير مسبوق في العالم وفي التاريخ، فتصدينا لها ورسمنا سياسة للحكومة أقرت بإجماع الوزراء. ونحن الآن بصدد تطوير هذه السياسة مستفيدين من تمثلنا لأصناف هذه الوليمة الفكرية الدسمة”.
وقال: “إنني باسم رئيس الحكومة أحيي الحكمة وأخاطب المؤتمرين والشعب اللبناني والاخوة العرب والأمم المتحدة وأصدقاءنا في العالم فأقول: إلى متى يستطيع هذا الظهر الذي أصابته الهشاشة تحمل هذا العبء. نحن لسنا مستودعا لمهجري الحروب. فالمستودعات للبضائع وليست للانسان، ونحن لا نزدري الأهل ان ابتلتهم المحن، فما ضاق بإبن الجار جيران كما يقول سعيد عقل ولكن المركب ناء بحمولة لا يتوقعها حتى شارف الغرق”.
اضاف: “نحن شركاء العرب في هذه المحنة وشركاء العالم أيضا، بل نحن نمتص عنهم أخطار هذا التشريد الذي يترك آثاره في بنية الأرض والنفوس، فلا أقل مع هذا الدور الذي فرض علينا كرها من أن نجد المؤازرة اللازمة أولا من إخوتنا العرب الذين يبذلون منحهم بوساطة المنظمات الدولية والمؤسسات غير الحكومية، عليهم أن يعلموا أن الحفاظ على لون البشرة وملامح الوجه وبريق العيون واستقامة اللسان هي مسؤولية قومية. فلن تقوم المنظمات الدولية عنكم بهذه المهمة وإلا فإن استجابتنا لهذه الأزمة منفردين يكون من غير جدوى بل تصبح عالة عليها وعلينا. كما أن على دول العالم التي تبدي تعاطفها معنا وتظهر الرغبة في استقبال أعداد من الاخوة السوريين الموجودين عندنا، الانتباه الى ان أعداد الذين استقبلتهم قد يوازي موسم سنة من الولادات. ونلفت إلى أن لبنان عندما أوقف قبول النازحين كانت التخمة قد بلغت مداها فيما لم يتخم البحر المتوسط بعد من جثث الغرقى الذين يحاولون اللجوء إلى أوروبا”..
وختم:”كما بدأت بالحكمة أنهي كلامي بها. واقول ان لبنان معادلة عبقرية بين التاريخ والجغرافيا، وهو تراسل الثلج مع الزبد المالح، وخلطة التين والزيتون، والتفاح والليمون وملتقى النهرين والدينين والمذهبين، فهل من الحكمة ان نعبث بهذه العناصر؟”
الجلسة الاولى
وتركزت الجلسة الأولى على النزوح السوري في واقعه وتداعياته، وأدارها عميد كلية الحقوق الدكتور مارون بستاني، مشيرا الى “اهمية تحديد الاطار القانوني للنازحين السوريين وتحديد مسؤولية المجتمع الدولي وواجبات الدولة المضيفة والدولة المصدر”.
وألقى بهيج عربيد ممثلا وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور مداخلة عن “الآثار الصحية والاجتماعية والبيئية”، اعتبر فيها ان “اكثر ما يقلقنا في موضوع النازحين السوريين، التطور الديموغرافي والفقر وتطوره في لبنان وعامل الوقت بحيث نشهد تزايدا لعدد النازحين في مقابل تدني الموارد اي تضخم في الطلب وضعف في الموارد”، مشيرا الى “موضوع الولادات حيث نشهد عشرات آلاف الولادات مكتومي القيد”.
وتناول عميد كلية العلوم الادارية والمالية في الجامعة الدكتور روك أنطوان مهنا موضوع “التداعيات الاقتصادية لواقع النزوح”، لافتا الى “اننا تخطينا ال35 في المئة من نسبة البطالة بين الشباب، و38 في المئة من خريجي الجامعات”، مؤكدا ان “الحل ليس فقط اقليميا ودوليا بل 60 في المئة منه يأتي ضمن هامش الاصلاح الداخلي”.
وتحدثت رئيسة مصلحة الشؤون الثقافية في وزارة التربية والتعليم العالي صونيا الخوري باسم المدير العام للوزارة الدكتور فادي يرق عن “النزوح واثاره على التربية”، مشيرة الى “التفاوت في البرامج التربوية بين لبنان وسوريا”، لافتة الى ان “هناك 44 ألف تلميذ سوري من أصل 178 ألف تلميذ يداوم في المدارس الرسمية قبل الظهر، اما المدارس التي افتتحنا أبوابها امام التلامذة قبل الظهر، فلا تتحمل أعباءها الدولة اللبنانية بل المنظمات المانحة”.
الجلسة الثانية
وترأس الجلسة الثانية الوزير السابق سليم الصايغ الذي رحب بالوزير درباس ودعا الى “التوفيق بين سيادة الوطن والإنسانية”، وقال: “منذ كنت وزيرا للشؤون الاجتماعية حذرت من تفاقم موضوع النازحين السوريين وطلبت من الدولة اللبنانية اتخاذ التدابير اللازمة لمعالجة هذا الموضوع الذي يجب ان يكون من أولوياتنا وإشراك المنظمات الدولية فيه، فقد بات حجم النازحين السوريين في لبنان كبيرا جدا، علما ان الحكومة التي حلت مكان حكومة التي كنت عضوا فيها اعتمدت سياسة النأي بالنفس”.
درباس
ثم طرح الوزير درباس في مداخلته، التي حملت عنوان “خطة لبنان للإستجابة للأزمة” سؤالا عن تحميل وزارة الشؤون الاجتماعية مسؤولية مشكلة النازحين، وقال: “أمر النازحين تفاقم ولم نتنبه أن المسألة تخطت حالة الشؤون الاجتماعية وبقي الأمر بين شد وجزم الى أن توليت انا هذه الوزارة. المسألة ليست مسألة خوف من كلمة لاجئين بل ان المسألة هي مسألة سياسيات لا ألفاظ وتعريفات. وإذا كانت هناك سياسات، فنحن على استعداد ان نتعامل مع هذه القضية مهما كان عنوانها،أما إذا لم تكن لدينا سياسيات، فاللجوء الى التمويه وسط الألفاظ هو نوع من الإحتيال على الذات. إن مسألة مخيمات النازحين هي مسألة خلافية وهي تمت بالصلة الحميمة الى الإختلاف حول لفظة نازح او لاجئ. برأيي اذا أنشأنا مخيمات لهم فإننا نكون بذلك خففنا نسبة 50 في المئة من المشكلة.”
وجدد الوزير درباس ثقته بمؤتمر جامعة الحكمة حول قضية النازحين، وقال: “سبقني منظمو هذا المؤتمر على ما كنت أسعى اليه، لأن المسألة لم يعد يجوز ان تبقى المناقشات حولها ضمن الحلقات الضيقة، وخصوصا ان نصف عدد المقيمين في لبنان هو من غير اللبنانيين”.
واعتبر ان “دولتنا ليست فاشلة لكنها عاجزة عن القيام بما هو مطلوب منها”. وأكد ان “من الضروري أن يخصص للبنان مبلغ مليارين ومئة مليون دولار لعامي 2015 و2016، يذهب منها 37 في المئة لدعم الإستقرار اللبناني الإقتصادي والإجتماعي والبيئي، ولينفق الباقي على الأمور الإنسانية لمليوني ومئة الف شخص يعيشون على الأرض اللبنانية، منهم مليون لبناني من العائلات الأكثر فقرا”.
ورأى انها “خطة جيدة جدا قد تحرك الإقتصاد اللبناني وتنشطه”، ودعا الدولة اللبنانية الى “تغيير تعاملها مع الأمم المتحدة والدول المانحة، لنقول ان هذا التفاقم في حجم المأساة والخطر الذي يهدد لبنان لا يحتمل الدوران الروتيني في الأروقة الدولية والعالمية وفي ما يدور في فكرهم فنقول لهم ذلك في صراحة كلية”.
وختم: “اذا كنا شركاء للعرب وللعالم فعليهم ان يدفعوا حصتهم لهذه الشراكة، نحن نضع مصيرنا في أيدي هذه الشراكة.اذا كان ذلك كذلك علينا ان نبدأ بالمطالبة بصورة جماعية او فردية وعلينا ان نذهب الى كل دولة لتعرف ما هو سبب التأخر في التزاماتها تجاه هذه القضية الكبيرة”.
ثم عرضت مفوضة شؤون اللاجئين نينت كيلي ل”دور الجهات المانحة والمجتمع الدولي في قضية النازحين”، وشرح اليكسي لوبري ممثلا سفيرة الاتحاد الاوروبي انجيلينا ايخهورست “دور الإتحاد في هذا الموضوع”.
الجلسة الثالثة
اما الجلسة الثالثة فكانت بعنوان “النزوح وتحديلات المستقبل” وأدارها السفير السابق عبدالله بو حبيب.
وتحدث الدكتور خليل جبارة ممثلا وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق عن “الأخطار على السلم الأهلي والامن القومي”، فقال: “شرفني معالي وزير الداخلية والبلديات، نهاد المشنوق، تمثيله في هذا اللقاء المهم الذي تنظمه جامعة الحكمة بعنوان “النازحون السوريون ومستقبل لبنان” وطلب مني معالي وزير الداخلية نقل تحياته إلى المنظمين والقيمين على هذا اللقاء وإلى جميع الحضور. وطلب معاليه ايضا شرح آلية عمل وزارة الداخلية والخطوات التي اتخذتها الأجهزة والمديريات التابعة لوزارة الداخلية منذ تشكيل الحكومة الحالية في شهر شباط من العام المنصرم”.
اضاف: “لسنا نبالغ عندما نقول ان أزمة النازحين السوريين في لبنان هي أزمة وطنية بامتياز، ليس فقط بسبب إزدياد أعداد السوريين في لبنان عموما على مدار الأعوام الماضية، والمسجلين لدى منظمة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين خصوصا. إنها أزمة وطنية لأن لبنان هو من البلدان القلائل في العالم أو البلد الوحيد الذي شهد زيادة 30 في المئة بعدد المقيمين على أرضه خلال فترة ثلاثة اعوام فقط. ويحتل لبنان اليوم المرتبة الأولى في العالم لناحية معدل النازحين على المواطنين اللبنانيين. ولهذه الأرقام تأثيرات عديدة ومتفرعة على مجمل القطاعات الإقتصادية مثل البنية التحتية والتعليم والصحة. زاد هذا الإرتفاع في عدد السكان وفي فترة زمنية قصيرة جدا من مهمات وأعباء الأجهزة الأمنية والعسكرية المولجة حفظ الأمن والسلم وتنظيم إقامة الأجانب على الأراضي اللبنانية، كما وأنه زاد من الأعباء على البلديات وعلى الشرطة البلدية.
وفي هذا الإطار، يجب اضافة الى ارقام النازحين السوريين المسجلين لدى مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين ارقام الفلسطينيين الذين نزحوا من سوريا بالاضافة الى ارقام اللبنانيين الذين كانوا يقيمون فيها.
من المؤكد انه تم عرض اليوم أرقام تعكس تداعيات النزوح السوري على القطاعات الاقتصادية اللبنانية مثل الزيادة في معدلات الفقر أو البطالة أو زيادة في اليد العاملة الموجودة في لبنان”.
وتابع: “للأسف، اصبح اللبنانيون والنازحون السوريون شركاء في الحرمان. فاكثر من 80 في المئة من النازحين يقيمون في 242 بلدة او قرية تصنف على انها قرى فقيرة. يقيم 18 في المئة من النازحين السوريين في نحو 1700 مخيم عشوائي منتشرين في جميع المناطق اللبنانية وبالأخص في محافظات البقاع وبعلبك-الهرمل والشمال وعكار. ويقيم أيضا 40 في المئة من النازحين في أبنية غير منجزة وفي مواقف للسيارات وفي محال تجارية”.
وقال: “اذا ركزنا على التداعيات الامنية فيمكن الاستنتاج من ارقام القوى الأمن الداخلي أنه بلغ عدد الحالات التي تم فيها توقيف سوريين وفلسطينيين من سوريا بجنح وجنايات مختلفة 4251 حالة، وفي إطار حوادث متفرقة شملت سوريين (قاموا بها او كانوا ضحيتها) ما بين 1 كانون الثاني 2014 ونهاية كانون الأول 2014. بينما تم تسجيل 1060 حادثة قام بها/طالت سوريين أو فلسطينيين سوريين في لبنان، خلال الفترة الممتدة بين شهري كانون الثاني 2015 وآذار 2015. ويشكل مجموع الحوادث لهذه الأشهر ما نسبته 25 في المئة من إجمالي الحوادث التي تم تسجيلها على مدار العام 2014. إذا ألقينا نظرة على واقع السجون في لبنان، نستنتج ان 27 في المئة من الموقوفين والمحكومين في السجون اللبنانية هم من الجنسية السورية. منذ بداية الأزمة السورية عام 2011 وحتى اليوم، فاق عدد الولادات السورية 50 ألف ولادة. تعكس هذه الأرقام بشكل سريع تداعيات أزمة النازحين السوريين وليس التداعيات الأمنية والعسكرية للازمة السورية على لبنان عموما وعلى المناطق الحدودية خصوصا. مع التركيز على ان أزمة النازحين هي نتيجة مباشرة للازمة السورية”.
واردف: “معدلات الجريمة في لبنان – بالرغم من الوجود السوري – لا تزال اقل من المعدلات العالمية، وهذا مرده الى حسن الضيافة اللبنانية والوضع الأمني الممسوك بسبب التنسيق الفاعل بين الأجهزة الأمنية اللبنانية.
منذ تشكيل الحكومة الحالية، قامت الحكومة الحالية من خلال عمل اللجنة الوزارية المعنية بمعالجة تداعيات الأزمة السورية باتخاذ خطوات تساعد على التخفيف من تداعيات ازمة النازحين السوريين على لبنان من خلال إصدار عدة قرارات وزارية وخصوصاً “ورقة سياسة النزوح السوري إلى لبنان” التي ركزت على وقف النزوح والسماح فقط بحالات استثنائية بعد موافقة معلي وزير الشؤون الاجتماعية ومعالي وزير الداخلية. وقد وافق مجلس الوزراء أيضا على خطة لبنان للاستجابة لعامي 2015-2016.
قامت وزارة الداخلية والباديات بإتخاذ خطوات تنظيمية عديدة متعلقة بأزمة النازحين السوريين”.
وقال: “في شهر أيار من العام الماضي، منع وزير الداخلية والبلديات النازحين السوريين من القيام بأي نشاطات أو لقاءات سياسية علنية. وفي بداية شهر حزيران من العام الماضي، إتخذ معالي وزير الداخلية قرارا يمنع أي نازح سوري مسجل لدى ال unhcr، من التنقل بين لبنان وسوريا وتم إرسال أسماء هؤلاء السوريين الذين يتنقلون باستمرار بين لبنان وسوريا إلى ال unhcr، ليتم شطبهم من قائمة النازحين”.
اضاف: “إن التعاون الحكومي والتنسيق الدائم بين الوزارات المعنية بأزمة النازحين السوريين أنتج خطوات متقدمة تساعد على معالجة تداعيات هذه الأزمة. فالمعايير الحدودية وخطة لبنان للاستجابة لأزمة النازحين وورقة العمل الصادرة عن الحكومة، بالإضافة إلى حصول وزارة الشؤون الاجتماعية على قائمة معلومات عن النازحين هي خطوات عملية تساعد على معالجة تداعيات هذه الأزمة بعدما كان هناك في السابق ما يشبه الخصخصة لهذا الموضوع لمصلحة المنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني.
وفي الختام، يبقى التحدي الأساسي الذي نواجهه جميعا هو كيف يمكن التخفيف من التحديات الاقتصادية والإجتماعية لأزمة النازحين السوريين في لبنان والعمل على منع أن تصبح لهذه التحديات مخاطر أمنية وسياسية”.
وتابع: “ان مخاوف المواطنين اللبنانيين من الانعكاسات الأمنية هي مخاوف محقة ومشروعة. ولكن في هذا الإطار، من المهم عدم الخلط بين تداعيات وجود إعداد كبيرة من السوريين على الاراضي اللبنانية- وهذا ما تناولناه- وبين التحديات الأمنية والعسكرية والاقتصادية للازمة السورية وللحرب الدائرة في سوريا منذ العام 2011 وتداعياتها على لبنان بكل عام والمناطق الحدودية بشكل خاص.
ونحن نعمل مع الوزارات المعنية وخصوصا وزارة الشؤون الاجتماعية بهدف تأمين مشاريع تنموية وبنى تحتية للمجتمعات والبلديات المضيفة للنازحين السوريين من أجل تخفيف الأعباء على هذه القرى المضيفة لهم.”
شمس الدين
ثم تحدث الوزير السابق ابراهيم شمس الدين عن “تحديات الديموغرافيا والكيان”، معتبرا ان “المشكلة ليست في النزوح السوري انما تكمن في ان لا دولة عندنا”، ومؤكدا ان “هذه المشكلة فضيحة كبرى”. ولفت الى ان “لبنان وطن نهائي وليس قاعة انتظار او ملجأ لجماعات خائفة”، مميزا في مداخلته “بين الكيان والوطن”.
كيوان
اما الدكتورة فاديا كيوان فتساءلت في مداخلتها عما “اذا كان النزوح الموقت سيصبح لجوءا دائما؟”، معتبرة ان “الدخول العشوائي للسوريين جعل من الصعب إدارة أمورهم على مستويات كافة”، ومشددة على “ضرورة ان يكون اللبنانيون لبنانيين وان يكونوا شفافين وذوي رؤية واحدة موحدة في موضوع النازحين”.
*****
(*) الصور من elnashra.com