البروفسور الأب يوسف مونس
يا مريم
أيتها العروس التي لا عريس لها، ملكة الإيمان والرجاء والمحبة، أنتِ حقاً أم الله ولكِ تطويب جميع الأجيال، لأن الرب يسوع تجسد منك وصار إنساناً لأجلنا، ودعاك في سفر نشيد الأناشيد أن تأتي معه من لبنان، “من واديه من وكر النسور الشاهق، من أفياء الأرز العابق”، أنت السوسنة النقية، أنت الوردة العطرة الفواحة، فاض منك الماء الحي يا مريم، أنت نبع النعم ومنك أشرقت الثمرة بكر الآب.
السلام عليك يا ممتلئة نعمة، الرب معك.
أنت يا برج، يا برج داود يا أرزة لبنان، بيت الذهب، أنتِ العذراء البتول والأم وقد أعطيت الكون معطى الحياة، أنتِ سلوى قلبنا ونور دربنا نحو السماء. فيك ظهر سيد النور، أيتها العرش الإلهي ورسالة الرجاء والحب والطاعة، بك صار الله معنا، عمانوئيل يا نجمة الصبح وتابوت العهد الجديد.
عذراء مذهلة أنتِ كما قال مار أفرام السرياني في أناشيده الرائعة عنك (+373).
ولدت الحياة للعالم، شجرة حياة أنتِ، حققت نبوءة الأنبياء أنتِ العليقة التي رآها موسى وهي تتوقد بالنار ولا تحترق (سفر الخروج 3/ 1-6).
أنتِ جزارصوف التي تكلم عنها جدعون في سفر القضاة (6/34-40).
أنتِ التشيد الذي هتفت به حنّة النبيّة في سفر الملوك الأول (4/1- 10).
أنتِ تابوت الله الذي تكلم عنك داود في سفر الملوك الثاني (6/9- 12).
أنتِ سحابة الحصر التي تكلّم عنها النبي إيليا في سفر الملوك الثالث (18/41- 46).
أنتِ هيكل سليمان حيث سكن الله كما جاء في سفر الملوك الثالث (8/ 22- 24، 26-30).
أنتِ قارورة الزيت التي تكلم عنها إليشاع في سفر الملوك الرابع (4/ 1-7).
أنتِ المرأة الفاضلة التي تكلم عنها سفر الأمثال (31/ 10/ 31).
أنتِ الحكمة التي تكلّم عنها يشوع ابن سيراخ (24/ 1-16- 24 – 38- 47).
أنتِ كما قال سفر يشوع بن سيراخ كالأرز في لبمتم وكالسرو في جبال حرمون (24/17- 32).
أنت باب القدس الشرقي المغلق الذي لم يدخله أحد غير الله القدوس (حزقيال 44/ 1 -5).
أنتِ السر الذي تكلّم عنه دانيال النبي أمام الملك نبوخذنصر عندما فسّر له حلمه عن التمثال من ذهب وفضة ونحاس وحديد وخزف وقد ضربه حجراً فحطمه (دانيال-2 / 27-35).
أنتِ التي تنبأ عنك أشعيا فأعلن أن “الله، عمانوئيل، الله معنا”، أنتِ الآية التي أعلنها أشعيا: “ها إن العذراء تحبل وتلد ابناً وتدعو اسمه عمانوئيل” (أشعيا 7/ 10- 15).
القديس رابولا أسقف الرها (+435)
قال عنها القديس رابولا أسقف الرها (+435) إن مريم هي حقاً “أم الله”، إنها حقاً أم الله الكلمة بإرادته وليس له بطبيعته الذاتية أم في السماء… لا تقول إنها قد ولدت الإله الكلمة بطبيعته الذاتية… إنها لم تلد الطبيعة الإلهية… لكن لأنه منها ولد الاله الكلمة المتأنس. إن ربنا لم يأخذ من البتول مريم مبدأ كيانه القديم… لكنه ظهر من البتول مسيجاً بالطبيعة البشرية رحمة منه، فهو الله فوق كل كائن…”
القديس كيرلس الأورشليمي (+ 383)
تجسّد الابن من الروح والعذراء واقع حقيقي.
أمن بأن هذا الابن الوحيد لله نزل من السماء إلى الأرض بسبب خطايانا، وأنه أخذ طبيعتنا البشرية المعرضة للألم، وولد من القديسة العذراء ومن الروح القدس. وهذا التجسد لم يتمّ بحسب الفكر أو بحسب المظهر، بل تم بالفعل، وجاء من العذراء لا كمن يمرّ بقناة، بل أخذ فعلا جسداً فيها. ورضع منها فعلا، وأكل وشرب مثلنا فعلا. فلو كان التجسّد مظهراً لكان الخلاص مظهراً أيضاً. كان المسيح مزدوجاً: إنسان في ما كان يُرى، وإله فيما كان لا يُرى، وكإنسان كان يأكل مثلنا، وكان له جسد معرّض للآلام، ولكنه كإله أطعم خمسة آلاف رجل خبزاً، ومات فعلا كإنسان، وكإله أقام ميتاً بعد أربعة أيام، ونام فعلا في السفينة كإنسان، وكإله مشى على الماء (العظة 904).
القديس بريزوس (+1153)
حدقوا إلى مريم، إلى هذه النجمة، أنتم الذين تسيرون في بحر هائج مليء بالعواصف والزوابع، “إن ثارت عليكم رياح التجارب أو صدمتكم المحن، فالتفتوا إلى النجمة وادعوا مريم”.
وإن ثارت عليكم رياح التجارب، أو صدمتكم المحن، فالتفتوا إلى النجمة وادعوا مريم.
إن أحاقت بسفينتكم القلقة أمواج الغيظ أو البخل أو الشهوة، فارفعوا النظر إلى مريم.
وإن رزحتم تحت أثقال الإثم، وأثخنت نفسكم جراحه المشينة، وهلعتم من شؤم الدينونة، وأخذت روحكم تغوص في لجة من الحزن واليأس فاذكروا مريم.
في المخاطر والحيرة والشدائد، عودوا إلى مريم وادعوها، ولا يبرحن ذكرها شفاهكم ولا قلوبكم، كيلا تخطئكم شفاعتها، ولا تنسوا أن تتمثلوا بها، وإن أنتم اقتفيتم أثرها، فلن تضيعوا، ولو استغثتم بها، فلن تيأسوا، أو تأتملتموها، فلن تضلوا… فبعونها لا خوف عليكم، وتحت حمايتها لا خطر عليكم، وفي إثرها لن يدرككم العياء.
إن هي رضيت عنكم، بلغتم ميناء السلام.
القديس يوحنا الدمشقي (+ 746)
رموز العذراء في العهد القديم
لقد أصبحت يا مريم جنة عدن الروحية أقدس وأرفع من القديمة. ففي الأولى كان يسكن آدم “الأرضي”، أما فيك فيحلّ الرب الآتي من السماء. لقد مثلتك سفينة نوح التي أنقذت الخليقة الثانية: لأنك ولدت المسيح خلاص العالم، الذي غرّق الخطيئة وسكّن أمواجها.
أنتِ التي رمزت اليكِ، تصوّرتكِ العليقة ورسمتكِ الألواح التي خطتها يد الله، وأخبر عنكِ تابوت العهد ومـثلتكِ مـجمـرة الذهب والـمنارة ولوحا العهد وعصا هارون التي أفرخت ، وُلد منكِ من هو شعلة الألوهية “تعريف الأب وتعبيره”، الـمن السمـاوي العذب، الاسم غير المسمى “الذي يسمو على كل اسم”، النور الأزلي الذي لا يُدانى، أكاد أغفل عن سلم يعقوب، ماذا؟ ألا يتضح لكل أحد انه كان صورة عنكِ؟، فكما أن يعقوب رأى السماء متصلة بالأرض بطرفي السلّم، وعليه ينزل الـملائكة ويصعدون، وقد اشتبك معه فى صراع رمزي القوي الذى لا يُغلب، هكذا أصبحتِ أنتِ الوسيطة والسلم الذى نزل عليها الله نحونا، وحمل ضعف طبيعتنا وامتزج بها، وجعل من الإنسان روحاً يرى الله.
ومـا قولي في أيات الأنبياء، ألا يجب أن تعود اليكِ إذا شئنا أن نثبت صحتها؟ ما هي تلك الجزّة التي شارك فيها داود، والتي ينزل عليها كالمطر لبن الملك وإله الجميع، الذي لا بداية له ويملك كأبيه، ألست بكل تلك الجزة؟
من هى العذراء التي قال عنها أشعيا: إنها تحبل وتلد إبناً يدعى “الله معنا”، أي أنه يظل إلها ولو صار إنساناً؟.
من هو جبل دانيال الذي قُطع منه بغير يد بشرية، حجر الزاوية، التي هى الـمسيح؟ أليس هو أنتِ التي حبلت بلا زواج ومازلت دائما عذراء؟ (عظة الانتقال).