“متفرّد في نحالته، حاضر دائم في المنتديات النازعة للتغيير، نموذج لجيل أنتجته إصلاحات العهد الشهابي”… بهذه الكلمات وصف الدكتور فارس اشتَي المحامي سليمان تقي الدين، في مستهل كلمته التي ألقاها في حفل تكريم تقي الدين، في 13 مارس الماضي، ضمن “أعلام الثقافة في لبنان والعالم االعربي” في المهرجان اللبناني للكتاب الذي تنظمه الحركة الثقافية- أنطلياس ، ولم يكن يعلم أنه سيشارك في التكريم الأخير للكاتب والمحامي سليمان تقي الدين الذي غيبه الموت الأربعاء 22 إبريل.
أضاف أشتي: “كان عضوًا في منظمة العمل الشيوعي وكاتبًا في مجلّتها. ورغم كلّ الحروب والصدمات الّتي مرّت على لبنان، بقي الأمل مشتعلًا عند المحامي تقي الدين. انكب على التأليف، لم يغره مال الحرب بل ظلّ يعمل بجهدٍ حتى غلبه المرض”.
بدوره أكد المحامي هيكل درغام أنّ هذا التكريم هو تحيّة تقدير لجهود الكاتب والصحافي والباحث المحامي سليمان تقي الدين في “بناء الوجه المشرق لصرح الثقافة الوطنيّة الّبنانيّة والعربيّة”.
أضاف: “هو محامٍ ممارس وُلد في بعقلين، ونائب رئيس لجنة الدفاع عن الحريات العامة وحقوق الإنسان في نقابة المحامين. شارك في إقرار قانون أصول المحاكمات الجزائيّة. له مؤلّفات قانونيّة، دراسات قانونيّة ومؤلفات في التاريخ والأدب وفي الشعر. ثابر في رفع شأن المحاماة وقام بمحاولات تجريبية حوارية وطنية بين جميع اللّبنانيين. يعتبر في مصاف كبار علماء الثقافة الّذين خدموا القضيّة الوطنيّة بنبل وبإخلاص”.
في كلمته في الحفل تحدّث المحامي سليمان تقي الدين عن أزمتين شهدهما لبنان، الأولى الحرب الأهليّة بين 1975 و1990 والثانية انفجار المسألة الشرقية بعودة القضيّة الفلسطينيّة إلى الحضور. وأضاف أنّ المسألة الطائفيّة سيطرت على السياسة في حين أنّ المسألة الفلسطينيّة كانت دليلًا على “تعليق مشكلات تفكك الإمبراطورية العثمانية” وتدفيع العرب ثمن الحربين الأولى والثانية. ثمّ تحدّث عن انخراطه في العمل السياسي، مشيرًا إلى أنّه لم يكن مسألة طموح شخصي بل كان نابعًا من “تكوين ذاتي تلبّسته الأفكار اليساريّة”.
تابع أنّه حاول منذ بداية التسعينيات أن يعيد إحياء الفكرة المدنية. وذكر بعض الموضوعات الراهنة الّتي كتب عنها كالمسألة الطائفية والعرب والمسألة السياسية والمشروع اللّبناني الصعب وغيرها من المواضيع، مشيرًا إلى أنّ لبنان يبقى مشروعًا غير ناجزٍ ككل مشروع في التفكير السياسي. وفي نهاية كلمته، شكر الحركة الثقافيّة أنطلياس على هذا التكريم، متمنيًّا أن تتقدّم في اتّجاه النضال الثقافي.
بعد ذلك كانت كلمات شهادات بالمحتفى به من أصدقائه وقادريه، فأشادوا بشخصيّته الفذّة ونشاطه الفكري والسياسي والاجتماعي الّذي سجّل علامة إيجابيّة فارقة في حياتنا العامّة اللّبنانيّة والعربيّة.
وفي الختام، قدّم الدكتور أنطوان سيف، أمين عام الحركة الثقافية، درع تقدير للمحتفى به، ونسخة عن عامية أنطلياس الشهيرة، عامية 1840، ونسخة عن شهادة التكريم.
أبرز مؤلفات سليمان تقي الدين
– التطور التاريخي للمشكلة اللبنانية، مقدمات الحرب الأهلية، دار ابن خلدون، بيروت، 1977.
– العرب والمسألة السياسية. دار الكاتب بيروت، 1984.
– المسألة الطائفية في لبنان، الجذور والتطور التاريخي، دار ابن خلدون، بيروت 1985.
– تحولات المجتمع والسياسة، أفكار عن عالم جديد، دار الحداثة، بيروت، 1992.
– القضاء في لبنان، دار الجديد، بيروت، 1996.
– القضاء اللبناني، بناء السلطة وتطوير المؤسسات. المركز اللبناني للدراسات السياسية، بيروت، 1997.
– سيرة الأديب سعيد تقي الدين، مؤسسة التراث الدرزي، بيروت، 2004.
– أشكاليات الديمقراطية في العالم العربي، الأسكوا بيروت، 2004.
– المقدمة في أصول المحاكمات الجزائية، معهد حقوق الانسان، نقابة المحاميين في بيروت، 2002.
– المشروع اللبناني الصعب، دار الفارابي، بيروت، 2009.
– العرب في مخاض التغيير، دار الفارابي، بيروت، 2012.