اختتمت الجمعية اللبنانية لتقدّم العلوم مؤتمرها الدولي السنوي الحادي والعشرين الذي نظّمته هذه السنة مع جامعة القديس يوسف بمناسبة عيدها ال140 وبالتعاون مع المجلس الوطني للأبحاث العلمية في لبنان، وقد حمل المؤتمر هذه السنة عنوان “آفاق 2020: التقدّم العلمي والتكنولوجي” وأُقيم في قاعة بيار أبو خاطر – حرم العلوم الإنسانية – جامعة القديس يوسف.
حضر حفل الختام وزير الثقافة روني عريجي، رئيس جامعة القديس يوسف الأب البروفسور سليم دكّاش، ممثّل النائب ستريدا جعجع الإعلامي مارون مارون، بالإضافة إلى رؤساء جامعات لبنان وومثليهم.
بعد النشيد الوطني اللبناني كانت كلمة لرئيس الجمعية اللبنانية لتقدّم العلوم البروفسور نعيم عويني اعتبر فيها أنّ “للبحث العلميّ أهمية كبيرة في المؤسسات الجامعية فهو أحد المعايير التي يتم التركيز عليها لتقييم الجامعات ولحصول أي جامعة على الإعتماد المؤسساتي. أما المختبرات فتعدّ السند الأكبر للأبحاث وهي تؤكّد على النوعية والجودة العالية التي تتمتع بها الأبحاث الصادرة عن مؤسسات التعليم العالي في لبنان. وهنا اسمحوا لي أن أؤكد أن الجمعيةَ اللبنانيةَ لتقدّم العلوم تفتخر بتعاونها هذه السنةَ مع جامعة القديس يوسف، فهذه المؤسسة الأكاديمية العريقة طبعت اسمها في لبنان وخارجه فانتشر طلابها في بقاع الأرض كافّة حاملين معهم إنجزاتهِم العلمية والبحثية”.
وأضاف: “لطالما قلت أنّ البحث العلمي يرتبط بسياسات الجامعات وبتشجيعها لأساتذتها وخلق الأجواء اللازمة للقيام بالأبحاث العلمية والتي تعتبر بمثابة التغطية الذهبية للعملة الوطنية والتي تضمن واقعنا ومستقبلنا”.
وأكّد عويني “وضع إمكانياتها بتصرّف الدولة اللبنانية والجامعات وذلك لمساعدة قطار التطوّر على التقدّم أكثر فأكثر”.
كما أشار إلى أنّ “الجمعيةَ اللبنانيةَ لتقدّم العلوم تشجّع من خلال “جائزة التميّز” التي تقدّمها سنويا في مؤتمرها، تشجّع الباحثين اللبنانيين على الاستمرار والتفاؤل على الرغم من أن القطاع الخاص ما زال شبه غائب عن المساهمة في دعم الأبحاث العلمية”.
حمزة
ثم كانت كلمة لأمين عام المجلس الوطني للأبحاث العلمية البروفسور معين حمزة رأى فيها أنّ “هذا المؤتمر يُعَدّ ظاهرة مريحة نعتزّ بها وهذا دليل على التزام الجامعة والمسؤولين عنها بالأبحاث العلمية وبضرورة تطوّرها” مؤكّداً أنّه “تقليد أكاديمي حضاري، وهو يشهد هذه السنة على حضور متزايد عن السنوات السابقة وهذا خير دليل على اهتمام الناس بالأبحاث العلمية أكثر فأكثر”.
وأشار حمزة إى أنّه “علينا كمؤتمنين على التعليم متابعة تقدّم الأبحاث العلمية من خلال برامج الدعم في الجامعات وفي المجلس الوطني للأبحاث العلمية”.
وأضاف: “وصلت الأوراق العلمية والأبحاث التي قُدِّمَت في المؤتمر إلى 560 وهذا دليل على أنّ المؤتمر غنّيٌّ، ما ميّزه هذ السنة أنّ الطاولات المستديرة عُقِدَت بحضور ممثلين عن قطاعات الإنتاج وهيئات المجتمعأ كما أنّ مواضيع الطاولات المستديرة تنوّعت هذه السنة ما بين الثقافة العلمية وعلوم الإنسان والمجتمع”.
دكّاش
تحدّث رئيس جامعة القديس يوسف الأب البروفسور سليم دكّاش مؤكّداً أن “هذا الحدث هو فعلٌ يترك أثراً على تاريخ من التواريخ، لا بل يصنع التاريخ، ومؤتمركم الذي أقامته الجمعيّة اللبنانية لتقدّم العلوم وجامعة القديس يوسف في هذا العام بمشاركة العديد من الشركاء من القطاع العامّ، متمثّلاً بوجود عشرة وزارات، وشركاء من القطاع الخاصّ متمثّلاً بمشاركة العديد من الشركات، هذا المؤتمر بيّن أنّ الأبحاث لم تعد مسألة تتعلّق ببعض العلماء الذين تُسكِرُهم رائحة الكبريت والتركيبات الكيميائية الأخرى، بل هي رسالة لبنانيّة وهاجس جماعيّ بحيث أنّه لم يعد يتسنّى لنا فهم العلوم المعاصرة إلّا بإقامة صلة بين المنطق الخاصّ والنشاط العلميّ ومكانة النشاط في الحياة الاجتماعيّة والسياسيّة”. وأضاف: “هذا الحدث هو ذات أثر من جرّاء هذا التفاعل الرائع بين الجامعات وبين الجامعة والسلطة العامّة والقطاعات الصناعيّة والاجتماعيّة. وهكذا، يصبح هذا المؤتمر وعداً، بمعنى أنّه يتوجّب علينا مساندة البحث حتى لا يتمّ عزله داخل أربعة جدران، بل يصبح محرّكاً أساسياًّ للتنمية والتحوّل الاجتماعي. من الواضح اليوم، ومقارنةً مع الممارسات الدولية، أن البحث لا يمكن أن يُدعم من ميزانيّات الجامعة فقط ومصدرها هو الأقساط الدراسيّة التي يدفعها الطلّاب ولكنّه يمكن أن يُدعم بصفة خاصّة من جرّاء مشاركة الشركات في تقديم خدماتها في المقابل”.
ورأى دكّاش أن “التنشئة على القيام بالأبحاث يتطلّب نفحة من الصبر والكفاية والقناعة بأنّ الأبحاث العلميّة، في كلّ تسمياتها، ليست عملاً مرفّهاً ويسيراً أو حتّى انشغالاً هامشيّاً أو عنصراً أساسياًّ من اجل تبوّء منزلة أعلى، بل نشاطاً أكاديميّاً حقيقيّاً يساهم في تعزيز علم المعرفة والتعليم. المعلّم الباحث الذي بيحث هو معلّم يدقّق في مناهجه العلميّة ضمن اختصاصه ليتمكّن من تدريسها وهو الباحث الذي يبحث عن الجديد على مستوى الإستمرارية التي يتوجّب عليه أن ينقلها”.
عريجي
أما وزير الثقافة روني عريجي نوّه بجامعة القديس يوسف قائلاً: “تتمازج في النفس مشاعر التقدير للصرح العلمي الكبير الذي أقف اليوم متحدّثاً إليكم في كنفه، صرح جامعة القديس يوسف، لما قدّمه من خدمات في مجالات العلم والمعرفة والثقافة، جيلاً بعد جيل، بمشاعر الاعتزاز بكل السّاعين إلى وضع لبنان على سكّة التقدّم العلي والتكنولوجي، مؤتمراً تلو مؤتمر، بروح المسؤولية الوطنية التي تعقد خطى العاملين في الجمعية اللبنانية لتقدّم العلوم، والمجلس الوطني للأبحاث العلمية في لبنان”.
وتابع: “وترتسم في الخاطر، في الوقت عينه، صورة وطن عانى ما عاناه، في العقود الأربعة الأخيرة، لكنه تمسّك بدوره كرسول للكلمة في محيطه العربي والعالم، وكنبراس للعلم والمعرفة، رغم كل ما استنزف قواه من عوامل، وهجّر أدمغته من ظروف، ويواصل عرقلته من تداعيات”.
ولفت عريجي إلى أنّه “بمجرّد أن يكون نصف قرن قد مرّ على تأسيس الجمعية اللبنانية لتقدّم العلوم، وأن تكون النيّة لا تزال منعقدة للتعاون والتواصل بين الباحثين اللبنانيين المقيمين والمنتشرين، وللانفتاح على العرب والعالم، ولخلق بيئة حاضنة للعلم والعلماء، فمعنى ذلك أن اللإيمان بلبنان يحفّز أهل العلم والعملاء للوصول به إلى المكانة المرتجأة”.
ورأى أن “الغاية من تنظيم مؤتمركم الحادي والعشرين هذا، سوى السعي لتدارس ما يعترض سبيل التقدّم العلمي والتكنولوجي، وما يستوجبه ذلك من توجّهات أكاديمية وإنمائية. وما من أحد منّا ينكر أن توجهات كهذه لن تتم بين ليلة وضحاها، وإنها تستلزم وضوحاً في تشخيص العقبات، وعزماً على تذليلها. كما تستدعي كسر الجمود العلمي لمجتمع بكامله، بدءاً من المدرسة، والجامعة، وصولاً إلى مؤسسات البحث العملي. بما يمكّننا من التضييق التدريجي لفجوة التقدّم العلمي القائمة بيننا وبين الغرب”.
وطالب عريجي الجميع “بثّ روح الشغف بالعلم في قلب مجتمعنا كي تكون لنا، ذات يوم، فيما إذا تعمّمت وترسّخن، عوناً على التقدّم العلمي والتكنولوجي المأمولين. لأن التقدّم لا ينتظر المتخلّفين عن الالتحاق بركبه، أو يعطيهم مهلة لالتقاط أنفاسهم”.
وخيتم: “ولا أحيد عن الصواب إذا قلت في الختام، أن التوصيات التي سيخرج بها مؤتمركم، بعد قليل، ستنطوي على ما يفيد وينفع ويوجّه نواظرنا إلى المستقبل العلمي في لبنان، بشكل أوضح”.
دروع وجوائز:
في ختام المؤتمر قدّم الأب دكّاش ميدالية الـ 140 سنة لجامعة القديس يوسف إلى الوزير عريجي، كما قدّم البروفسور عويني درعاً تقديريةّ للوزير.
وقدّمت الجمعيّة اللبنانية لتقدّم العلوم جائزتي التميّز العلمي إلى كلّ من الدكتورة والباحثة نيللي أرنولد والدكتور والباحث توفيق رزق وذلك تقديراّ لأعمالهما البحثية وأوراق العمل العلمية التي نشراها في العديد من المجلّات العلمية والمؤتمرات.
كما تمّ توزيع ميداليات للمشتركين في المؤتمر عن أفضل بحث علمي قدّم على شكل بوستر إلى:
- كوثر بريش من الجامعة الاميركية في بيروت عن فئة العلوم البيولوجية، الطبّية، الصيديلية والصحّة
- جويس روحانا من جامعة الروح القدس – الكسليك عن فئة العلوم التربوية
- جويل نادر من جامعة القديس يوسف عن فئة العلوم الهندسية
- جويس خير من جامعة القديس يوسف عن فئة البيئة، السلامة الغذائية والعلوم الزراعية
- ميراي مكاري الجامعة اللبنانية العالمية عن فئة الرياضيات وعلوم الحاسوب
- فيفيان توما من جامعة القديس يوسف عن فئة العلوم الاجتماعية والإنسانية، والعلوم الاقتصادية والإدارية
- ريمون حاج من الجامعة اللبنانية عن فئة الكيمياء والفيزياء والعلوم النظرية والتجريبية
كما حصل مشتركون باحثون على ميداليات عن أفضل عرض شفهي للأبحاث، وقد ربح:
- بلال القادري من الجامعة اللبنانية العالمية عن فئة العلوم البيولوجية، الطبّية، الصيديلية والصحّة
- إيمان شعبان من الجامعة اللبنانية عن فئة العلوم التربوية
- الياس ديب من جامعة القديس يوسف عن فئة العوم الهندسية
- كريستابيل الفحل من جامعة سيدة اللويزة عن فئة البيئة، السلامة الغذائية والعلوم الزراعية
- ميشال طبيب من الجامعة الأنطونية عن فئة الرياضيات وعلوم الحاسوب
- نزار حريري من جامعة القديس يوسف عن فئة العلوم الاجتماعية والإنسانية، والعلوم الاقتصادية والإدارية
- وديع سكاف من جامعة الروح القدس – الكسليك وجامعة القديس يوسف عن فئة الكيمياء والفيزياء والعلوم النظرية والتجريبية