رنا خير الدين (الحصاد)
“شهرياد” ملتقى ثقافي يجمع بين محبي الشعر والشعراء، بين أهل الفكر والنقاد والثقافة والاعلام، بين الإعلاميين والطلاب، كل هؤلاء يجتمعون في ملتقى الرابطة الثقافية، التي تعزز روح النهضة الثقافية في بيروت التي طالما حضنت الفلاسفة والشعراء وأهل الفن. لهذه الرابطة الثقافية أهداف وهي إلغاء “الأنا” والتشديد على وحدة “نحن“.
في “شهرياد” تسقط المراكز والمناصب، ويخاطب فيها العقل بالعقل، والكلمة بالكلمة. لا مكان الذاتية الأنانية، ولا للمطامع المادية بل المطمع الوحيدإحياء الحضارة الثقافية من خلال دمج الشعر والموسيقى والرسم في ليلة واحدة لتكون ليلة شعرية وليلة من ألف ليلة وليلة.
هنا في بيروت في مقهي West Ave، يجتمع محبو الشعر مساء كل ثلاثاء، يتمتعون بالاستماع للشعر والموسيقى ويشاهدون كيف يرسم الرسام معاني الكلمات بريشته، ثم يتبادلون الأحاديث العذبة ويتناقشون حول ماهية الشعر.وكما للشعر أهمية فإن “شهرياد” أعطت لمحبي الأفلام القصيرة فرصة للتعبير عن ذاتهم وأفكارهم، من خلال عرض مساء كل أربعاء في المقهى ذاته أفلاما من إنتاج الطلاب المبتدئين وغيرهم من رواد السينما وعشاقها.
كان لـ”الحصاد” لقاء مع أحد مؤسسي “ملتقى شهرياد” الشاعر مكرم غصوب الذي شرح لنا كيف بدأت الحكاية، واستوقف عند وصف اندماج نغمات الألحان مع الأحلام الشابة الإبداعية التي تترجم بالألوان والريشة.
“الحصاد“: من أين جاءت فكرة “شهرياد”؟
مكرم غصوب: عندما ترجمت جامعة بون في ألمانيا المجموعة السابعة للشاعر اللبناني نعيم تلحوق وعنوانها “يغني بوحاً” إلى الألمانية أرادت الجامعة ترجمة مجموعته التاسعة فعرض تلحوق عليها استبدال هذه الترجمة الخاصة به بأنطولوجيا لبنانية تجمع عدداً من الشعراء اللبنانيين، فعهدت إليه الجامعة اختيار المجموعة، وهكذا اختار تلحوق 20 شاعراً وشاعرة من لبنان. تجدر الإشارة، إلى أن أعمال هؤلاء الشعراء ستترجم وتستخدم في المواد التدريسية في الجامعات الألمانية.
كانت فكرة إقامة الملتقى في أحد المقاهي في بيروت وكانت مميزة ورائقة، حيث قررت مجموعة الشعراء والقائمين على “شهرياد الثقافي” ومنهم نعيم تلحوق، زاهي العريضي، رامي كنعان، مهدي منصور ونسرين الأشقر ومحمد ناصر الدين جعل الملتقى في أحد مقاهي بيروت، وتكون فكرته عبارة عن أمسيات شعرية تضم الموسيقى والرسم في أمسية واحدة، وخلال أمسيات أخرى تعرض الفنون الباقية كعرض الأفلام السينمائية القصيرة.
“الحصاد“: ما أصل تسمية “شهرياد”؟
مكرم غصوب: “شهرياد” هو دمج اسمَيْ شهرزاد وشهريار. كانت فكرة الاسم لرامي كنعان وهي استعادة الأسطورة بقالب شعري فنّي، حيث تتم استضافة شاعرة وشاعر في حوارية شعرية ترافقهما الموسيقى. “شهرياد” في لياليها تتيح التفاعل بين الشعراء من كل المناطق اللبنانية، وكل الانتماءات وتعمل على تحطيم كل الحواجز الوهمية الموروثة.الجدير بالذكر أيضاً، أننا اكتشفنا مصادفة أن معنى “شهرياد” هو “ذاكرة المدينة” باللغة الفارسية، وهذا هو هدف“شهرياد” الذي يتلخص ببعث النهضة الثقافية من ذاكرة المدينة.
“الحصاد“: ما هي شروط المشاركة في “ليالي شهرياد الشعرية”؟
مكرم غصوب: أرتأت “شهرياد“، أن تربط الشاعر بالمنشور، أي أن يكون للشاعر،أو الشاعرة، إصدار شعري، وذلك لتعزيز الرغبة في الحفاظ على قدسية الكتاب وقيمته في زمن الضوء، حيث إنّ الكتابة في الضوء (أي الانترنت) كالمحو، لا تحمّل صاحبها مسؤولية أقواله وأفكاره.
“الحصاد“: من هم مؤسسو هذا الملتقى؟
مكرم غصوب: مؤسسو “شهرياد“، هم عدد من شعراء الأنطولوجيا، الأب برعاية الشاعر نعيم تلحوق، والدكتور النفسي محمد وهبي. وليس في “شهرياد” مكانات أو مراكز أو مناصب فالكل سواسية، والجميع لديه دور فعال في“ليالي شهرياد“، علماً أن الانضمام لـ”شهرياد” من دون مقابل مادي، وليس لهذا الملتقى تمويل مادي، فهذا الحراك الثقافي ليس هدفه الربح المادي، بل تفعيل الثقافة بفنونها، هذا ما يجذب الشعراء والطلاب الجدد ومحبي الموسيقي والرسم إلى “شهرياد“.
“الحصاد“: لماذا اخترتم بيروت مركزاً للملتقى؟
مكرم غصوب: أردنا بـ”شهرياد” أن نبحث عن الثقل الثقافي في لبنان. وكانت بيروت في أوائل هذا القرن مركزاً للفلاسفة والشعراء والمفكرين خصوصاً منطقة “الحمرا _ رأس بيروت“، لذلك أحببنا أن نقوم بنوع من بعث الروح الثقافية من المدينة، وانطلقنا من بيروت لتجديد هذه الروح في مناطق لبنانية أخرى كراشيا وجديتا وغيرهما وهناك قائمون على “ليالي شهرياد” بشكل متواصل.
“الحصاد“: إلى أي مدى تسمح شهرياد للجيل الجديد بالانطلاق والظهور؟
مكرم غصوب: “شهرياد” منصة للشباب، تسمح للحالات الإبداعية من الظهور وتؤمن لهم البيئة الملائمة للانطلاق. الشباب يستفيدون من “شهرياد” لإحياء إبداعاتهم وفنونهم، و”شهرياد” بابها مفتوح أمام الجميع بعيداً عن الطوائف والمحسوبيات والتقسيمات.
“الحصاد“: كيف تجري التحضيرات لأمسيات “شهرياد” الشعرية؟
مكرم غصوب: أولاً: يتم اختيار الشاعر والشاعرة حسب النص الشعري. ثانياً: يتم الإطلاع على النصوص، اذ يجب أن تتلاءم اللغة والأسلوب الشعري بين الشاعرين، أي اذا كان شعر الشاعر مكتوبا باللغة المحكية يجب اختيار شعر آخر باللغة المحكية، كي يكون بينهما حالة اندماج حقيقية.ثالثاً: يتم الاتفاق مع الموسيقيين، والرسام.رابعاً: يعلن عن الدعوة على مواقع التواصل الاجتماعي على صفحة “شهرياد” الرسمية على الفيسبوك، وينزل الإعلان في عدد من الجرائد.
“الحصاد“: هل ثمة مواضيع ممنوع مناقشتها في “شهرياد”؟
مكرم غصوب: هناك حرية مطلقة في “شهرياد“، وكل ما يهين الكرامة الانسانية غير مرغوب به في “شهرياد“. حتى الآن لم نشهد حالات تسئء بالكرامة أو تجرح بالآخر لاختلافه، وكل المواضيع مسموحة من سياسة إلى مشاكل المجتمع وغيرها. وأي حالة يريد الشاعر إيصالها يمكنه التعبير عنها بحرية وصراحة، كما وأن المترددين إلى “شهرياد”على انفتاح كبير في عدم الإساءة أو التجريح بالكرامات الانسانية.
“الحصاد“: ماذا تضيف “شهرياد” للثقافة العربية؟
مكرم غصوب: يأتي شعراء إلى “شهرياد” من كل الدول العربية، كما أن بعض الدول العربية كالجزائر أقامت احتفالات مقتبسة من “شهرياد” تحت اسم “شهريادات” ونقلوا فكرة الدمج بين الشعر والرسم والموسيقى، فـ”شهرياد” حركة عربية ثقافية تسمح بالاختلاط الثقافي بين هذه الدول وتنوعه.
“الحصاد“: ما هي رسالة شهرياد؟
مكرم غصوب: غاية “شهرياد” بعث نهضة فكرية ثقافية، تفعّل مفهوم الـ”نحن” مع الحفاظ على فرادة كل “أنا“، ولأن أرقى تظهير للحب يكون في الشعر والفنّ، ولأن الحبّ لا يؤخذ إلا بعطائه، “شهرياد” موجودة لتحبّ شعراً وموسيقى ولوناً وتمثيلاً وإخراجاً، ولتمجّد الله والإنسان في طقوس الحق والخير والجمال.
“شهرياد السينما“
عن “ليالي شهرياد السينمائية” كان لـ”الحصاد” لقاء مع الناشطة الثقافية ومنظمة لأمسيات “شهرياد” السينمائية الفنانة قمر سخن، التي حدثتنا عن كيفية تنظيم الليالي الشهريادية التي تعرض فيها أفلام سينمائية قصيرة ينجزها طلاب متخرجون من قسم الإخراج والسينما والإعلام من الجامعات اللبنانية كافة؟
وأوضحت قمر أن مساء كل أربعاء تكون “شهرياد” على موعد مع ثلاثة أفلام قصيرة متنوعة لطلاب، بدءاً من االساعة الثامنة والنصف في مقهى WestAve – الحمرا، وبعد عرض الأفلام يفتح باب المناقشة مع مخرج أو مخرجة الفيلم والمشاهدين، من مفكرين وشعراء وإعلاميين وصحافيين، ويتم التطرق إلى أسباب اختيار فكرة الفيلم ورسالته وهدفه.
تضيف قمر أن السينما في برنامج “شهرياد” بدأت منذ حوالى عشرة أشهر، اذ تسمح “شهرياد” سينما للشباب والشابات بفرصة عرض مشاريع تخرجهم أو إبداعهم أمام عدد من محبي الأفلام، أي هي وسيلة لإعادة إحياء فكرة الفيلم، ومشاركة صانعيه مع مجموعة جديدة من الناس، بهدف تعزيز الثقافة والتنوع والاختلاط الفكري السينمائي.
تتابع: “تستضيف “شهرياد” وتكرم ممثلين معروفين كان آخرهم، الممثل مجدي مشموشي، وقد قررنا تكريمه لدعمه وتعاونه الدائم مع الطلاب لإنتاج أفلام على المستوى المطلوب، لذا كانت هناك ليلة خاصة بمشموشي عرض خلالها جميع الأفلام التي شارك فيها مع الطلاب. وتجدر الإشارة، أن كل شهر يجري تكريم ممثل ساعد الطلاب في إنتاج أفلامهم القصيرة”.
*****
(*) Alhasad.co.UK